المحامون عن المتهمين باغتيال الحريري

بعدما نال السويسري غويناييل ميترو (Guenael mettraux) إجازة في الحقوق من جامعة لوزان في العام 1996، وشهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة كوليدج في لندن في العام 1997، عقد العزم على تحصيل الدكتوراه، وحقّق مبتغاه بأن ظفر بالدكتوراه من قسم القانون في كلّية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في العام 2008 لينطلق بعدها إلى سوق العمل ويحظى بسمعة دولية جعلته موضع اهتمام كلّ المحاكم الدولية.
ومع أنّ ميترو لم ينتسب إلى أيّة نقابة للمحاماة بعكس زملائه المحامين الآخرين المدرجين في قائمة الدفاع عن المتهمين الأربعة، إلاّ أنّه برع في مجال المدافعة والمرافعة عمن أولوه ثقتهم أمام المحاكم الدولية ولا سيّما المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة يوغوسلافيا ومحكمة كمبوديا حيث كانت له صولات وجولات، تارة بالوقوف إلى جانب المدعي العام بصفته مستشاراً له، وطوراً بمساندة المتهم، ونجح في مهمّتيه المتناقضتين، في تشديد العقوبة أو تخفيفها وصولاً إلى البراءة، وكلّ ذلك متأت من سهره على إدارة ملفّاته برصانة قانونية مميّزة.

فعندما عمل ميترو مستشاراً في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كان سنداً للمدعي العام فيها القاضي الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو ضدّ نائب الرئيس السابق في الكونغو الديموقراطية جان بيير بيمبا (Jean Pierre Bemba) والذي كان متهماً بجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وقيام ميليشياته (حركة تحرير الكونغو) بعمليات اغتصاب ونهب وقتل في إفريقيا الوسطى بين العامين 2002 و2003.
وعندما عمل مستشاراً لدى قضاة محكمة يوغوسلافيا في العام 2009، قيّض له متابعة محاكمة وزير داخلية صرب البوسنة خلال الحرب ميكو ستانيسيتش الذي اتهم بالتخطيط والإعداد والتنفيذ لعمليات اضطهاد طاولت عشرات آلاف المواطنين من غير الصرب، وارتكاب جرائم قتل وتعذيب.

كما أنّه مثّل بصفته محامياً، عدداً من كبار القادة العسكريين والمدنيين المتهمين بارتكاب جرائم دولية، ومنهم:
1- القائد السابق لجيش البوسنة والهرسك سيفر خليلوفيتش الذي برأته محكمة يوغوسلافيا في حكمها الصادر في 18 تشرين الثاني 2005، من جرائم الحرب المتمثّلة بالقتل وانتهاك قوانين الحرب وأعرافها، برغم أنّ الادعاء العام اتهمه بالفشل في منع المذبحة التي وقعت بحقّ الكرواتيين في إقليم يوزدول ومنطقة جرابوفيشا.2- وزير الداخلية السابق في مقدونيا ليوبي بوسكوسكي الذي برأته محكمة يوغوسلافيا من تهمة ارتكاب جرائم حرب خلال تمرّد الأقلية الألبانية في مقدونيا في العام 2001، وأطلقت سراحه في شهر تموز 2008.
3- الجنرال الكرواتي أنتي غوتوفينا (Ante Gotovina) الذي أصدرت غرفة البداية في محكمة يوغوسلافيا حكماً بحقّه في 15 نيسان 2011 قضى بسجنه 24 عاماً بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب ضدّ الصرب، وقد ظلّ متوارياً عن الأنظار مدّة أربع سنوات إلى أن اعتقل في جزر الكناري في 7 كانون الأوّل 2005.
4- تولّى ميترو بالتعاون مع المحامي كريم خان المنضوي في مجلس نقابة المحامين في انكلترا وويلز، وهو بدوره مسجّل في مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان، الدفاع أمام محكمة يوغوسلافيا، عن الناطقة السابقة باسم ممثّلة الادعاء العام في هذه المحكمة القاضية السويسرية كارلا ديل بونتي على مدى ستّ سنوات، الصحافية الفرنسية فلورانس هارتمان التي اتهمتها المحكمة «بازدراء المحكمة» على خلفية إفشائها معلومات وقرارات سرّية تعتبر انتهاكاً لأوامر المحكمة، وذلك في كتابها «السلام والعقاب» الصادر في العام 2008، حيث كشفت فيه عن ضلوع الولايات المتحدة الأميركية في استخدام محكمة يوغوسلافيا أداة في خدمة مصالحها وأهدافها ومخطّطاتها، وعمل دول أوروبية وفي مقدّمتها فرنسا، على تسييس هذه المحكمة. وقد صدر الحكم بحقّ هارتمان في 14 أيلول من العام 2009، وقضى بتغريمها مبلغ سبعة آلاف يورو بعد إدانتها بتهمة كشف وثائق سرّية تتحدّث عن تورّط صربيا في حرب البوسنة.
وعندما انتقل ميترو إلى محكمة كمبوديا، ناظر في حالات أحد زعماء حركة الخمير الحمر والرجل الثاني نوون شيا، والرئيس الكمبودي في العام 1976 خيو سامفان، ووزير خارجية الخمير الحمر اينغ ساري الذين واجهوا تهماً بوقوفهم وراء جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب وقتل وإبادة جماعية بحقّ الفيتناميين والأقلية المسلمة.

