دعوة لدفن «عملاق أيرلندا» بعد 230 سنة على وفاته

 تعالت أصوات كثيرة في بريطانيا أخيراً مطالبة بدفن مواطن يدعى تشارلز بيرني توفي في عام 1780 وما زال هيكله العظمي محفوظاً في متحف هنتريان التابع للكلية الملكية البريطانية للطب في لندن وذلك لخصوصية الرجل الذي عرف بلقب «عملاق ايرلندا»، نسبة إلى إقليم ايرلندا الشمالية الذي تحدّر بيرني منه.
ووفقاً لمواصفات بيرني المعروضة مع هيكله العظمي للجمهور كان طوله سبعة أقدام وسبع بوصات، أي ما يعادل 235 سنتيمتراً، وكان وسيماً وقوي البنية ما جعله في تلك الفترة أحد أبرز الشخصيات في لندن ومحط أنظـــار الكثيرين، فعاش حياة أشبه بحياة المشاهير وانخرط في المجون واللهو وأدمن على شرب الخمر لدرجة مفرطة أدت في النهاية إلى القضاء عليه في سن مبكرة لا تزيد على 22 عاماً.
وعندما شاع خبر وفاته أسرع طبيب جراح مشهور في ذلك العصر يُدعى جون هنتر، الذي أطلق اسمه على متحف هنتريان التابع لكلية الطب الملكية تقديراً لخدماته الجليلة في علم الطب، والذي نجح في الحصول على جثة بيرني في حينه لتشريحها ولإجراء الأبحاث الطبية عليها. وبالفعل أجريت على الجثة سلسلة طويلة جداً من الأبحاث استفادت البشرية منها كثيراً، حيث تبين أن الضخامة التي تميّز بيرني بها كانت ناتجة عن خلل في الغدد وإفرازات زائدة في الهرمونات لم يكن الطب في حينه مطلعاً عليها، وبناء عليها بدأ الأطباء لاحقاً في البحث عن علاج لمثل هذه الحالات. وظل الخبراء يستخدمون الجثة لمدة طويلة وكان آخر الأبحاث التي أجريت عليها جرى منذ بضعة عقود وتعلق بعلم الجينات، حيث تمكن العلماء من تحديد الجينات والمورثات التي انتمى إليها بيرني، حيث تبين أنها ما زالت موجودة في إقليم إيرلندا الشمالية، ويجري تحذير الحاملين لها مسبقاً من أجل معالجة الخلل الوراثي لديهم قبل استفحاله.
بعد الانتهاء من الأبحاث التي جرت على جثة بيرني، تم نقلها إلى متحف الكلية الملكية البريطانية للطب، ولم يبق منها سوى الهيكل العظمي الذي ما زال معروضاً هناك ضمن نماذج بشرية مختلفة لها علاقة بالاكتشافات الطبية وأدوات أخرى لها علاقة بمهنة الطب. وفي العدد الأخير من «ذي بريتش ميديكال جورنال» التي تصدر عن الكلية الملكية دعا البروفيسور لين دويال، من كلية الطب في جامعة كوين في بلفاست إلى دفن الجثة وفقاً لوصية بيرني الذي أوصى بأن يوضع بعد وفاته في صندوق معدني ويُلقى في البحر. ولاقت دعوة البروفيسور دويال تجاوباً واسعاً من جانب وسائل الإعلام التي أبرزت القصة وضمت صوتها إلى جانب صوته.
يشار إلى أن بلدانا كثيرة في العالم لديها تقليد منتشر جداً يقوم بموجبه الكثير من الناس بالتبرع بجثثهم للجامعات ومراكز الأبحاث الطبية لإجراء البحث عليها. ويقوم هؤلاء بإبلاغ طبيب العائلة برغبتهم في ذلك ويتم نقل الجثة إلى أحد المعاهد الطبية، حيث يتدرب عليها طلاب الجامعات الذين يدرسون الطب. غير أن البروفيسور دويال رأى في الطريقة التي تم الحصول بها على جثة بيرني تصرفاً غير إخلاقي، إذ أن الطبيب الجراح هنتر، الذي امتلك جثة بيرني بعد وفاته فعل ذلك من خلال دفع الرشوة للمحيطين ببيرني، على الرغم من الوصية التي تحدثت صراحة عن رغبة الرجل بأن يُدفن في أعماق البحار. فيما اعترض آخرون على دعوة البروفيسور دويال وقالوا ان حالة بيرني فريدة من نوعها وتستحق أن تـُخلـّد في متحف محترم مثل متحف هنتريان وقد يضطر علماء الطب مستقبلاً للعودة إلى الجثة من أجل المزيد من الأبحاث. 

السابق
منتجعات تزلّج فرنسية مهددة بالزوال
التالي
ولادة نعجة بثلاث عيون وأنفين وفمين في المغرب!