الثورة في لبنان آتية… لكن متى؟: أسئلة عن مجتمع ماشي وغاشي

تنتابك لأحيان كثيرة شكوك وقلق إزاء فكرة ماهية وجودك داخل المجتمع. مئات الأسئلة تطرح نفسها، وكما جرت العادة تبقى حبراً على ورق… فمن أزمة مالية عالمية إلى عقوبات اقتصادية على سوريا، وتدهور اجتماعي، ثم خطط من وزارة المالية في معظمها فاشلة، لا سيما وأن القائم على الوزارة لا يدرك
من الأرقام شيئاً، فلا فارق عنده بين العقود والاستثمارات والقاعدة الاثني عشرية. الهيئة العليا للإغاثة تدفع 32 مليون دولار يحرّكها رئيس مجلس الوزراء على هواه وجميعها تحت سلطته.
نعيش في مجتمع يغلب عليه طابع البهلوانيات المضحكة. الضحك على الصورة التي يحفرها الشعب بنفسه في برامج للضحك من وعلى اللبنانيين: "بس مات وطن، اربت تنحل، lol، كتير سلبي .." مجتمع أبسط ما يمكن وصفه أنه مجتمع اللامجتمع.
مسلسلات تركية، أفلام أميركية، مسرحيات فرنسية، سيرك روماني، تهديدات إسرائيلية، تخوّف من الأوضاع السورية، قمة عربية، عملاء في كل مكان، عودة السلطنة العثمانية، تطوّر إيران النووي، سلاح حزب الله.. وبلبنان السهرة بين الـdowntown والأشرفية.

البرازيل ستموّل عملية التنقيب عن النفط اللبناني، تيار المستقبل بات ماضيا مع غياب رئيسه سعد الحريري، الرئيس نبيه بري حاضر بأفكاره النيّرة بتآلف جديد مع سليمان فرنجية من تحت الطاولة! العماد ميشال عون وأعضاء كتلته متوترون مع مشاريعهم الإصلاحية غير القابلة للتنفيذ في دولة
كلبنان. النائب وليد جنبلاط كالعادة تائه بين الآذاريين، والوزير وئام وهاب ملتهٍ بشعراته الجديدة، وآخر صرعات العصر الحديث في الجلسات النيابية اللبنانية "لغة الصبابيط" التي تضفي على الجلسات نوعاً جديداً من التخاطب السياسي العالي الجودة: بس هلأ لوين؟!

في لبنان مجتمع الآذاريين لم يعد موجوداً، فعقول الشباب ملّت من الطرفين، وأثبتت ذلك في الانتخابات الجامعية والنقابية الأخيرتين. طائفة هنا وطائفة هناك، سطو مسلح هنا، وقنبلة موقوتة هناك.. فلتان أمني بصيدا، وانتشار المخدّرات في كل زاوية من البقاع إلى بيروت فالجنوب. إشكالات وادي خالد بطرابلس "في خيم للسوريين أولا". والمعنيون بإنتظار إقرار قانون الرفق بالحيوان!!

الحكومة قد تسقط، نواب من الاغتراب، الحريري على تويتر، وعقاب صقر لا يختبيء من أحد بل يحضّر لثورة تنطلق من بروكسل!! وزير الطاقة "خلصولوا فيوزاته"، والمياه والكهرباء بملعب جبران باسيل، عفو عام على العملاء في إسرائيل، والحكم لسنوات على مرضى بالإدمان! صواريخ من الجنوب وإلى الجنوب تعود، واعتداء على اليونيفيل كمان. ومع هيك أهلاً فيك بكازينو لبنان.

الثورة المصرية، الانتخابات التونسية، الانتفاضة البحرينية، العقيد عمر القذافي قتل، توقيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الاتفاقية الخليجية، المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بلا قاض، انقسام حادّ، لا ثورة لبنانية.

وزير الرياضة شاب، هل نصل إلى المونديال؟ الوزير طلال ارسلان بسوريا بموافقة جنبلاط المحتار، والدخان والنرجيلة خرقا حرمة المتّي بالجبل، الوزير زياد بارود "باي باي"، وبديله مروان شربل جديد على "الساحة الفنية"، سجن رومية يا سلام!!، ألو "الفساد" كل أسبوع، والقوى الأمنية تحفظ الأمن في الداخل بالبنزكسول والـTramal، والحكم على تاجر مخدرات بالسجن عشرة أيام فقط لأسباب محسوباتية.

شباب الجامعات والمدارس في المقاهي من كل الأحزاب الموالية والمعارضة الأساسية و"الفرافيط"… يختلفون على كل شيء، ويتفقون على الزند الحامي والحاضر لحمل السلاح بيد، وسيجارة الحشيشة باليد الثانية.. وأصحاب القرار منقسمون منهم من ينتقل من الصين إلى فرنسا، ومن لبنان إلى إيطاليا، وقسم
بين الفايس بوك وتويتر والباقي ساهٍ وغافٍ و"بدو رفسة حتى يمشي"، وكمان لا ثورة بلبنان.

مجتمع بعيد كل البعد عن الأفلاطونية، يبحث عن أبسط مقوّمات العيش، فهو عشوائي، شوارعي، مقنع.. يعمل زعماؤه من موسم انتخابي إلى آخر فقط، ومع ذلك لا محاسبة شعبية لهم!
أما آن الأوان لأن يكون هناك وقفة شبابية، وموقف جدّي إزاء هذا الدورات في حلقة مفرغة.. لن تكسر إلاّ بثورة شبابية في لبنان؟؟
  

السابق
اتحاد بلديات اقليم التفاح يعرض تجربته في حرب تموز في مؤتمر طهران
التالي
هل تكون 2012 سنة الربيع الفلسطيني؟