البناء: مناورات جويّة وبحريّة للقوات السورية بالذخيرة الحية

بات من المرجح أن يقر مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية عصر اليوم في بعبدا تصحيح الأجور معدلاً، بعد الموافقة المشروطة لمجلس شورى الدولة واعتراضات الاتحاد العمالي العام على ما كان تضمنه القرار الأخير من زيادات جاءت أقل بكثير مما تطالب به الحركة النقابية.
لكن الاتصالات المكثفة التي استمرت في اليومين الماضيين لم تفض إلى توافق على طبيعة التعديلات الجديدة التي سيتم إدخالها على القرار السابق، إذ بقيت المواقف متباعدة ما بين الأطراف المعنية الثلاثة أي: الحكومة والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية، على الرغم من حصول توافق في الاجتماع الخماسي الذي انعقد أمس للمرة الثانية وضم المعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله الوزير علي حسن خليل والحاج حسين خليل إضافة إلى الوزراء جبران باسيل، محمد فنيش، وشربل نحاس، بينما أكد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام أمس على استمرار قرار الإضراب في 27 الجاري، داعياً إلى أوسع تحضير لإنجاحه.
وليلاً زار وفد من الاتحاد العمالي برئاسة غصن ووفد من "الهيئات" برئاسة محمد شقير عين التينة والتقيا الرئيس بري ودار الحديث حول آخر ما جرى في إطار التفاوض بشأن الأجور وأجواء اللقاء مع الرئيس ميقاتي.
وعلم أنه لم يتم التوصل إلى توافق.

في موازاة ذلك، انعكس التوقيع بين الحكومة السورية والأمانة العامة للجامعة العربية على بروتوكول إرسال مراقبين إلى سورية، مزيداً من الارتياح لدى كل الحريصين على خروج سورية من الأزمة التي تمر بها، على الرغم من تشكيك القوى والأطراف الساعية لإثارة الاضطراب والفتنة بدءاً مما تسمى المعارضة السورية إلى حلفائها عربياً وصولاً إلى واشنطن والغرب.
وفيما أصدر الرئيس بشار الأسد قانوناً بمعاقبة كل من هرَّب السلاح بالأشغال الشاقة 15 سنة، والمؤبد إذا كان تهريب السلاح للاتجار أو ارتكاب أعمال إرهابية، كشف وزير الدفاع اللبناني فايز غصن عن معلومات على مستوى كبير من الأهمية والخطورة تتعلق بتهريب السلاح ودخول العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة إلى سورية، وهو الأمر الذي كانت أشارت إليه "البناء" في الفترة الأخيرة.
لكن اللافت من حيث التوقيت والرسائل أمس كان المناورات الضخمة التي أجرتها القوات المسلحة الجوية والبحرية السورية لاختبار القدرات القتالية لهذه القوى، التي أظهرت قدرة عالية على إصابة الأهداف بدقة.
تصحيح الأجور: تقدم ولكن!
وبالعودة إلى ملف تصحيح الأجور، فإن الاتصالات استمرت مكثفة يوم أمس سعياً وراء الاتفاق على صيغة توافقية ترضي الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية وتلبي أيضاً إمكانيات الموازنة العامة.
ويبدو من خلال الاتصالات التي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس أن الأمور لا تزال قيد التداول، وإن كان الاتجاه للأخذ ببعض الأرقام التي كان تضمنها اقتراح وزير العمل شربل نحاس، فيما تحدثت أوساط أخرى عن أن الاتجاه هو لرفع الحد الأدنى إلى 625 ألف ليرة إضافة إلى رفع بدل النقل من ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف ليرة، موضحة أن مسار الأمور يتوقف على نتائج الاتصالات.
تباينات "العمالي" والهيئات
بدورها، أوضحت مصادر متابعة ليلاً لـ"البناء" أنه حتى مساء أمس لم يكن الاتفاق قد أنجز بعد بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية رغم الاجتماعات والاتصالات المكثفة التي جرت لهذه الغاية خلال الـ48 ساعة الماضية.
