إسلامي تحدث مع إسرائيلي!

ليس مهما إن تحدث إسلامي مصري، سلفي، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، بل الأهم فحوى ما قاله، وما يترتب على تلك التصريحات، سواء بمصر، أو إسرائيل، أو المنطقة برمتها، لأن الإسلاميين، وبكل مشاربهم، أصحاب حفلة التخوين لكل من يتحدث عن السلام والتفاوض.
وللأسف، فإن جل الجدال الذي تركز حول واقعة تصريحات القيادي الإسلامي بحزب النور المصري لإذاعة الجيش الإسرائيلي كان حول ما إذا كان الإسلامي قد خدع أم لا من قبل المراسل الإسرائيلي، وهذا جدال خاطئ، فالقصة أكبر من ذلك. وقد يقول قائل: كيف؟ وهنا بيت القصيد؛ ففي معرض دفاعه عن القيادي الإسلامي يسري حماد، يقول المتحدث باسم حزب النور نادر بكار إن كل ما أثير حول تصريحات حماد مع إذاعة الجيش الإسرائيلي شديد الخطأ، وغير صحيح، لكن حزب النور نفسه عاد ليصدر بيانا يكرر فيه ما قاله حماد للإذاعة الإسرائيلية؛ حيث قال الإسلامي بحزب النور يسري حماد لمراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي: «إن الحزب لا يعارض معاهدة السلام مع إسرائيل، وإنه إذا كانت هناك بنود تحتاج إلى تغيير في المعاهدة، فإن المكان لذلك هو طاولة المفاوضات».
 وأضاف أن «مصر ملتزمة وتحترم كل الاتفاقيات التي وقعتها الحكومات السابقة مع أي دولة، بما في ذلك المعاهدة مع دولة إسرائيل»، وأنه، أي حماد، يرحب بكل السياح الذين يصلون إلى مصر، بمن في ذلك السياح الإسرائيليون. وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد قالت إن حماد أعرب عن ارتياحه من إجراء هذا اللقاء مع وسيلة إعلام إسرائيلية، بقوله: «إنها ضرورة لبث رسالة طمأنة إلى تل أبيب».

وعليه، فإذا كان الحزب الإسلامي السلفي، وقبله بالطبع الإخوان، يقرون بمعاهدة كامب ديفيد، ويؤمنون بالتفاوض، ومثلهم حماس الإخوانية اليوم، فلماذا أشغلوا المنطقة بتهم التخوين والتغريب والعمالة، وأضاعوا عقودا من الزمان، من عمرنا وعمر المنطقة، عدا عن الخسائر والحروب، طالما أنهم يحترمون اتفاقيات السلام، والتفاوض؟ هل هذا كله من أجل سكرة الحكم؟ لماذا أشغلونا عقودا بنصوص أشاعت التكفير والتخوين والتحريم والتأليب على كل من دعا للسلام، أو جنح له؟ ولماذا ناصروا محور الكذب، محور الممانعة والمقاومة، الذي لم يقتل إلا شعبه، مثل سوريا، أو من كان جذوة الطائفية بمنطقتنا، مثل حزب الله؟ بل ما فرق الإخوان، أو السلفيين، عن نظام مبارك، أو الراحل أنور السادات، طالما أنهم يقرون بمعاهدة كامب ديفيد، والتفاوض، وقبول حتى السياح الإسرائيليين، ويريدون تطمين إسرائيل؟

وقد يقول قائل هنا: دعوهم لا تنتقدوهم، اتركوهم يمارسوا الاعتدال، لكن المسألة أخطر من كل ذلك، فمن سينقح الفكر المبتلى بعلل تحتاج إلى عقود من التصحيح؟ من سينقح كتبنا، وثقافتنا، وقبل ذلك عقول من صدقوا تجار الشعارات؟ أسئلة يجب أن تطرح، وتناقش، بوسائل إعلامنا، وتحديدا الإعلام المرائي، وليس المرئي، الإعلام الذي يعد بمثابة «الجزيرة» الدافئة لكل متشدد ومتنطع. 

السابق
مصر .. ومشروع إسرائيلي مخيف!
التالي
بأي سرعة نخرج من أفغانستان؟