الراعي: لبنان مسؤولية في أعناقنا ولا نستطيع أن نعيش متقوقعين في آرائنا

 ترأس البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي، قداسا على نية المؤسسة المارونية للانتشار، عاونه فيه المطران كميل زيدان، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمة، امين سر البطريرك الخوري نبيه الترس، القيم البطريركي العام المونسنيور جوزف بواري، والاب خليل عرب.
وشارك في القداس وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، وزير الاقتصاد نقولا نحاس، وزير العدل شكيب قرطباوي، وزير الدولة سليم كرم. والنواب: روبير غانم، نعمة الله ابي نصر، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الفرنكوفونية الدكتور خليل كرم، السفير بهجت لحود، السفير ناجي ابي عاصي، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الوزير السابق ميشال اده ونائب الرئيس نعمة افرام، رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه، رئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوض، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان، رئيس الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم عيد الشدراوي واعضاء المؤسسة المارونية للانتشار وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

العظة
بعد الإنجيل ألقى الراعي عظة رحب في مستهلها بالمشاركين بالذبيحة الالهية، وقال: "يسوع المسيح كشف لنا حقيقة الله والإنسان والتاريخ، وائتمننا على هذه الحقيقة، نستمد حقائنا اليومية من الحقيقة الوحيدة المطلقة التي هي ألنها يسوع، ونحن مؤتمنون في العائلة والكنيسة والمجتمع والوطن لقول الحقيقة، نستنير لقولها بيسوع ومعه الروح القدس، ويسعدنا اليوم أن نكون مجتمعين مع المؤسسة المارونية للانتشار التي تأسست، والغاية من تأسيسها هو الربط بين لبنان المقيم والمنتشر وربطه بالحقيقة، حقيقة الوطن والرسالة الوطنية، وحقيقتنا اللبنانية والمسيحية والمارونية. وكلمة الرب يسوع في إنجيل اليوم هي كلمة كل واحد منا من جيل الى جيل. ما سمعته أقوله للعالم، هذا كل جوهر المسيحية، وهذ هو معنى الميلاد الذي يصل الى ذروته في موت المسيح وقيامته، كل الهدف من سر التجسد والفداء إنما هو إعلام الحقيقة للبشر، لأنهم بدونها لا يستطيعون أن يعيشوا، فالحرية وحدها تجمع والحرية وحدها تسعد والحرية والحقيقة وحدها تحرر، حقيقة واحدة مطلقة هي حقيقة الله والإنسان، وكل حقائقنا هي نسبية ينبغي أن تستنير من معاني هذه الحقيقة. فيسوع، كما يقول بولس الرسول، هو أمس واليوم والى الأبد. يعاني مجتمع اليوم فقدان الحقيقة المطلقة، وباتت الحقائق نسبية، إذ يعتبر كل واحد من أصحابها أنه هو الحقيقة، وهذا ما نعانيه نحن ليس فقط على المستوى العالمي، بل على مستوى لبنان، وبتنا نعيش كأننا مدعوون الى أن نقبل حقيقة هذا وذاك، ويبقى الميلاد لنا حقيقة واحدة. أتريد أن تعرف الله؟ أعرف المسيح. أتريد أن تعرف الإنسان ونفسك وأي شخص آخر؟ اعرف المسيح. إن أردت أن تعرف معنى التاريخ والأحداث، فاعرف المسيح، هذه هي كلمته في انجيل اليوم، كل ما سمعته من أبي أقوله للعالم، ما أجملنا نبحث عن هذه الحقيقة ونعلن عنها، وما أجملها رسالة مسيحية ولبنانية".

وأضاف: "يسعدني معكم أن أحيي المؤسسة المارونية للانتشار، وأن أحيي المتفاني معكم وأمامكم في سبيلها، صاحب المعالي الوزير ميشال اده الذي نتمنى له العمر الطويل والصحة الكاملة، وأحيي كل معاونيه في هذه المؤسسة لأنكم كلكم تساعدون هذه المؤسسة، ومن خلالها نحيي كل أبناء لبنان، مقيمين ومنتشرين، وهذه المؤسسة شاءها صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال صفير، وأصدر مرسومها معكم من أجل ربط العائلة اللبنانية من خلال ربط العائلة المارونية، ولكي تتذكر المارونية أنها مدعوة الى أن تجمع لا أن تفرق، وأن تبني الجسور لا أن تهدم أي جسر، هذه هي مسيحيتنا وهذا هو معنى الميلاد، بناء جسور بين البشر، وهذه الحقيقة العظمى والأساسية. إن الناس مهما اختلفوا في دينهم وفي ثقافتهم وفي رأيهم فهم ينتمون الى عائلة واحدة، لكن بالمسيح أخوة وأبناء الله، هذه الحقيقة الأساسية نحن مدعوون الى أن نستمد منها حقيقة ثقافتنا وتجارتنا واقتصادنا وإعلامنا، وبنوع خاص حقيقة خياراتنا السياسية وعملنا السياسي، وخارج ذلك، إنما نكون نتخبط خبط عشواء".