وقالت المعلومات إن تدخلات قوية جرت في الساعات القليلة الماضية لتسوية الخلاف بين الطرفين قبل جلسة اليوم.
وأضافت نقلاً عن مصادر مطلعة أن هناك رغبة لدى الطرفين بعدم الوصول إلى طريق مسدود، لكن الخلاف تركز على أمرين أساسيين هما: الحد الأدنى للأجور الجديد من جهة، والحد الأدنى المعمول به حالياً من جهة أخرى. فالاتحاد العمالي يطالب بـ650 ألف ليرة كحد أدنى للعامل الجديد في حين عرضت الهيئات الاقتصادية 625 ألفاً.
أما بالنسبة للحد الأدنى المعمول به حالياً فهو 500 ألف، فإن الاتحاد يطالب بأن يصبح الحد الأدنى 700 ألف في حين طرحت الهيئات الاقتصادية 675 ألفاً.
وقالت المعلومات إن هناك تقارباً ولا وجود لخلاف حول زيادة الرواتب من مليون وما فوق، بمعنى أن يكون الحد الأقصى للزيادة 300 ألف بدلاً من 275 ألفاً وفقاً لقرار الحكومة الأخير.
أما النقطة الثانية التي يمكن أن تسهل الحل، فهي مطالبة الاتحاد العمالي بزيادة بدل النقل من 8 إلى 10 آلاف ليرة يومياً، بينما لم توافق الهيئات الاقتصادية على هذا الطرح وذلك أيضاً حتى ليل أمس.
أوساط ميقاتي
لكن أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أوضحت مساء أمس لـ"البناء" أن الأجواء إيجابية وإن كانت الاتصالات لم تنته إلى توافق نهائي. وأضافت أن الأمور تسير باتجاه الحلحلة لا التصعيد، وأن المطلوب هو صيغة مقبولة من الجميع على قاعدة "لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم".
الإضراب قائم
وكان غصن أكد بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد أمس أن الإضراب ما زال قائماً، لافتاً إلى أنّ كل النقابات سوف تشارك في هذا الإضراب، مشيراً إلى وجوب اعتبار الدعوة إلى الإضراب دعوة صريحة لكل المتضررين من السياسة الاقتصادية الحالية، على أن تعقد لجنة المؤتمر النقابي اجتماعاً اليوم.
تعيينات في جلسة اليوم
وينتظر أن تقر جلسة مجلس الوزراء اليوم بعض التعيينات التي حصل توافق حولها وأبرزها تعيين السفير وفيق رحيمي أميناً عاماً للخارجية والسفير شربل وهبي مديراً للشؤون السياسية.

لقاء نصرالله ووفد بكركي
على صعيد آخر، اجتمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس مع وفد يمثل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في أول لقاء من هذا النوع منذ أشهر طويلة بعدما كان توقف الحوار في السنتين الأخيرتين اللتين سبقتا تولي البطريرك الراعي لسدة البطريركية، وفي خلال وجود البطريرك صفير على رأس بكركي على خلفية مواقفه السياسية المؤيدة لطروحات ومواقف فريق "14 آذار".
وأوضح بيان لحزب الله أنه جرى التداول بآخر التطورات على الصعد المحلية والإقليمية واتفق على التواصل الدائم حول مختلف القضايا والمستجدات.
وفيما اكتفت مصادر حزب الله بالقول إن الأجواء كانت إيجابية، قالت مصادر أخرى إن البحث تناول العديد من الأمور والملفات الداخلية انطلاقاً من الحرص على الاستقرار الداخلي وإنجاح عمل الحكومة.
مناورات جوية وبحرية ضخمة
أما على صعيد الوضع في سورية، وفي خطوة لافتة بتوقيتها ودقتها، نفذت القوى الجوية والدفاع الجوي السوري مناورة واسعة بالذخيرة الحية شاركت فيه تشكيلات من سلاح الطيران المقاتل والمقاتل القاذف وحوامات الدعم الناري وتشكيلات الدفاع الجوي بمختلف أنواعها بهدف اختبار القدرة القتالية لسلاح الطيران ووسائط الدفاع الجوي وجاهزيتهما في التصدي لأي اعتداء يستهدف أرض الوطن وحرمة أجوائه.
