وطنٌ..ليس للبيع

 لِأنَّ الوَطنَ ليس حِجَارةً وإسْمِنتَاً أو عِمارةً معرُوضَةً للبيع..أو تاريخاً كتَبَهُ مُؤرّخُ سُلطان وسُلطة..وأشرَفَ عليه مُحَقّقٌ مأجور أو مندوب من سُلُطات الإنتِدَاب بِشِقّيها القديم والجديد..ولا نُؤمِنُ كما آمَنَ فُقهاءُ الماركْسِيّة والقوميّة والحزبيّة الإسلاميّة بأنّ الوطن فرعٌ من فُروعِ ..سايكس..بيكو…أو رُقعة جغرافيّة بِيعَت في الأسواق والمزاد المفتوح على حقوق وخيارات المسيحيّين في الشرق ودور الموارنة في جبل مُستَقلّ يُرَادُ بيعُهُ أو بلْعُهُ بإعتباره جُزءاً من هويّة شاميّة….وأنا من الكافرين بلبنان المُجتزأ الهويّة والمُصادر السيادة لحساب جهة قريبة أو بعيدة…ومن المؤمنيين بالتّاريخ كما جاء،وكما ظهّرته الحروب ونتائجها… لأنّ الهويّة الجفرافيّة مقطوعة من قِبَلِ صُنّاع الحُرُوبِ والإنتِصارَاتِ والهَزائِم………من هنا أَرَى لبنان دولةً قائمةً ودائمةً ومُستمِرّةً رُغمَ مُحَاوَلاتِ الطّوَائِف والحِزبيّاتِ الشُمُوليّة، مَحْوُ الدّولة من الذّاكرة الوطنيّة وإنتاج صِيَغ محلّية على حساب الدّولة…..لستُ مضطرّاً لِبيَعِ منزلي لِصَالِح الجَارِ والصَديق والحَلِيف وإبن ملّتي أو مذهبي أو طائفتي..ولستُ مضطرّاً إلى حَرْقِ الدّولة لصالح العقيدة أو الفكر أو ألأيديولُوجيّة….ولستُ مُضطَرّاً إلى دُخُولِ الثَّوْرَةِ حتى أصِلُ إلى الثّرْوَةِ والغِنَاءِ الفاحش لأنّ سقفَ الدّولة هو أرفع سُقُوف المنازل وبدونه ننكشف ونقفُ في العَراءِ التّاريخيّ..وفي الجِهة المُقابِلة للجهة التي يقفُ عليها الفلسطنيّون الذين يبحثون عن وطن تَمّ بيعُهُ في أسواق متعدّدة…ولحُسنِ حَظِنا أنّ في لبنان من يتمسّك بالدّولة ولا يبيع الوطن لأوّل مُشتَر من السّمَاسِرة السّياسيّين والدّينيين..ولِحُسنِ حَظِنا أيضاً أن نسكُنَ وطناً قائماً على التّنوّع الذي يَحمي الدّولة من طمُوحَاتِ الطّوائِف الرَخيصة….ظنّي المُثقل باليقين أنّ الربيعَ العربيّ قدّ يصلُ إلى لبنان في فصل من فُصُول الشّعب لِنتَحرَّرَ ونُحَرِّر الدّولة من سِيّاسَاتِ ألأسوَاق التي تُرِيدُ بَيعَ لبنان في مَزادَاتِ ألإنتمَاءاتِ الخارجيّة … وهنا أُرَاهِنُ على وِلادةِ كتلة وطنيّة مفطومة عن الطّوائف وذهنيّات المذاهبّ ومشبّعة بِرُوحِ الدِّيمُقرَاطيّة والعَلمنة المُؤمِنة بوطن يتساوى فيه المُوَاطِنُون في الحُقُوقِ والواجبات وتُمارَسُ فيه الخُصُوصِيّات وتستقيمُ فيه المعايير القانونيّة والدّستوريّة…. 

السابق
يوسف اتهم “تيار عون” ب”الفساد” وحمل على صحناوي
التالي
“الأنباء”: جنبلاط لم يمتن علاقته بـ”8 آذار” وحافظ عليها “المستقبل” و”القوات”