وتابع: "الحقيقة هي التي تفرغني من ذاتي وتخرجني من ذاتي لكي أدخل في عالم وواقع جديد. وإذا كنت أسيرا وفقا لرأيي ورؤيتي ومصلحتي ومآربي ومكاسبي فأنا لست بحر، الحرية هي التي تخرجك من نفسك الصغيرة لتنفتح على الحقيقة العظمى التي كلنا نبحث عنها، ونأمل ان نتوصل اليها بغنى، هذه هي الحقيقة التي تريدها المؤسسة المارونية للانتشار، وهذا هو هدفها اليوم، أن تجمع بين لبنان المقيم والمنتشر، وهي تسعى لتسجيل الزواجات والولادات للمنتشرين في العالم، لكي تربطهم بهذا الوطن لبنان، الغني بتراثه وتقاليده ورسالته، والذي يتحدث عنه قداسة الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني بكلمة نبوية في مطلع الإرشاد الرسولي. كل الأنظار تتجه الى لبنان اليوم في واقع العالم العربي الذي يبحث عن هويته الداخلية وعن تعدديته وديموقراطيته، وعن الحريات وحقوق الإنسان، ليبقى لبنان حقيقة ناصعة هي رهن وعينا وإدراكنا، ولذلك لا نستطيع أن نعيش رسالتنا اللبنانية متقوقعين في آرائنا ونظرتنا الخاصة أو الفئوية أو الشخصية. لبنان أكبر منا، رسالته أكبر من كل واحد منا، إنه مسؤولية في أعناقنا".

ورأى "أن لبنان قال كلمته للتاريخ، ونحن مدعوون اليوم الى أن نواصل هذه الكلمة، إننا نحيي كل جهود المؤسسة المارونية للانتشار على ما تسعى اليه لتسجيل الولادات وزواجات المنتشرين إلى جانب ربطهم بالأرض اجتماعيا وثقافيا ووطنيا. وأود أن أحييها على المبادرة التي أطلقتها، وهي استعادة الجنسية للذين هاجروا قبل الإحصاءات المحددة، وإنني أشكر فخامة رئيس الجمهورية وأحييه، وكذلك رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والنواب، على عنياتهم واهتمامهم بهذا القانون الذي هو لخدمة كل اللبنانيين، فما أجمل أن تجتمع العائلة اللبنانية بمسلميها ومسيحييها".

وأشار الى "أن فرحتنا لا تكتمل إلا إذا بنينا معا العائلة اللبنانية المتنوعة في الأديان والثقافات والأحزاب والآراء، فهذا غنى وثروة، ولكن هذه مسؤولية ينبغي أن نبنيها كل يوم، وأقدم هذه الذبيحة كشكر على كل ما جرى من جهود وما بذل من تضحيات من أجل خدمة الإنتشار وربطه بلبنان المقيم. هذا القانون يختص بمشاركة اللبنانيين في الإنتخابات النيابية بالطريقة التي تجدها الدولة ملائمة، الروابط التي تجمعنا بالمنتشرين. ونحن نشكر كل الذين يبذلون جهودهم الحسية والمادية والفكرية من أجل هذه الغاية، ونصلي اليوم من أجل كل المنتشرين لأنهم بالحقيقة وجه لبنان في الخارج، وأي بلد نذهب اليه ونسأل عن اللبنانيين، أكان من مسؤولين مدنيين أو روحيين، فإننا لا نسمع إلا الثناء، ويقولون إنهم من الناحية الروحية مخلصون ومحبون للكنيسة ومؤمنون، ومن الناحية المدنية يقولون إنهم أصحاب ولاء لأوطانهم الجديدة، وأصحاب تضحية وسخاء، ونحن، يقولون، نقدر لهم كل ما أسهموا به في إنماء الإقتصاد والتجارة والثقافة والإعلام والسياسة والدين، إنهم سفراؤنا، ووجهنا وقضيتنا، وهم يساهمون اسهاما كبيرا في دعم عائلاتهم".

وقال: "أنتم تعرفون أن مبالغ كبيرة تدخل الى لبنان من المنتشرين من عائلاتهم، ولولاهم لكان العديد من عائلاتنا يتضور جوعا، أحييهم ونقدم الذبيحة على نيتهم، انهم يضحون في بلاد الغربة من أجل المقيمن هنا، كما أحييهم وأشكرهم على مساهماتهم ومسانداتهم لكل مشاريعنا الراعوية والإجتماعية في بناء الكنائس والقاعات والأندية، إضافة الى المساعدات للمدارس والجامعات والإستثمارات التي يؤدونها لهذا الوطن الحبيب. ذبيحتنا اليوم من أجلهم ومن أجلكم، وليبارك الرب أعمالكم ونشاطاتكم على كل المستويات. صلاتنا اليوم من أجل لبنان المنتشر، لكي يعيش المنتشرون بكرامة وبفرح، وأن يجمعنا الله بهم، شعبا واحدا وعائلة واحدة متنوعة متعددة دينا وثقافة ورأيا ورؤية. إننا نشكر الرب على كل هذا ونصلي من أجل المرضى في عائلاتكم وعائلاتهم لكي يمن عليهم بالصحة، كما نصلي من أجل الموتى الذين سبقونا الى ديار الآب وكانوا أوفياء للوديعة التي سلمونا إياها، ونصلي للذين تركوا لنا حقيقة لبنان وعائلتهم وحقيقة المسيحية والمارونية".

وختم: "تعالوا نحمل شعارنا اليوم، كلمة الرب يسوع، ويسعدني باسم صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال صفير، وباسم إخوتي السادة المطارنة، أن أحيي المؤسسة المارونية للانتشار والحضور معنا من مسؤولين ووزراء ونواب، وأتمنى لكم ميلادا مجيدا وسنة 2012 غنية بالنعم، ومن هذا المكان نحيي من هو مؤتمن على رعاية هذا الوطن الحبيب على قيادة السفينة، فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، راجين له وهو المؤتمن على حقيقة لبنان ان يقول لنا حقيقة ما سمع عن هذا الوطن الحبيب".
 

السابق
قوى الامن توقف سارقي “صيدلية مازن” في الشياح
التالي
أسامة سعد: نضال هيئة التنسيق حقق إنجازا يحتاج إلى التطوير