يدرّس ميترو مادتي القانون الدولي العام والقانون الأوروبي في قسم القانون الجنائي الدولي في جامعة فريبورغ السويسرية منذ شهر أيلول 2010، وهو محاضر زائر في جامعة ليدن الهولندية التي كان الرئيس السابق للمحكمة الخاصة بلبنان القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي يدرّس فيها أيضاً. وألقى سلسلة محاضرات في القانون الجنائي الدولي في كلّيات القانون في هولندا، سويسرا، إيطاليا، الولايات المتحدة الأميركية، والبوسنة والهرسك، كما أنّه شارك كمدرّب في برنامج تدريبي لمحامي الدفاع في البوسنة والهرسك حول موضوع «الإثبات في محاكمات جرائم الحرب» في سراييفو في شهر كانون الأوّل 2008.
ويشغل ميترو عضوية لجنة التحرير في مجلّة العدالة الجنائية الدولية، ومجلس المحرّرين لمراجعة القانون الجنائي الدولي، كما أنّه عضو في المكتب القانوني للجرائم الدولية (ICLB International Criminal Law Bureau) والمؤلّف من محامين يمتلكون خبرة عالية في مجال القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وثمّة أعضاء فيه منخرطون أيضاً في مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان مثل الأميركية كولين روهان.
للدكتور ميترو مقولة شهيرة أطلقها في إحدى مقابلاته الصحافية برّر فيها دفاعه عن أشخاص متهمين بقتل آلاف المواطنين، مفادها: «لا أعمل على نفي حدوث الجرائم، فما يهمّني هو محاولة معرفة ما إذا كان موكّلي قد ارتكب تلك الجرائم، وهل يمكن إلصاق التهمة به».
على أنّ مقولته الصارخة تلك التي تقول: «المحاكمات الدولية أصبحت تخضع لتوظيف متزايد، فقد أصبحت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بالنسبة للبعض، وسيلة للوصول إلى هدف معيّن وليست هدفاً في حدّ ذاتها، وللقانون بُعْد دولي، لذلك يجب ألاّ يصبح مسيّساً ويجب أن يطبّق ويحترم في كلّ مكان، لكن ما نلاحظه اليوم هو أنّ الأحكام أصبحت تحرّف عن أهدافها الحقيقية لكي توظّف لخدمة أهداف سياسية».
ويمثّل ميترو المتهم أسد حسن صبرا بصفته محامياً معاوناً للمحامي الرئيسي دايفيد يونغ.  

السابق
طرابلس: ميقاتي يتقدم والأزرق يتراجع
التالي
كيف تتسلّل القاعدة من عرسال؟