الجمهورية: تخوّف من تزاوج التوتّر الأمني بين الجنوب والشمال والبقاع استدعى انعقاد مجلس الدفاع الأعلى

على وقع أصوات تشكّك بمهمّتهم، يتابع المراقبون العرب انتشارهم في المدن والمناطق السورية الساخنة، وقد انتشروا مساء امس، كما اعلن رئيس بعثة المراقبين محمد احمد مصطفى الدابي في درعا وادلب وحماة، وفي حين وصف «الوضع في حمص بأنه مطمئن حتى الآن»، دعت الخارجية الاميركية دمشق الى تمكين المراقبين من الوصول الى كل المناطق السورية رافضة تعليق حصيلة زيارتهم حتى الآن. كما اعتبرت فرنسا ان «على المراقبين العودة الى حمص المعذّبة والتنقل بحرّية».

في موقف متقدّم، دعت روسيا سوريا "الى التعاون بشكل تام مع المراقبين والى ايجاد شروط عمل سهلة تمنح اكبر قدر من الحرية". ولفت وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى أن بلاده "قد تتخلى عن مشروع قرارها الذي تقدّمت به إلى مجلس الامن حول سوريا، إذا افضت مهمّة المراقبين إلى محادثات مباشرة".

لكن سوريا قلّلت من اهمية الموقف الروسي، وقال المتحدث باسم خارجيتها جهاد مقدسي "ان التصريحات الروسية ليست بمثابة دعوة للحكومة السورية، إنما هي تضع النقاط على الحروف من حيث أهمية هذا التعاون الذي نحن نؤمن به أصلا، لأن نجاح مهمّة بعثة المراقبين هي من مصلحة الأمن الوطني السوري".

تحذير أميركي

في غضون ذلك، صدر تحذير أميركي "من ان الاستمرار في مقاومة جهود الجامعة العربية سيدفع المجتمع الدولي إلى النظر في سبل أخرى لحماية المدنيين السوريين"، وترافق هذا التحذير مع الاعلان عن تخفيض عدد الدبلوماسيين العاملين في السفارة الاميركية في دمشق للمرة الثانية منذ بداية الأزمة في سوريا "كإجراء احترازي من المخاطر الامنية المتوقعة"، فيما تستعد المدرسة الأميركية ومركز تعليم اللغة الإنجليزية التابعان للسفارة، للإغلاق خلال الأيام القليلة المقبلة".

إيران

في المقابل، عبّرت ايران عن استيائها الشديد من طريقة تعامل الدول العربية، لا سيّما الجامعة مع الملف السوري. وقال الرئيس محمود أحمدي نجاد إنّ "أطرف نكتة في التاريخ وفي عهدنا أن بعض الناس الذين ليست لدى بلدانهم ديموقراطية ولا حرية أو انتخابات يقومون بتحضير وإصدار تقارير ضد دولة أخرى ويقولون لهذه الدولة إن عليها إجراء انتخابات وهذه الانتخابات يجب أن تكون حرّة".

الحريري

وفي حين شيّعت وادي خالد أبناءها الثلاثة الذين سقطوا برصاص سوري، ارتفعت اصوات نيابية شمالية تطالب بتوسيع عمل قوات الامم المتحدة ليشمل الحدود الشمالية.

واستنكر الرئيس سعد الحريري "جريمة اغتيال الشبان اللبنانيين الثلاثة في منطقة وادي خالد بنيران قوات الأمن السورية"، محمّلاً الحكومة اللبنانيّة "مسؤوليّة ما يتعرّض له المواطنون اللبنانيون والسيادة اللبنانية جراء الاختراقات السورية المتكررة للمناطق الحدوديّة".

وقال الحريري في بيان: "منذ مدّة تمّ اغتيال أحد أبناء بلدة عرسال الأبيّة على أيدي القوات السورية، وقبلها وقعت اعتداءات وانتهاكات عديدة للحدود اللبنانية السورية، ولم تحرّك الحكومة ساكنًا، والمطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى اتخاذ الإجراءات الضرورية من قبل السلطات اللبنانيّة المختصّة لحماية المواطنين اللبنانيين ومنع حدوث مثل هذه الاختراقات المستنكرة".

ودعا الحريري الى "تأليف قوة مشتركة عربية – تركية للتخلص من النظام السوري الحالي".
. ملف الإسلاميين

داخليا، وعلى مسافة ايام قليلة من سقوط اخر ورقة من روزنامة العام الحالي، ودّعت الحكومة نفسها بإجراء جردة بإنجازاتها في العام 2011، على ان تستأنف نشاطها في جلسة تعقد في السراي في 4 كانون الثاني 2012 وتليها جلسة أخرى في قصر بعبدا في 10 منه.

