ميقاتي: لا قاعدة في لبنان

كادت جلسة مجلس الوزراء الاخيرة لهذا العام ان تفرق في <جنس> المعلومات او صحتها، حول عناصر تنتمي الى تنظيم <القاعدة> في عرسال او غيرها، قبل ان يتخذ القرار بإحالة الملف الى اجتماع لمجلس الدفاع الاعلى اليوم، والذي يواجه ملفات امنية ثقيلة تمتد من التوترات الحدوية شمالاً وشرقاً، الى التفجيرات والحرائق التي تطال المطاعم والمؤسسات السياحية والسيارات سواء في مدينة صيدا او في مدينة صور وغيرها من مدن لبنانية·
واذا كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تطوي العام 2011 بقلة من الانجازات وكثرة من التطلعات، وما بينهما من تعثرات في الموازنة، والتعيينات الادارية وقانون الانتخاب وامن بيروت وسواها، فإن الانقسام السياسي الذي لم تفلح الدعوات الى استئناف الحوار الوطني في احتوائه، ساهم في هذا التعثر مع التحديات المحيطة اقليمياً من دون ان تساعد في اطار البحث عن مخارج وفاقية تكرس نعمة الاستقرار، بعد عام حافل بالاضطرابات في المحيط القريب والبعيد، وان انعكس <الربيع العربي> في بعض جوانبه، تبطيئاً للنمو الاقتصادي وربما النقدي في لبنان·

ولاحظت مصادر سياسية مطلعة ان مجلس شورى الدولة لم يشأ ارباك الجلسة الحكومية التي اربكت بتصريحات وزير الدفاع فايز غصن، فأرجأ مطالعته بشأن مرسوم تصحيح الاجور الذي اكد الرئيس ميقاتي انه لن يوقع عليه ما لم يكرس الاتفاق الموقع بين طرفي الانتاج، والذي يقضي بفصل بدل النقل عن اساس الراتب، علماً ان الهيئات الاقتصادية جددت تأكيدها على الالتزام بالاتفاق بكل وقائعه وتطبيقه بدءاً من آخر الشهر·

وتوقفت هذه المصادر امام التصريحات التي ادلى بها الرئيس ميقاتي قبل جلسة مجلس الوزراء، سواء لجهة عدم تضمن التقارير الامنية التي تصله معلومات ثابتة عن وجود عناصر متطرفة تنتمي الى <القاعدة> او غيرها، في اي بقعة من لبنان، او لجهة الموقف القائم على النأي بالنفس عما يجري في سوريا على قاعدة المثل الشعبي المعمول به: <جاري يا جاري انت في دارك وانا في داري>، والذي يعني فصلاً سياسياً بين البلدين يكرس الحق السيادي لكل بلد بانتهاج السياسة التي يراها مناسبة·

ولفتت المصادر إلى قول الرئيس ميقاتي بأنه <ليس هناك أدلة ثابتة حول وجود <القاعدة> في عرسال، وعزو اختلاف المعلومات في هذا الشأن بين وزيري الدفاع والداخلية، إلى اختلاف الآراء داخل الحكومة، وكأنه في ذلك إشارة إلى أن المعلومات تستخدم لأغراض سياسية، وهذا في حدّ ذاته إدانة، على غرار ملف الأجور الذي تمّ التصويت عليه لمصلحة سياسية، فيما القرار الذي صدر لا يحقق المصلحة اللبنانية العليا، على حدّ تعبير الرئيس ميقاتي، الذي شاء التخفيف من وطأة تلويح الرئيس نبيه برّي بعقد جلسة لمناقشة الحكومة إذا لم تصدر المراسيم التطبيقية لقانون النفط، بالاشادة برئيس المجلس ووصفه بأنه <كاسحة الغام> لمساعدة الحكومة في تحقيق انجازاتها، رغم انها لا تزال قليلة·
 وتفادياً للدخول في استعراض هذه الإنجازات، اختصر الرئيس ميقاتي برنامج عمل حكومته للسنة المقبلة، بعنوان الاستقرار، مشيراً إلى أن مقوماته ثلاثة عناصر هي: استمرار وقف إطلاق النار في الجنوب ومتابعة عمل المحكمة الدولية، ودرء تداعيات الوضع في سوريا على لبنان، واعداً بأن أوّل اجتماع سيعقده في مطلع العام الجديد سيكون مع رئيس مجلس الخدمة المدنية الدكتور خالد قباني لوضع خارطة كاملة لكل التعيينات للبدء بها بما يلزم·