وقد أظهرت التشكيلات المشاركة مستوى عالياً من التنسيق والتعاون في ظروف شبيهة بظروف المعركة الحقيقية إذ أظهر رجال الدفاع الجوي خبرة متميزة وقدرة نوعية على استثمار السلاح الحديث والمتطور في كشف الأهداف المعادية وملاحقتها والتعامل معها برمايات صاروخية حقيقية وتدميرها.
وقد أثنى العماد داود عبدالله راجحة نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع السوري على أداء القوى الجوية ودفاعاتها الجوية، مؤكداً جاهزية القوات السورية المسلحة الدائمة للدفاع عن حدود الوطن والذود عن حياضه براً وبحراً.
وكذلك نفذت القوات البحرية السورية مشروعاً عملياتياً ـ تكتيكياً بالذخيرة الحية شاركت فيه الصواريخ البحرية والساحلية. وقد أثنى رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري العماد فهد جاسم الفريج على التحضير الجيد للمشروع وعلى جاهزية القوات البحرية لصد أي اعتداء قد يفكر به أعداء سورية.
والإعدام لمهربي الأسلحة
وفي المقابل، أصدر الرئيس الأسد قانوناً يقضي بأن يعاقب بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً كل من أقدم على تهريب السلاح، وبالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان تهريب السلاح بغرض الاتجار به أو ارتكاب أعمال إرهابية.
كما ينص القانون على أن يعاقب بالإعدام من وزع كميات من الأسلحة أو ساهم في توزيعها بقصد ارتكاب أعمال إرهابية. كما يعاقب الشريك والمتدخل بعقوبة الفاعل الأصلي.
غصن يكشف عن تهريب السلاح والمسلحين
وفي موقف على مستوى كبير من الأهمية أكد وزير الدفاع اللبناني فايز غصن المعلومات التي تتحدث عن عمليات تحصل عند بعض المعابر غير الشرعية بين سورية ولبنان ولا سيما في منطقة عرسال اللبنانية الحدودية يتم خلالها تهريب أسلحة ودخول بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة على أنهم من المعارضة السورية.
واشار غصن خلال لقائه وفداً من كبار الضباط في قيادة الجيش اللبناني أمس إلى الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني لضبط الحدود بين البلدين لمنع التهريب، مشدداً على أن مسؤولية ضبط عمليات التهريب والتسلل تقع بالدرجة الأولى على الجيش والقوى الأمنية، لكنها في الوقت نفسه مسؤولية وطنية تقع على عاتق جميع الفرقاء اللبنانيين. وأشار الى أنه سيضع مجلس الوزراء اليوم في أجواء هذه المعطيات.
العربي: البعثة نهاية الشهر
وفي خصوص إرسال المراقبين إلى سورية أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن "بعثة المراقبين قد تصل إلى سورية نهاية الشهر الحالي"، ومشيراً إلى أن "الجامعة سترسل فريقاً الخميس (المقبل) للإعداد لمهمة المراقبة هناك".
دمشق: البروتوكول ساري المفعول
من جهته، قال الناطق باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي إن "توقيع سورية على البروتوكول يعني أنه سار فوراً"، موضحاً أنه "ضمن 48 ساعة ممكن أن تصل البعثات الأولى"، لافتاً إلى أن "البعثة مرحب بها كما هو منصوص عليه في البروتوكول"، مؤكداً "الشفافية التامة وأن كل الأمور ستكون عبر وسائل الإعلام"، مشيراً إلى أن "البعثة سيرأسها سفير مصري وسيكون مقرها دمشق".
واعتبر أن "البروتوكول ليس الخلاص لسورية، بل خطوة أولية للحل". ودعا إلى "وقف التحريض الإعلامي، وتسلل المسلحين عبر الدول المجاورة".
