النظام السوري واستقبال الجديد

يعرف الجميع أن النظام السوري ما قبل بالمبادرة العربية، إلا بعدما عجز الروس عن الاستمرار معه بدون شروط· وقد اتفق الطرفان:
تقدّم روسيا مشروع قرارها لمجلس الامن لقطع الطريق على الجامعة العربية، ويتظاهر النظام السوري بقبول المبادرة· وقد مضى على ذلك حتى الآن أكثر من أسبوع، ووصلت طلائع المراقبين العرب إلى دمشق، والمفروض أن يكونوا منذ يوم أمس الثلاثاء في حمص ومواطن أخرى· وكان وليد المعلّم قد تحدّث في مؤتمره الصحفي الشهير إنه لا علاقة له بالمبادرة، وإن وقّعت سوريا على خطة العمل أو البروتوكول! إنما حتى البروتوكول إذا طُبّق بحذافيره فيه إحراج كبير للنظام السوري إن كانت في الرأس أو في الوجه بقايا من الحياء· فالمطلوب من المراقبين – الذين فرّق بينهم وبين المفتشين المتحدث باسم الخارجية! – مراقبة وقف العنف وانسحاب القطعات العسكرية والأمنية من الشوارع والساحات، وإطلاق سراح المعتقلين، والاجتماع بالمواطنين والاطلاع على شكاواهم وعلى ما جرى عندهم وعليهم، فإذا نجح هذا الجزء من البروتوكول خلال أسبوعين مثلاً، تلتقي الأطراف بالجامعة العربية لبدء التفاوض على البرنامج الإصلاحي المزمّن، فحكومة الوفاق الوطني لتنفيذ البرنامج، والذي يذهب بنهايته الرئيس بشار الأسد مع نهاية مدّته <الدستورية>!·

إن هذه الأمور كلها تبدو اليوم، بل ومنذ ستة أشهر حلماً من الأحلام· فخلال الأسبوع منذ قبول المبادرة العربية سقط ثلاثمائة شهيد وأكثر· ولا يزال زبانية النظام يخبرون أصدقاءهم وحلفاءهم بلبنان أن الأمور كلها تحت السيطرة، وسوف يهرب العرب من سوريا، كما هرب الأميركيون من العراق!·

ويعتقد النظام السوري أن <الانسداد> في الحلول هو لمصلحته· فلا أحد من الدوليين يريد التدخل العسكري حتى بقرار من مجلس الأمن·

والتدخل الإنساني يمكن أن يتحوّل إلى مثل تدخل الجامعة العربية، أي أنه لا أنياب له، فإما أن يقبل بالأمر الواقع أو ينسحب· وخلال ذلك – كما يأمل النظام – يكون المالكي الهائج بالعراق الآن على السنّة مثل هياج الأسد بسوريا عليهم، يكون قد سيطر، كما سيطر وسيسيطر <حزب الله> بلبنان· وبذلك يمكن استناداً إلى توحّد الأنظمة الثلاثة، السيطرة على الوضع ولو بعد حين· ويستطيع العراق وتستطيع إيران المساعدة في وجه الحصار والعقوبات، إلى أن ييأس العرب والدوليون، ويقبلوا بالحلول الوسط، وبخاصة أن إسرائيل وإيران من بين سائر دول العالم، مصران على ضرورة بقاء النظام السوري، باعتباره بالفعل نظام ممانعة، ضد العرب وضد شعبه العربي·

إن هذا الفيلم الذي ينصره الجنرال سليماني بشدة، وفي البلدان الثلاثة، لا يملك أي نصيب من الأمل في النجاح· فالاضطراب الشعبي والأمني في العراق وسوريا إلى ازدياد، والانشقاقات بالجيش والأمن إلى ازدياد· والاهم من ذلك أن المدن الكبرى ما عادت خارج الثورة· والتطورات بالعراق وضعت البلاد على حافة الانقسام، بحيث يحتاج المالكي إلى مَن يساعده هو، ولا يقدر على مساعدة الآخرين·

ما أظهر أي نظام عربي – ربما باستثناء المغرب – استعداداً ولو بالحد الأدنى لاستقبال الجديد· والنظام السوري – وهو أجرأ الأنظمة العربية على القتل – لا يملك أي استعداد لأي شيء، باستثناء طبيعته الأصلية، ولذلك لن تنجح الجامعة العربية في أي شيء في الغالب، رغم انها أمله الوحيد في شيء من النجاة·

السابق
هجمة كرزاي السرية على حقوق الإنسان
التالي
عراجي: اتهامأت غصن ضد بلدة عرسال باطلة