وفيما غاب عن الجلسة ملف الاجور لأنّ مجلس شورى الدولة لم يأخذ قراراً حاسماً في شأنه بعد، عرض مجلس الوزراء ما تردّد عن "عرسال" ومجمل ملف الاسلاميين في لبنان الذي اخذ الحيّز الاكبر من النقاش.

وكشفت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" ان مجلس الوزراء تبلّغ من وزير الدفاع فايز غصن وجود هذه المعلومات لدى مخابرات الجيش، كما تبلّغ من وزير الداخلية وجود معطيات ذات صلة لدى فرع المعلومات، لكنّ النقاش جرى حول طريقة استخدام التعابير بين قاعدة وتنظيمات جهادية او حركات اصولية.

ورأت المصادر ان الحكومة اصبحت في وضع يحتّم عليها ان تضع يدها على هذا الملف بشكل جدّي وتشكّل غطاء للاجهزة الامنية للقيام بواجباتها على الحدود اللبنانية – السورية لأنّ المعلومات اكدت وجود عمليات تهريب اسلحة وتسلّل اشخاص يشكّلون خطرا على لبنان كما على سوريا.

وعلمت "الجمهورية" ان الحكومة كلّفت مجلس الدفاع الاعلى الذي يجتمع اليوم إعداد ملفّ تفصيلي وموثّق عن هذه العمليات وتسليمه الى كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين سيطلعان بدورهما الوزراء على هذه التقارير في الجلسة المقبلة في ضوء طلب احد الوزراء ان تكون لدى الدولة اللبنانية الجرأة في اعلانها والقول هذا هو الواقع وهذه صلاحياتي.

مصادر بعبدا

وفي الأسباب الموجبة لدعوة سليمان المجلس الاعلى للدفاع الى الاجتماع، قالت مصادر مقرّبة من قصر بعبدا لـ"الجمهورية" ان رئيس الجمهورية اراد بهذه الخطوة ان يرفع مستوى النقاش حول الملف الأمني الى اعلى مستوى، وخصوصا ما يتصل منه بأمن الحدود بين لبنان وسوريا وما تركته المواقف المتناقضة من انقسامات حادة بدأت تطلّ بانعكساتها السلبية على الحياة السياسية وأمن بعض المناطق الحسّاسة بأبعادها المذهبية والطائفية.

وقد ضاعت معها المعلومات التي يمكن ان تحسم الجدل بين الأطراف المختلفة، علما ان لكلّ هذا الجدل صدى دوليا واقليميا لم يعد خافيا على أحد، ومن المهم جدا انهاء الجدل القائم في فترة هي الأدق سياحيا ووطنيا.

أضافت المصادر: "صحيح ان ما يحصل هو مجرد أحداث فردية، لكن هناك مخاوف جدّية من ان تتطوّر الأمور نحو الأسوأ، فالاشتباكات تبدأ فردية ولا يمكن حصر تردّداتها في حال تطوّرت الأمور الى استخدام السلاح بين طرفي الصراع".

تقارير امنية متناقضة

وفي حين اكد الناطق الرسمي باسم الخارجيّة السوريّة جهاد مقدسي أنّ "هناك مجموعة نجحت في التسلّل من بلدة عرسال البقاعيّة في لبنان، سائلاً: "أليس من الممكن أن يحصل هكذا أمر بين دولتين متداخلتين حدوديًا؟"، علمت "الجمهورية" ان المجلس سيناقش اليوم سلسلة تقارير سيرفعها وزير الدفاع وبعض قادة الأجهزة الأمنية بما فيها من تناقضات وروايات مختلفة، لبتّها على قاعدة ما هو ممكن من إجراءات يمكن ان تقدّم وجهة نظر على أخرى.

وفي المعلومات ان أحد القادة الأمنيين سيرفع تقريرا ينفي فيه ان يكون من بين القتلى الثلاثة في وادي خالد اي سوري، فهم مزارعون لبنانيون كانوا في اراضيهم، وقد تمّ دفنهم في مدافن البلدة وفي ارض لبنانية.

وسيقول تقرير آخر ان من بين القتلى سوريين ولبنانيا وهم ثلاثة من مجموعة اكبر كانت تضمّ ستة أفراد لبنانيين وسوريين. وان من بينهم من امتهن تهريب السلاح والرجال بطريقة غير شرعية بين لبنان وسوريا لقاء بدلات مالية عالية، وان القوى الأمنية عثرت مع القتلى الثلاثة في سيارتهم على بندقيتي "فال" و"كلاشينكوف" وبعض الرصاصات الفارغة التي تثبت ان اشتباكا سبق مقتلهم على ايدي الجنود السوريين الذين توغلوا في المنطقة اثناء المطاردة.

