السفير: الأجور تُربك الحكومة … والعمالي إلى سوليدير! وفد قبرصي يبدأ مفاوضات بحرية… ولبنان يكسب مساحات جديدة

بعد رسوبه في الامتحانين السابقين، يواجه مجلس الوزراء في جلسته اليوم مرة أخرى اختبار حسم إشكالية تصحيح الأجور، بطريقة توفق بين ضوابط مجلس شورى الدولة ومطالب الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية وهوامش الهيئات الاقتصادية. كما ان آلية التعاون والتنسيق المستحدثة بين الثلاثي «أمل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» ستكون بدورها أمام اختبار إثبات فعاليتها على طاولة مجلس الوزراء بعد «الروداج السياسي» الذي خضعت له في الأيام الماضية، ولعل مشروع وزير العمل شربل نحاس لإعادة الانتظام الى آليات الأجور سيشكل المحك الأبرز على هذا الصعيد، قبل أن ينصرف الوزراء للمشاركة في أمسية فنية ميلادية تحييها الفنانة ماجدة الرومي في القصر الجمهوري.

في هذه الأثناء، حققت العلاقة بين «حزب الله» وبكركي نقلة نوعية جديدة الى الأمام، من خلال الزيارة التي قام بها وفد يمثل البطريرك الماروني بشارة الراعي الى السيد حسن نصر الله، فيما عقدت اللجنة الخماسية المنبثقة عن اللقاء الماروني الموسّع في بكركي اجتماعاً أمس، وضعت خلاله جدولاً للاتصالات مع الأفرقاء الداخليين في شأن قانون الانتخاب على اساس الطرح الارثوذكسي، فيما كان لافتاً للانتباه قرار كتلة المستقبل النأي بنفسها عن البيان الماروني بعدما كان عدد من أعضائها من أوائل المنتقدين لتبني المشروع الأرثوذكسي.

وبعيداً عن الملفات السياسية، علمت «السفير» أن الوفد القبرصي وصل الى بيروت، وباشر البحث مع المسؤولين اللبنانيين في إمكان التوافق على ترسيم الحدود البحرية، بما يحفظ الحقوق النفطية للطرفين، وقد زار الوفد الناقورة أمس حيث عقد اجتماعاً مع قيادة «اليونيفيل»، على ان يزور اليوم السرايا الحكومية. وتوقعت مصادر واسعة الإطلاع ان تنجح المفاوضات في نهاية المطاف في الحفاظ على حدود لبنان مع الجانب القبرصي، وصولاً الى النقطة البحرية 23، بما يتيح اكتساب المزيد من المساحات الغنية بالموارد النفطية. مجلس الوزراء.. والأجور
أما في ما خص ملف الأجور، فقد جرت عشية جلسة مجلس الوزراء مفاوضات ماراتونية وصعبة بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية، تخللتها اجتماعات متلاحقة مع الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي، من دون أن تكون قد نجحت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس في التوصل إلى تسوية توفق بين طروحات «العمال» و«أصحاب العمل»، بانتظار ما يمكن ان تؤول إليه الاتصالات التي ستستمر إلى ما قبل انعقاد الجلسة عصراً.
وكان وفد يمثل الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية قد عقد اجتماعاً بحضور ميقاتي، لم يسفر عن نتائج حاسمة، فاتصل رئيس الحكومة ببري وطلب منه التدخل للمساعدة في ردم الهوة بين الجانبين.
إستجاب بري لرغبة ميقاتي، واستقبل مساء أمس، في عين التينة وفد الهيئات الاقتصادية برئاسة جاك صراف ووفد «الاتحاد» برئاسة غسان غصن. وبعد أخذ ورد، أخفق الطرفان في التوصل الى تفاهم، برغم ان مسافة التباعد بينهما استقرت في نهاية المطاف على 25 ألف ليرة لبنانية فقط، حيث تمسك غصن بأن يرتفع الحد الادنى للعامل الجديد الى 650 ألف ليرة و700 الف للقديم، بينما توقف صراف عند حدود الـ625 ألفاً للجديد و675ألفاً للقديم، كما أن المطلب العمالي بزيادة بدل النقل ألفي ليرة بقي عالقاً.
وبعد اللقاء مع بري، عاد وفد «الاتحاد» للاجتماع بميقاتي لاستكمال النقاش سعياً الى تدوير الزوايا، فيما قال غصن لـ«السفير» انه في حال عدم الاستجابة لمطالب العمال قبل موعد الإضراب المقرر في 27 الحالي، فإننا سنتظاهر وقد نحرق الدواليب، كما أننا سنطلب من العمال أن «يُعيّدوا» ليلة رأس السنة في «سوليدير».
وبينما توقعت مصادر سياسية بارزة ايجاد تسوية تؤدي الى تعليق الاضراب العمالي، قال وزير العمل شربل نحاس لـ«السفير» انه سيطرح في جلسة مجلس الوزراء اليوم مشروعاً متكاملاً لإعادة الانتظام الى آليات الأجر، وبالتالي تصفية تركة ثقيلة من السلوكيات الخاطئة التي أدت منذ عام 1995 وحتى اليوم الى تشويه مفهوم الأجر، آملا ان نربح هذه المعركة التي من شأنها ان تنصف الطبقة العاملة، وأوضح ان الحد الأدنى الإجمالي للأجر سيصبح بموجب مشروعه 681 الف ليرة لبنانية، على ان تُحتسب من ضمنه كل الروافد الموجودة خارجه حالياً، كما انه يلحظ أموراً للشباب وآليات لضبط عمليات الصرف وتغذية الصناعات بالكهرباء، مشيراً الى أن التفاصيل المتعلقة بالتغطية الصحية ستُناقش لاحقاً مع وزير الصحة علي حسن خليل، وأكد أن هناك تنسيقاً بصدد هذا المشروع بين «أمل» و«حزب الله» و«التيار الحر»، متمنياً ان ينعكس هذا التنسيق على طاولة مجلس الوزراء اليوم.
وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» إن جلسة اليوم ستكون أمام احتمالين يتراوحان بين تصحيح مرسوم الأجور كما طلب مجلس شورى الدولة، أو الخوض في مشروع نحاس، مؤكدة أن «حزب الله» و«أمل» وافقاً على جزء كبير من مقاربة نحاس، باستثناء ما يتعلق منها بدعم الأجر بنسبة 9 في المئة، هي بدل اشتراك فرع المرض والأمومة في الضمان الاجتماعي، على أن تدفعها الدولة بدلاً من أرباب العمل، لقاء تحويل ما كانوا يدفعونه لـ«الضمان» إلى أجور العمال، الامر الذي يستدعي قراراً جديداً وليس مجرد تعديل مرسوم، مع الإشارة الى ان نحاس وافق راهناً على تأجيل ربط التغطية الصحية الشاملة بالأجر كسلة واحدة.

