الجمهورية : تحذير دبلوماسي غربي للبنان من تشريع مقولة وجود “قاعدة” فيه

 قالت "الجمهورية " :
أقفل الاسبوع السياسي على يوم دموي في سوريا، ورسمت التفجيرات التي استهدفت عمق الأمن السوري في دمشق، واسفرت عن 40 قتيلا وأكثر من 150 جريحا، أكثر من علامة استفهام لتزامنها مع وصول المراقبين العرب، وقرأ كل في كتابه: النظام اتهم "القاعدة"، والمعارضة السورية اتهمته، و"حزب الله" اتهم الولايات المتحدة الأميركية.
وسبق كل هذه الاتهامات ما كان اشار إليه وزير الدفاع الوطني فايز غصن من"معلومات تتحدث عن عمليات تحصل على بعض المعابر غير الشرعية ولا سيما في عرسال، بحيث يتم تهريب أسلحة ودخول بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم "القاعدة" تحت ستار أنهم من المعارضة السورية" . لكن الثابت الوحيد هو ان معادلة جديدة دخلت فيها الأزمة السورية، ومعها دخلت سوريا الحرب على الطريقتين اللبنانية والعراقية.
فالتفجيران "الانتحاريان" حسب توصيف الخارجية السورية، استهدفا مركزين أمنيين في العاصمة، وهما" من اعمال تنظيم القاعدة"، وتمّا بواسطة سيارتين مفخختين نفذهما انتحاريان، حسبما بث التلفزيون السوري.
واعلن الناطق باسم الخارجية جهاد مقدسي ان العملية تحمل آثارالفكر السلفي لتنظيم "القاعدة".وأكد ان "وزارة الدفاع اللبنانية حذرت في وقت سابق الجانب السوري من "تسلل مجموعة من عناصر "القاعدة" عبر بلدة عرسال اللبنانية الى سورية"، مشيرا الى أنه " بعد يومين من هذا التحذير والمعلومات اللبنانية، تم استهداف المقار الأمنية السورية".
ورد الرئيس سعد الحريري على الاتهام السوري، قائلا: "ان هذا النظام يحاول أن يحوّل الأنظار عمّا يفعله بشعبه، لكن خطته فاشلة، وكلام الخارجية السورية مردود إليها، وهو مفبرك مع بعض أدواتها في لبنان".
لكن "حزب الله" اتهم الولايات المتحدة الاميركية مباشرة بتفجيرات دمشق "التي جاءت بعد يوم واحد من التفجيرات المنسّقة التي استهدفت بغداد والمدن العراقية الأخرى"، وقال:"إن هذه التفجيرات هي من اختصاص الولايات المتحدة أُم الإرهاب".
وعلمت "الجمهورية" ان الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي اتصل هاتفيا بوزير الخارجية السورية وليد المعلم مستفسرا منه عما جرى، وسيلتقي المعلم اليوم رئيس بعثة المراقبين العربية.
وحذرت مصادر ديبلوماسية غربية السلطة اللبنانية من "تغطية وتشريع مقولة أن ثمة "قاعدة" في لبنان، نظرا لانعكاس هذا الأمر على أمن البلد واستقراره في ظل الخشية من توريطه في الأزمة السورية من البوابة الأمنية"، داعية الحكومة إلى "نفي المعلومات التي تحدثت عن وجود عناصر للقاعدة تسللت من لبنان إلى دمشق، خصوصا في هذه اللحظة السياسية التي ترافقت مع عودة التفجيرات الأمنية في العراق وانتقالها إلى سوريا".
وقالت المصادر نفسها "أن لبنان موضوع أساسا تحت المجهر الدولي بسبب الخدمات التي يقدمها للنظام السوري، إن في ملاحقة المعارضين السوريين واعتقالهم وتسليمهم للسلطات السورية، أو في الشكوك القائمة حول التسهيلات المالية وخرقه للعقوبات الاقتصادية الموضوعة على النظام السوري، وبالتالي التساهل أو التسليم بالاتهامات السورية لا تشكل غطاء فقط للنظام السوري، إنما قد تعرض لبنان لأعمال انتقامية على أساس معلومات لا أساس لها من الصحة".
لبنانيا، حلّت عطلة الاعياد لكن "عيدية" اللبنانيين المتمثلة بزيادة الأجور بقيت رهن التجاذب السياسي في انتظار قرار مجلس شورى الدولة بالافراج عنها، في الوقت الذي توسعت رقعة التداعيات التي خلفها "الإنقلاب الثلاثي" على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقد وتفرّغ طرفا النزاع الى إجراء قراءة سياسية وإقتصادية هادئة، ولو متأخرة، ذلك ان هذه القراءة العلمية والإقتصادية المجردة لم تتم بعد، لا في صفوف الداعين الى هذه الصيغة الذين هللوا لها ولا المعترضين عليها.
وتوقفت مراجع قيادية امام ردات الفعل التي انتجتها الصيغة الإنقلابية للأجور وبدأت باستجماعها تحضيرا للمرحلة المقبلة بعدما تبين ان هناك بوادر انقسام حكومي مخافة من ان تتعزز في الأيام المقبلة عند الترجمة الفعلية لما تقرر.
