هل تعجل إيران بالحرب؟

الحرب أولها الكلام، وحرب الكلام أو التصريحات، بين إيران والغرب وإسرائيل، مفتوحة على مصراعيها، وها هي طهران تقحم دول المنطقة جميعا في حربها الكلامية، والتي قد تتطور بسرعة إلى مواجهة عسكرية، وذلك بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز في حال تم فرض حظر على النفط الإيراني. التهديد بإغلاق مضيق هرمز أشبه بإعلان الحرب، ليس على دول الخليج، بل على العالم أجمع، من خلال استهداف الاقتصاد العالمي بتعطيل قرابة 40 في المائة من النفط المنقول بحرا عبر ذلك المضيق. وهذا لا يعني أن إيران استعجلت الحرب المتوقعة، بل إنها تضفي عليها شرعية وقبولا، من قبل المجتمع الدولي، فتهديد الاقتصاد العالمي من خلال استهداف النفط يعد عملا أخطر وأكبر من استهداف الأبراج في نيويورك في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. فحينها ستجد إسرائيل أنها محاطة بتحالف دولي غير مسبوق من أجل تكسير عظام النظام المتهور في إيران.

والتصريحات الإيرانية المهددة بإغلاق مضيق هرمز لا تعني فقط أن النظام الإيراني في ورطة، بل إنها تكشف العقلية التي تدار بها الأمور في طهران، وهي الابتزاز والتهديد والتعامل مع دول الخليج كرهائن لدى طهران. فإذا كان ملالي إيران يتفاوضون مع الغرب من خلال التلويح بورقة إحراق الخليج العربي، وتدمير مصالحه الحيوية كلما تعقدت أمورهم مع وكالة الطاقة، أو غيرها من المنظمات الدولية، فكيف ستتصرف إيران مع دول المنطقة، وتحديدا الخليج، في حال امتلكت طهران القوة النووية؟ والمقصود ببساطة هنا أن أوراق القوة لدى إيران هي التخريب، وتهديد الخليج، فكيف إذا أصبحت إيران قوة نووية؟

البعض يراهن على أن السلاح النووي قد يرشد إيران، أو يعقلنها، وهذا تسطيح شديد، فإذا كانت إيران تتاجر بالدين، وتزداد جنونا، فكيف بها وهي ترتشف كأس القوة النووية؟ وخطورة إيران النووية ليست في عدم عقلانيتها وحسب، بل وفي ضعفها التقني والتكنولوجي. فإيران ليست اليابان ولا أوروبا، حين وقفوا عاجزين أمام تسرب مفاعل تشيرنوبل، أو ما أصاب اليابان بعد التسونامي الأخير. وقد شاهدنا جميعا كيف كانت إيران أضعف من دودة إلكترونية ضربت أجهزتها الخاصة بالمشروع النووي قبل فترة قصيرة! ولذا فإن الخوف هنا ليس فقط من رعونة السياسة الإيرانية وتهورها، بل ومن ضعف إمكانيات إيران التقنية والتكنولوجية!

وعليه، فإن ما تفعله إيران من تصريحات نارية اليوم قد يعجل باندلاع حرب يبدو أنها قادمة، ولو بطريقة نوعية، لكن التهديد بإغلاق مضيق هرمز من شأنه أن يقنع المجتمع الدولي بمشروعية كسر عظام إيران، خصوصا أن يد طهران تتغلغل في مناطق عدة في المنطقة، وتتسبب بمزيد من تعقيد الأمور، وتهدد استقرار المنطقة ككل، سواء في العراق أو سوريا أو لبنان، وبالطبع في الخليج، خصوصا مع التهديدات الأخيرة لإغلاق مضيق هرمز. ومن هنا فإن السؤال اليوم هو: هل تعجل طهران بحرب طال الحديث عنها؟
من يدري، فكل شيء وارد، لكن المستغرب هو الصمت الخليجي، دبلوماسيا وإعلاميا، خصوصا أن إيران تهدد بضرب أهم المصالح الخليجية، وهو النفط!

السابق
قوى الامن دعت المواطنين الى عدم ارتكاب مخالفات السير
التالي
عباس يكشف ما دار مع أوباما: رفضنا مساعدات تقتصر على الأمن