هل بكى عون في حضرة نصر الله؟

مَنْ شاهد صورة العماد عون في الشريط التلفزيوني الذي سجل لقاءه مع السيد نصر الله ودقق فيها لاحظ ان علامات التأثر كانت بادية على محيا الأول وهو يتطلع مليّاً الى الثاني. وبدا هذا التأثّر ردّ فعل طبيعي على لقاء لم ينعقد منذ فترة طويلة وهو لا بد أنه خضع لمقتضيات التدابير الأمنية التي يتخذها “حزب الله”.
لا بدّ أن الأسباب وجيهة جداً لكي يتحمل زعيم “التيار الوطني الحر” عناء الوصول الى حليفه زعيم “حزب الله”. ويخيّل للمرء أن التأثّر الذي بدا على وجه عون هو الأقرب الى البكاء الذي يأتي في هذه الحالات جراء هذا النوع من التأثّر.
ومن باب المصادفة بثت وسائل الاعلام هذه الأيام شرائط من كوريا الشمالية تسجل بكاء الألوف من المواطنين هناك على زعيمهم الراحل كيم جونغ – إيل. فهم راحوا يبكونه البكاء المرّ رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً في كل مكان. مما يثير الذهول فيمن يشاهدهم في الخارج. فالى هذه الدرجة يجهش هؤلاء بالبكاء على ديكتاتور تقدم به العمر وكأنه فقيد محبوب في ريعان الشباب؟ صحيفة نيويورك تايمز تجيب عن هذا السؤال في رسالة لمندوبها من سيول عاصمة كوريا الجنوبية بالقول “إن صور التعبير المتطرفة عن مشاعر الحزن (…) تعتبر جزءاً مقبولاً من الثقافة الكونفوشيوسية الكورية. وتعاظمت ثقافة الحداد في الشمال بفعل طائفة دينية ينظر فيها الى قائد الدولة باعتباره أباً لكل شعب كوريا الشمالية”.
روى لي سياسي كانت له ادوار مهمّة في لبنان منذ عقود طويلة أن بعثة اعلامية ايرانية سجلت معه حديثاً في التسعينات. ولما أنجزت المهمة طلب الاعلامي رئيس البعثة من افرادها الانصراف من الغرفة التي سجل فيها اللقاء ليسأل بعد ذلك على انفراد السياسي: “هل تعتقد أن بامكان حزب الله أن يحكم لبنان؟” الجواب الذي رد به السياسي كان تأكيد استحالة ان يحكم الحزب لبنان. لكن السؤال بقي عالقاً في ذهنه حتى اليوم.
هناك من بين الجمهور الذي شاهد نصر الله يظهر فجأة بينهم في العاشر من محرم قبل اسابيع خلال احياء اليوم الأخير من مراسم عاشوراء من أجهش بالبكاء تأثراً من وطأة المفاجأة. وأغلب الظن ان عون مرّ بحالة نفسية مشابهة عندما التقى نصر الله بعد طول انتظار. ولعله عانى من وطأة التأثر الشديد وهو يرى بأم العين الأربعاء الماضي غداة لقائه نصر الله كيف ينقلب الموقف في مجلس الوزراء رأساً على عقب فيصبح مشروع الأجور الذي رعاه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي خاسراً وينتصر مشروع وزير العمل التابع لعون رابحاً وذلك لأن السيد نصر الله أمر بأن تصبح الحكومة برئاسة عون. إذا بكى عون فسيكون متأثراً من شدّة الفرح. وإذا جاراه اللبنانيون في البكاء فهو حزناً على دولة لا يستطيع رئيسها ورئيس حكومتها ورئيس مجلسها النيابي ان يقرروا شيئاً وينفذوه. أما نصر الله فيبدو ضاحكاً “في عبه” كما يقال لأنه يدير من مخبئه في الضاحية شؤون هذه الدولة!

السابق
الأكثرية لميقاتي: تحرّر من ظل الحريري وإلا فستخرج خالي الوفاض
التالي
حجج لتبرير إلغاء معاهدة الإذلال بين مصر وإسرائيل