ولأنه سبق أن وعد الرئيس برّي بوضع ملف مراسيم النفط على جدول أوّل جلسة لمجلس الوزراء في العام المقبل، والتي ستعقد الأربعاء في 4 كانون الثاني، فقد جمع الرئيس ميقاتي أعضاء اللجنة الوزارية للنفط في مكتبه في السراي، وأقرت إحالة المراسيم التي اعدتها وزارة الطاقة إلى الحكومة، بعدما اعتمدت المداورة في رئاسة هيئة قطاع النفط لكسر الحواجز النفسية والطائفية والسياسية، بما يسمح باعتماد مبدأ التداول وانسحابه لاحقاً على وظائف الفئة الأولى، على حدّ تعبير الوزير جبران باسيل الذي اكد أن الثروة النفطية موجودة في الجنوب والوسط والشمال وبالقرب من الشاطئ وبعيداً عنه أيضاً·

مجلس الوزراء ولم تخل جلسة مجلس الوزراء من سجال استغرق أكثر من نصفها، بسبب اللغتين المتناقضتين لوزيرين امنيين، على خلفية التصريحات حول وجود <القاعدة> في عرسال·

وبالرغم من النقاش الهادئ، كان الانقسام بين من يدعم معلومات وزير الدفاع، وكان اول من بادر الى ذلك، الوزير حسين الحاج حسن، وبين من يرفض زجّ لبنان في مسار الإرهاب والقاعدة، وإقحامه في أحداث سوريا·

ووفق المعلومات أن رئيس الحكومة اعتبر أنه من غير الجائز الكلام عن وجود قاعدة في لبنان، وزجّ إسم بلدة لبنانية في مسار إرهاب، لمجرد ورود معلومات من مكان ما·

وقال وزير الدفاع إن معلوماته مبنية على معطيات مصدرها مخابرات الجيش· وإن الجيش تمّ صدّه عندما حاول توقيف أحد المطلوبين، في عرسال· وإنه لم يقصد عرسال كبلدة تأوي الإرهاب، بل كحدود مفتوحة تستخدم لتهريب السلاح والمسلّحين·

وأوضح وزير الداخلية أن نفيه لهذه المعلومات، ينطلق من عدم وصولها اليه من أجهزة وزارة الداخلية·

وفي مداخلة مطوّلة، طرح الوزير غازي العريضي جملة تساؤلات: <هل نحن حكومة مسؤولة عن بلد أو حكومات؟ وهل لدى الدولة معلومات موحّدة، ومن أجهزة تتعاون وتنسّق فيما بينها، أم أن لوزير الدفاع معلومات، ولدى وزير الداخلية ووزير الخارجية، معلومات أخرى؟ وهل يجوز أن يكون لدى أجهزة وزارة الدفاع معلومات، ولدى أجهزة وزارة الداخلية عكسها؟ وشبّه العريضي البلبلة المثارة حول وجود القاعدة، بما كان أثير عن تهريب سلاح الى سوريا من مرفأ سوليدير، عندما أكدته مؤسسة في الدولة، ونفته مؤسسة أخرى، الى أن قال مجلس الدفاع الأعلى كلمته في هذه القاعة، بأن ليس هناك خلية تهريب سلاح تتدخّل في سوريا، وأخلي سبيل أناس، كان تمّ توقيفهم اعتباطاً· < ولحسم الجدال الدائر، حول الملف الأمني بكل تشعّباته، من قضية تهريب السلاح وتسّلّل عناصر مسلّحة،، والأحداث المتكررة على الحدود، والإعتداءات في الجنوب، وعملية خطف أحد المواطنين،، قرّر رئيس الجمهورية دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإنعقاد عند التاسعة صباح اليوم في قصر بعبدا·

ووفق المعلومات ايضاً أن التحقيقات الأولية حول حادثة التفجير في صور، جاءت على خلفية تهديد سابق لصاحب المطعم، بسبب بيع الكحول والإتجار بها·