وكشفت مصادر مالية واسعة الإطلاع لـ "الجمهورية" ان القرار الجديد سيفرض على وزيرالمال محمد الصفدي إعادة النظر في السلة المالية التي عليه ان يحسبها في مشروع موازنة العام 2012 والتي يمكن ان ترتفع من 800 مليار ليرة لبنانية ككلفة سنوية الى 1200 مليار عند إحتسابها على مستوى رواتب ومخصصات الأجراء والموظفين والمتقاعدين من كل الأسلاك الوظيفية المدنية والعسكرية والأمنية.
وتزامنا مع التحرك الذي بدأه الوزير السابق عدنان القصار نيابة عن رؤساء الهيئات الإقتصادية في جولته على المسؤولين، بدءا من موقع "قيادة الإنقلاب" في الرابية – كما وصفه أحد كبار الإقتصاديين – محذرا من المخاطر المترتبة على الوضع الإقتصادي والمالي في البلاد في عز الأزمة السياسية التي تعيشها المنطقة، واصلت الهيئات التعبير عن غضبها وقلقها البالغ من النتائج المترتبة على ما تقرر، فيما بدأت المراجع العمالية تقرأ الأجواء السلبية التي انتجتها الصيغة الجديدة، على رغم أن الأرقام التي نالتها تبدو مميزة ولم تكن لتخطر ببالهم لا في الشكل ولا في المضمون، حتى في اللحظات التي ولد فيها "التفاهم الرضائي" بين الهيئات الإقتصادية والإتحاد العمالي العام.
وتعترف اوساط الهيئات والاتحاد العمالي ان الصيغة التي تم التفاهم عليها كانت ستحول الحد الأدنى للأجور الى 911 الف ليرة ما دام الإتفاق جرى على 625 الف ليرة للحد الأدنى للأجور، تضاف اليه بدلات النقل المقدرة شهريا بـ 236 الف ليرة. فجاء الحد الأدنى الجديد ليحرمهم بضعة آلاف من الليرات تساوي الـ 43 الف ليرة لبنانية.
ووضعت مصادر مطلعة في قوى 14 آذار ما حصل في مجلس الوزراء اخيرا من انقلاب على ميقاتي "في إطار استدراك إشارات الضعف الناتجة عن التمويل وتصويت "حزب الله" و حركة "أمل" ضد عون، خصوصا أن تزامنها مع وضع النظام السوري المأزوم ينعكس سلبا على قوى 8 آذار، وبالتالي تحاول هذه القوى إعطاء إشارة بأن تحالفها ما يزال مستمرا، معتبرة أنه من أجل تكريس التفاهم الثلاثي "مورس تهديد كبير" على رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يغرد خارج هذا السرب".
ولفتت المصادر إلى "أن الرسالة التي لم يتمكن الحزب من تمريرها بالتمويل بأن الحكومة هي حكومة "حزب الله"، وجد الفرصة مؤاتية في لحظة لبنانية – إقليمية للقول أنها حكومة الحزب وأنه ممسك بكل مفاصل السلطة في لبنان، وبالتالي أكد بنتيجة التصويت داخل مجلس الوزراء ما ذهبت إليه المعارضة في استمرار من أن القرار الفعلي موجود في الضاحية، وما عدا ذلك هو لذر الرماد في العيون".
واعتبرت المصادر "أن الخاسر الأكبر من هذه العملية هو صدقية مجلس الوزراء نفسه الذي يصوّت على الموضوع نفسه حينا في هذا الاتجاه وحينا آخر في الاتجاه المعاكس من دون الاخذ في الاعتبار مصالح الناس، إنما فقط توجيه الرسائل السياسية بما يتلاءم مع مصالح "حزب الله" وأهدافه". وإذ أشارت الى أن ما حصل في مجلس الوزراء جاء غداة اللقاء بين السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون، رأت "أن الحزب فضّل الغطاء المسيحي الذي يؤمنه له عون على أي اعتبار أو تحالف آخر، ما يؤكد مجددا خطورة الدور الذي يلعبه عون في تغطية حزب مسلح يحول دون قيام الدولة، كما تغطية النظام السوري الذي يقتل شعبه، ما يعرض المسيحيين بوضعهم في مواجهة الشعوب التواقة إلى الحرية والديموقراطية".
في المقابل، وصف مصدر قيادي بارز في قوى 8 اذار ما جرى بأنه انجاز يسجل للحكومة، وقال لـ"الجمهورية": "ان ترددات اهتزاز العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" إثر سقوط مشروع وزير العمل تم تطويق ذيولها عبر الاجتماعات التنسيقية المتتالية بين المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ووزير الطاقة جبران باسيل، فتم العمل خلالها على وضع الامور في نصابها تحت عنوان "الاتفاق على التنسيق الدائم"، وتوّجت هذه الاجتماعات بلقاء السيد نصر الله والنائب عون اخيرا حيث تكرّس الاتفاق الثلاثي بين حركة "أمل" وحزب الله والتيار الوطني الحر على تنسيق الامور داخل كل جلسات مجلس الوزراء لتلافي الوقوع في خطأ عدم التنسيق مجددا، وقد تظهّرت اولى نتائج هذا التنسيق في التصويت على مشروع نحاس على ان ينسحب التنسيق أيضا على سائر الملفات ولا سيما منها ملف التعيينات و"شهود الزور" والكهرباء والى ما هنالك من ملفات تتطلبها المرحلة الراهنة، بحيث سيتكرس التوافق الثلاثي الأبعاد. 

السابق
الأخبار : سليمان يزيّت عجلة استئناف الحوار
التالي
الحياة : 44 قتيلا في تفجيري دمشق وعشرات القتلى