سليمان: موقف لبنان صائب
في السياق ذاته، رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن "ما صدر من مواقف محلية وإقليمية مرحبة بتوقيع سورية البروتوكول يعكس صوابية الموقف اللبناني الرسمي الذي تم اتخاذه في الجامعة نفسها وفي مجلس الأمن الدولي، لجهة أن تقوم جامعة الدول العربية بدورها في تعزيز التضامن العربي أولاً وحماية الأمن والسلم العربيين ثانياً وتطبيق الديمقراطية بشكل صحيح".
واشنطن ترحب ولكن!
بدورها، رحبت الخارجية الأميركية بالتوقيع على البروتوكول، وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إننا "نرحب بالتوقيع لكن، حتى يبدأ التنفيذ، فإن التوقيع يبقى مجرد توقيع على الورق، ونعتقد أن الجامعة العربية تتوقع إرسال الفريق الأول من المفتشين إلى أرض الواقع في غضون 48 ساعة".
وموقف ملتبس للفيصل؟
ومن جهته، اعتبر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن "أهم ما طالبت به الجامعة العربية في ما خص الأزمة السورية هو وقف القتال فوراً وسحب آليات الدمار وإطلاق سراح المحتجزين"، مشيراً إلى أنه "إذا كانت النية صادقة يجب تطبيق هذه الخطوات حتى يتم تنفيذ باقي بنود البروتوكول".
روسيا والصين ترفضان التدخل
وفي تأكيد على ثبات الموقفين الروسي والصيني من رفض أي تدخل أجنبي في شؤون سورية أكد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والصيني يانغ جي تشي موقف بلديهما الداعي إلى ضرورة التوصل إلى حل للأوضاع في سورية من دون تدخل خارجي وعلى قاعدة خطة العمل العربية.
وأعربا في اتصال هاتفي أمس عن ترحيبهما بالتوقيع على مذكرة بعثة المراقبين بين سورية والأمانة العامة للجامعة العربية.
توقيف وقتل العشرات من الإرهابيين
أما في الشأن الميداني، فقد وسعت المجموعات الإرهابية المسلحة من اعتداءاتها. وذكرت "سانا" أن الجهات الأمنية المختصة وفي إطار متابعتها وملاحقتها للمجموعات الإرهابية اشتبكت مع مجموعات إرهابية في ريف درعا وتمكنت من إلقاء القبض على عشرات الإرهابيين وقتل خمسة منهم وإصابة ثلاثة آخرين ومصادرة كميات من الأسلحة والذخائر.
كما اشتبكت الجهات المختصة أمس مع مجموعة إرهابية مسلحة كانت تعتدي على الأهالي في منطقة القصير في ريف حمص. واشتبكت مع مجموعة أخرى في جبل الزاوية في ريف إدلب وأوقعت عدداً من أفرادها بين قتيل وجريح وصادرت كميات من الأسلحة، كما ضبطت سيارة مشبوهة في حمص حيث عثر بداخلها على كمية من الأسلحة.
وأوضح مصدر طبي أن نقيباً من قوات حفظ النظام استشهد في حماه برصاص الإرهابيين.
كذلك أوضحت قناة "الإخبارية السورية" أن عبوة انفجرت على سطح مقهى الهندسة في جامعة تشرين دون وقوع أضرار أو إصابات.
إلى ذلك أوضح، مصدر عسكري مسؤول أن بعض القنوات الفضائية المحرّضة تناقلت خبراً مفاده أن السلطات السورية ستقوم بإعدام 21 ضابطاً كانت قد اعتقلتهم في وقت سابق.
وأكد المصدر أن هذا الخبر عار من الصحة جملة وتفصيلاً، مبيناً أن فبركة مثل هذه الأخبار هي دليل إفلاس يأتي في إطار حملة الافتراء والتضليل الإعلامي التي تشنها هذه القنوات استمراراً لنهج التحريض والتجييش والفتنة الذي دأبت عليه منذ بدء الأحداث في سورية بهدف النيل من وحدة أبناء شعبنا وقواتنا المسلحة.  

السابق
كاتب تحقيق لو فيغارو عن تورط مغنية في اغتيال الحريري: عدم علم نصر الله لا يعني تبرئة حزبه
التالي
اللواء: نواب بيروت يحملون ملف السلاح إلى سليمان اليوم ·· ووفد من بكركي عند نصر الله