لا تنسوا الصواريخ العشوائية واعتداءات اليونيفيل

التفجير الأخير الذي تعرّضت له دورية عسكرية فرنسية تابعة للقوات الدولية العاملة في الجنوب لم يكن الأول، وقد لا يكون الاخير. والصاروخان اللذان اطلقا على اسرائيل قبل ذلك، ثم الصاروخ الذي لحقهما بعد ايام وأصاب خطأ قرية لبنانية، أُطلقت قبلها صواريخ، ولا شيء يمنع ان تُطلق بعدها صواريخ. طبعاً غضبت الدولة اللبنانية جراء ذلك، واستنكرت و”فتحت تحقيقات”، على ما قال الناطقون باسمها، وطالبت قيادة القوة الدولية بالصبر وبالتعاون لمنع تكرار ما حصل، وأكدت استمرار التزامها القرار 1701، ودعت الدول المشاركة فيها الى عدم اتخاذ اجراءات تزيل “شبكة الأمان” التي جنبت الجنوب منذ 2006 وحتى الآن مواجهات عسكرية مباشرة، علماً ان نجاحها في ذلك ما كان ممكناً لولا التعاون الذي قام به “حزب الله” والذي هدّأ الوضع في الجنوب.

لكن الاسئلة التي يطرحها اللبنانيون اليوم هي: هل ستُكمل الدولة اللبنانية تحقيقها؟ وهل تُطلع الرأي العام اللبناني عليه؟ وهل تقف الدولة مع المقاومة وحزبها او مع القوات الدولية ومجلس الأمن التي ارسلها الى الجنوب عام 2006؟ وهل تعمل الدولة حالياً مع قيادة القوات الدولية والدول المشاركة فيها ومع “الحزب” ومقاومته وراعييه الاقليميين من اجل تصحيح تطبيق اتفاق القرار 1701؟ وهل يُقدِم مجلس الأمن في حال تكرّرت الاعتداءات على “قواته” وتكرّر اطلاق الصواريخ “العشوائية” على اسرائيل، وفي حال وجود شك عنده في ضلوع ما وسكوت للحزب عن الفاعلين، هل يُقدم على درس المستجدات واتخاذ القرارات اللازمة في شأنها؟ وهي قد تكون سحب القوات، او تعديل اسس الاشتباك، او اي شيء آخر. وهل تُقدِم دول مشاركة في القوة الدولية على سحب مشاركتها او خفضها؟طبعاً لم تُقدِّم الدولة اللبنانية الى اللبنانيين اجوبة عن هذه الاسئلة حتى اليوم. كما لم تقدم اجوبة عن اسئلة مشابهة عندما حصلت اعتداءات مماثلة في السابق. ولا ينتظر هؤلاء اجوبة الآن، ذلك ان امام الدولة مشكلات كثيرة متنوعة، كما ان امام اركانها مشكلة تقاسم الحصص والمغانم في ما بينهم، اولاً ومع سائر القوى السياسية والطائفية والمذهبية.

ما هو الحل في ظل هذا الواقع المحزن؟
تحدثت اوساط اعلامية قريبة من احدى مؤسسات الدولة اخيراً عن احتمالات ثلاثة. الاول، خفض عديد القوة الدولية او خفض الدول المهمة فيها نسبة مشاركتها فيها. والثاني، تقليص مساحة انتشار القوة الدولية. والثالث، تقليص مهمات القوة الدولية. والاستنتاج الوحيد عن الاحتمالات المذكورة هو وضع المسؤولية الكبرى على عاتق الجيش اللبناني في منطقة عمليات هذه القوة. والمعطيات المتوافرة تشير الى ان مسؤولي الدول المشاركة بحثوا فيها، ورغم ذلك لا تزال الدولة صامتة ربما عن عجز عن الاتفاق على موقف واحد من هذا الموضوع. فهي مع القوات. لكن “قوات الامر الواقع”، كما تسمى، لها حساباتها ومواضيعها المختلفة والمتناقضة رغم المثلث الذهبي الذي يعكس خبث قادة لبنان او معظمهم والمؤلف من “الجيش والمقاومة والشعب”. اما القوة الدولية، فقد اكد قائدها قبل اسبوع او اكثر انه “لا تزال هناك اسلحة وعناصر عدائية مسلحة في منطقة العمليات”. فهل “حزب الله” ومقاومته من هذه العناصر؟

في اختصار، على قيادة القوة الدولية ان تكون صريحة عند كلامها عن دور الجيش اللبناني العامل معها في الجنوب بحيث تقول اذا كان يتعاون معها فعلاً، او اذا كان يتعاون وفقاً لـ”الثالوث الذهبي” مع غيرها. وعلى الدولة ان تكون صريحة ايضاً، لأن المغمغة وعدم الوضوح وغياب الشفافية يؤذي الجيش ويعطّل دوره كما يؤذي البلاد، وخصوصاً في ظل ثبوت معلومات تفيد ان “حزب الله” الذي حفظ الجنوب من “الاعتداءات والصواريخ العشوائية” قد لا يعود قادراً على ممارسة هذا الدور لأسباب اقليمية. وذلك يعني انه كان يعلم احياناً ببعضها ومعه مؤسسات رسمية. وهذه المعلومات يملكها فصيل لبناني مؤثر، وهي تفيد ان مناصراً له شاهد من مركز عمله في الجنوب، الذي قصده باكراً، إعداداً “مشتركاً” لعملية اطلاق صاروخ أو اكثر. فألقي القبض عليه “رسمياً”. ولم يُخلَ سبيله إلا بعدما هدّدت قيادته الحزبية بعقد مؤتمر صحافي تكشف فيه كل شيء.

السابق
واتكنز: قلقون من الأحداث جنوباً.. واللاإستقرار في المنطقة
التالي
ميقاتي لن يوقع على مرسوم تصحيح الاجور قبل موافقة مجلس شورى الدولة