وشهدت الجلسة عرضاً من رئيس الجمهورية ومن رئيس الحكومة لأبرز إنجازات الحكومة، ولما ينتظرها من إستحقاقات· وتقرّر عقد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في السراي الأربعاء في الرابع من كانون الثاني المقبل، وفي بعبدا في العاشر منه·

وأكد وزير الدولة علي قانصو ان النقاش اتسم بالجدية والمسؤولية ولم يأخذ الطابع السجالي الحاد لكن معظم المداخلات صبت في خانة التضامن مع وزير الدفاع فايز غصن حول موضوع <القاعدة>، وإزاء ذلك كرر رئيس الجمهورية إحالة هذا الملف الى مجلس الدفاع الاعلى للبت به اليوم·

وحول موضوع الاجور قال في اتصال مع <اللواء>: <كنا ننظر قرار مجلس شورى الدولة، ولو انه صدر امس لكنا وضعناه على جدول اعمال الجلسة، وباعتبار انه لم ينته من مناقشة قرار مجلس الوزراء، فإن ذلك يعني انه تأجل الى الاسبوع المقبل، أي الى ما بعد نهاية العام·

وكانت مصادر اشارت ان مجلس الشورى استمع امس على مدى اكثر من ساعة ونصف الساعة إلى وزير العمل شربل نحاس حول قرار مجلس الوزراء شأن تصحيح الاجور، متوقعة ان يستأنف المجلس مناقشة القرار اليوم في حضور شربل نفسه·

وادي خالد الى ذلك، لاحظت مصادر سياسية في المعارضة، ان مجلس الوزراء نأى بنفسه ايضا عن حادثة مقتل الشبان الثلاثة في منطقة وادي خالد بنيران قوات الامن السورية، واقتصرت مداولاته على مجرد ابداء رئيس الجمهورية اسفه لمقتل هؤلاء وتقديم التعازي إلى ذويهم، مشددا على ضرورة اجراء التحقيقات من الاجهزة المختصة لاتخاذ الاجراءات القضائية اللازمة·

ورغم أن الجيش واي جهاز امني رسمي لم يصدرا واي بيان بشأن الحادث، فإن التحقيقات لم تؤد إلى معرفة السبب لدخول عناصر امنية سورية إلى بلدة المقيبلة الحدودية واطلاقها النار على سيارة كانت تقل الشبان الثلاثة، اثنان منهم يقيمان في قرية <الهيت> السورية وقتلهم·

وبحسب شهود عيان فإن العناصر السورية بلباس مدني عبرت النهر الكبير مسافة 40 مترا وقتلت الثلاثة باطلاق نار عليهم من مسافة ستة امتار، قبل ان تفتش السيارة وتأخذ معها الهواتف الخليوية للقتلى، في وقت كانت المنطقة تتعرض لرشقات رشاشة في الهواء من الجنب السوري ربما للتغطية·

وعاين نائب المنطقة معين المرعبي ونضال طعمة مكان الحادث، في وقت كانت عناصر الجيش تطوق المكان، بعدما نقلت السيارة إلى مخفر القبيات لرفع المزيد من الادلة·

وشيعت بلدة العماير الضحايا الثلاثة وسط جموع حاشدة من ابناء وادي خالد اجتاحهم غضب عارم، وندد المشيعون بالخروقات السورية مطلقين هتافات ضد الرئيس السوري بشار الاسد، مطالبين الجيش اللبناني بضبط الحدود لئلا يحدث ما لا يحمد عقباه، أو بحماية دولية من الامم المتحدة، او بتوسيع صلاحيات المراقبين العرب لتشمل الحدود مع لبنان والا فإن الاهالي سيحمون انفسهم بأنفسهم·

يشار إلى ان <الجريمة> وبحسب تعبير الرئيس سعد الحريري لقيت استنكارا واسعا من قبل نواب <المستقبل> يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة، فيما حمل الرئيس الحريري الحكومة اللبنانية مسؤولية ما يتعرض له المواطنون اللبنانيون والسيادة اللبنانية جراء الاختراقات السورية المتكررة للمناطق الحدودية· 

السابق
ساركوزي: فرنسا مستمرة بالمشاركة في اليونيفيل
التالي
مجازر السوريين ومراقبو الخيبة العربية!