اذا لم يضبطوا لم يعاقبوا

ان ارهاب «شباب التلال» هو نتاج افلاس السلطة وستدفع اسرائيل عنه ثمنا باهظا. ان عجز الحكومة في مواجهة موجة العنف الطاغية على الفلسطينيين، والاضرار بأملاكهم وتدنيس المساجد واماكن الصلاة وكذلك العنف بالجنود ورجال الشرطة واهانتهم بنبزهم وشتمهم – كل ذلك يجعل الدولة سخرية ويفضي الى ضياع بقايا ثقة الفلسطينيين باسرائيل.

ان مشهد يهود يضربون عربا والحكومة متنحية جانبا وهو أمر شهدناه مع تبادل الأدوار أيام الحكم البريطاني للبلاد، قد يفضي في نهاية الامر الى عنف مضاد والى اعمال «شارة ثمن» فلسطينية والى انهيار الهدوء النسبي. لا يوجد في العالم الكبير أحد يصدق ان اسرائيل التي تتمدح بقدرتها العملياتية وبقدرتها على العمل في أهداف قريبة وبعيدة، عاجزة عن بضع مئات من الزعران المصابين بالحقد والجنون. ان ازدياد القوة السياسية لليمين المتطرف وتأثير المستوطنين الذي أخذ يكبر يثيران الريبة في ان معاملة الحكومة لمجموعة المجانين كمعاملة اولاد فسدوا: فهم شباب قليلو الفهم عملهم مرفوض (لكن نيتهم مرادة). وهذه تشبه مشكلة تربوية يجب معاملتها باتزان ومن هنا بالطبع يشتق الطابع المتردد غير الناجع للعلاج. ان كثيرين في العالم وفي البلاد ايضا يرون وهن الرد الرسمي عطفا خفيا متساهلا على المشاغبين وسياسة متعمدة للتغاضي.

ان ذخر اسرائيل السياسي الأساسي كان دائما ميزتها باعتبارها دولة سليمة وعلمانية ومعتدلة ومحافظة على القانون، وبأنها معزولة ومهددة في منطقة هوجاء متخلفة. وقد أخذت هذه الصورة تضعف ولا يجوز حتى الآن ان تبتلع ابتلاعا كاملا في دخان مساجد أحرقها «شباب» اسرائيليون تحت سمع وبصر الحكومة.رد رئيس الحكومة كعادته على موجة الارهاب الاخيرة بسلسلة ضربات بقبضة يده على الطاولة وبـ «توجيه» بصوت هادر لاجهزة الامن لتطبق سياسة عقاب «متشددة» على المشاغبين. لكن ليس في هذا أي شيء. فكل من يعملون على تطبيق القانون يعلمون ان مخالف القانون المستعد للجناية لا يقلق نفسه بمسألة العقوبة المتوقعة له اذا أدين. فاهتمامه منصب على احتمالات ان يتم الكشف عنه وان يعتقل.
ليس مخالفو القانون من التلال مختلفين. فهم لا يتأثرون بنية الحكومة المعلنة ان تشدد عقوبتهم. فهم يفترضون، عن منطق يعتمد على الواقع، ان احتمال ان يتم توقيفهم في اثناء احراق مسجد تحت جنح الليل أو تخريب لسيارة أو تدنيس لجدار بكتابات قبيحة أو ضرب سابلة – يقرب من الصفر. ولما كان الامر كذلك فإن العقوبة أمر نظري فقط. لا يوجد لقوات الامن في «يهودا والسامرة» في الوضع القائم ما يكفي من الناس والوسائل. والمخربون اليهود يعلمون هذا جيدا وهذا سبب جرأتهم ووقاحتهم اللتين تبلغان عنان السماء.

اذا كانت توجد نية حقيقية لمنع الكارثة التي أخذت تقترب فلا تكفي التوجيهات بصوت حازم. يجب على الحكومة ان تسلح الشرطة كما ينبغي الموكل اليها ان تحارب الجريمة وذات الخبرة. وهذه الوسائل هي المال وجدية نية الحكومة ان تعالج وباء الارهاب اليهودي سيفحص عنها بالمبلغ الذي ستخصصه للشرطة كي توسع بصورة كبيرة حضورها في المناطق المرشحة للشغب.

لا نية بالطبع ان يُقتطع رجال الشرطة وهذه الوسائل من اماكن اخرى حيث تكبر الجريمة، بل القصد الى زيادة ثابتة وجوهرية وحقيقية لقوات الشرطة. فالنشر والحضور الشامل والواسع سيساعدان على منع جنايات قبل وقوعها أو في الأقل سيزيدان في احتمال ضبط المخالفين للقانون في اثناء الفعل.
هذا ما يخشاه مخالفو القانون لا التحقيق الذي ينتهي في الأكثر الى لا شيء. فلائحة الاتهام كما يرون ليست خوفا عمليا ولا توجد أية أهمية لسؤال أين تُقدم: أفي محكمة عسكرية أم مدنية. والمشكلة أنها لا تُقدم ألبتة على نحو عام.  

السابق
صابونجيان: زيادة الأجور ستؤدي إلى خفض فرص العمل وإقفال المصانع
التالي
هل الايرانيون عقلانيون؟