«حزب الله» ـ بكركي
على صعيد آخر، اكتسبت الصفحة الجديدة بين «حزب الله» وبكركي قوة دفع إضافية من خلال الزيارة التي قام بها رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر والنائب البطريركي المطران سمير مظلوم والأمين العام للجنة الحوار الإسلامي ـ المسيحي حارث شهاب بتكليف من البطريرك بشارة الراعي، وبحضور عضو المجلس السياسي في الحزب غالب أبو زينب.
وقالت مصادر المجتمعين لــ«السفير» إن هناك مقاربة مختلفة للعلاقة الثنائية والملفات المطروحة قياساً الى مرحلة البطريرك السابق، مشددة على أن اللقاء بين نصر الله ووفد بكركي انطلق من مكان متقدم ومن مساحة تلاقٍ واسعة، يمكن أن يبنى عليها الكثير مستقبلاً على مستوى العلاقة بين نصر الله والراعي.
ولفتت الانتباه الى ان النقاش تناول كل المسائل الاساسية في لبنان والمنطقة، موضحة انه تم التطرق الى الأخطار المحدقة بالبلد ومستقبل العلاقات الاسلامية ـ المسيحية وهواجس بكركي في ضوء ما يجري في بعض انحاء العالم العربي، وصولاً الى كيفية تعزيز التعاون المشترك والانفتاح المتبادل، وترجمة معادلة «الشركة والمحبة» عملياً، وجذب كل اللبنانيين والعرب الى معادلة الوسطية ونبذ التطرف.
وأفادت المصادر أن قراءة نصر الله ووفد البطريركية المارونية للهواجس المسيحية والوطنية ولسبل معالجتها كانت متشابهة، مشيرة الى أن نصر الله أبدى الاستعداد التام للتواصل مع بكركي في كل ما يهمّها. وأكدت أنه لم يتم التطرق خلال الاجتماع الى مسألة سلاح المقاومة، «لأن كلا الجانبين قد تجاوزها ولم تعد مادة آنية للنقاش».
وإذ رأت المصادر أنه لولا الاعتبارات الأمنية لكان اللقاء بين نصر الله والراعي قد تمّ منذ فترة، لفتت الانتباه الى أن انعقاده لاحقاً يتوقف على الظروف الإجرائية، علماً انه يمكن القول إن اللقاء بينهما حصل من حيث المضمون بانتظار إتمامه من حيث الشكل..  

السابق
اللواء: نواب بيروت يحملون ملف السلاح إلى سليمان اليوم ·· ووفد من بكركي عند نصر الله
التالي
الأقليات والأكثرية واستهدافات التغيير ومخاوفه