مرجع امني لـ"الجمهورية"

وقال مرجع امني رفيع لـ"الجمهورية" ان الإعلان بأنّ المجلس الأعلى للدفاع سيناقش في "ملف القاعدة" كلام غير دقيق. فالأحداث الجارية على الحدود من وادي خالد شمالا الى عرسال بقاعا هي في ملف امني واحد ولا يمكن الفصل بين هذين الأمرين لا بالمنطق السياسي ولا بالمنطق الأمني.

ميقاتي: لا قاعدة

وكان الجدل حول ملف وجود عناصر من القاعدة او عدمه قد تواصل أمس، واعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يستعد للسفر الى سويسرا غدا، ان ليس هناك أدلة ثابتة حول وجود تنظيم القاعدة في عرسال. قائلاً: "لقد باتت كلمة القاعدة توصيفا عاما يطلق بمناسبة أو من دونها، والحديث عن وجود معلومات لا يعني انها باتت حقيقة قائمة، ولا يجوز التعاطي مع هذا الموضوع الحسّاس والدقيق على نحو يضرّ بلبنان، وبالتالي فإنّ الاجهزة الامنية التي كلفت التدقيق في المعلومات ستحمل الى اللبنانيين الخبر اليقين".

في المقابل، اعلن وزير الاعلام وليد الداعوق أنّ لدى غصن "معلومات من الجهات الامنية لكن يجب ان تكون ضمن اطارها".

14 آذار

في هذا الوقت، قال مصدر قيادي في قوى 14 آذار لـ"الجمهورية" أن المطلوب من المجلس الأعلى للدفاع الذي يجتمع اليوم "عدم الاكتفاء بالصورة وإصدار بيان عام، إنما الإعلان عن خطة حقيقية تضمن الأمن وتطمئن الناس في ظلّ وضع أمني متوتر وبالغ الخطورة على كافة الصعد، من الأزمة السورية ومحاولة نقلها إلى لبنان، إلى الوضع في الجنوب بين المخيّمات والمتفجّرات. فالخارطة اللبنانية بهذا المعنى من الجنوب إلى الشمال متوترة، إن في عين الحلوة وفي منطقة عمل اليونيفل أو في ظلّ الانتهاكات السورية المتكرّرة للسيادة".

وأبدى القيادي خشيته من "هذا التزاوج في التوتر الأمني بين الجنوب والشمال"، كما اعرب عن أسفه "لهذه الصورة غير الزاهية التي ينتهي فيها العام على الصعيد الأمني"، لافتا إلى "غياب أي جواب من الحكومة حتى الساعة في موضوع نزع السلاح من المدن، وفي موضوع الاعتداء على السيادة في الحدود الشمالية، وفي موضوع التفجيرات في جنوبي الليطاني والحماية المفقودة بما فيها القرار 1701، وبالتالي التشخيص الأفضل للحكومة هو أنها لا تتحمّل مسؤوليتها في أي موضوع ومطلق أي عنوان، إذ لا يكفي أن تقول بالنأي في النفس، فيما لا تتخذ أي إجراء عملي لمواجهة هذا الفلتان الأمني المستشري".

السفير السوري

السفيرالسوري في لبنان علي عبد الكريم علي اعتبر أنّ ما كشفه وزير الدفاع "يستدعي تحسّسا عاليا بالمسؤولية لمنع مظاهرالتطرّف والعبث بالامن اللبناني والسوري والحدود اللبنانية – السورية، والمصلحة هنا مقسومة بين البلدين، وتقتضي حرصا لبنانيا سواء أخذ الامر بُعد تهريب السلاح أو المسلحين، فالفعل الجرمي والارهابي يكمّلان بعضهما، لذلك يجب أن يكون الحسم واضحا ولا يحتمل الملامسة الخجولة وقرارات لا تأخذ الحساب الحقيقي للمصلحة اللبنانية والسورية".

وقال: "نحن ما يعنينا أن تكون القرارات حاسمة في ضبط تهريب السلاح والمسلحين لأنّ التهاون له بعد سلبي على لبنان قبل سوريا ونرجو ان تحكم الجدّية الخطوات المتخذة على هذا الصعيد" 

السابق
الاخبار: الحكومة تستقبل العام الجديد بـ 3 ملفات كبيرة
التالي
عن الحريريين والقاعدة