لا مفرَّ للموالين، والمعارضين، والحياديّين، والتجار والاقتصاديّين من مواجهة واقع الحال الذي يربض بثقله على صدر البلد وصدور الناس، فيما القريب والبعيد لا يكتمان تخوّفهما من الأعظم؟
فأين الرئيس نجيب ميقاتي، وماذا يفعل ويهيّئ في هذا الوقت الضائع، وكيف السبيل إلى الخروج من هذا الوضع المعلَّق على كفّ عفريت؟ وفي زمن تغيير العهود والدول وتطيير الأنظمة والرؤوس؟
من الصعب والمستحيل معاً إبقاء البلد أسيراً محاصراً بين المطالب التعجيزيّة لبعض المعنطزين من الحلفاء من جهة، ورفض دويلة المزنطرين حتى أخذ العلم بالأهوال التي بدأت تدقّ أبواب لبنان… والاعتراف بالدولة والمؤسّسات، صوريّاً على الأقل.
ومن الأصعب استمرار ميقاتي مكبّلاً بدوره، ومعه حكومته، كحجر بين شاقوفين، وهو الذي استطاع اجتياز أدقّ وأخطر بند سياسي، حين ابتكر مخرجاً ذكيّاً وناجحاً لتمويل المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان.
إذاً، كيف الوصول إلى حماكِ وليس لي في الأمر حيلة؟
وكيف الخروج من هذا المأزق المزدوج، بل الذي على ثلاثة وثلاثين طوقاً؟
القريبون جدا من الحاج نجيب يؤكّدون أنه ليس نائماً على "ودانه". والتعبير مصري يعني أنه ليس غريباً عن الوضع وتفاصيله، ولا هو يغنّي على ليلاه، إنما يعمل بجد وصمت على إعداد ما يمكن وصفه بـ"المفاجأة". والمفاجأة الإيجابيّة.
وربّما هناك أكثر من مفاجأة. سواء بالنسبة إلى الركود الاقتصادي وجمود الأسواق وحركة الإنتاج، كما بالنسبة إلى الوضع اللبناني الإنمائي والحياتي، بكل وجوهه، ومن فقش الموج إلى مرمى الثلج.
إنما لا كيف، ولا من يسألون أو يجيبون. باستثناء تنسيمات أو إيحاءات تقول إن رئيس الحكومة في صدد تحضير جملة من الخطط والاستعدادات، تمهيداً لاستقبال السنة الجديدة والمرحلة المقبلة بأكثر من ورشة على مختلف الصعد والمستويات…
الذين يودّون أن يأكلوا عنباً ويروا البلد يخرج من سباته ويغادر "المصحّة"، لا أن يقتلوا الناطور ويزيدوا الطين بلّة، يذكّرون الحاج نجيب أن الأيام والأسابيع تمرُّ سريعة، فيما الدلائل كلّها تشير إلى تراجعات قويّة في شتّى مجالات الإنتاج والإنماء والاستثمار.
هنا أيضاً نكتشف أن لدى "القريبين" ما يقولونه، مقروناً بالدعوة إلى انتظار بدايات السنة الجديدة، ومرافقة عجلة الحكومة التي ستكرج من الناقورة إلى النهر الكبير.
الناس كلّهم آذان صاغية وعيون شاخصة!
