فرنجيّة… تحليل لشخصيته وحركاته

ملتصقة به إلى حدّ أنّها تعبّر عنه أكثر ما يمكن أن يعبّر هو عن ذاته. بعضهم لا يحسده عليها، لأنّها تفضح مشاعره وتكشف أفكاره، أمّا البعض الآخر فيجد فيها علامة فارقة ميّزت شخصيّته.حين يعجز لسان رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية عن الكلام، يكفي الإصغاء إلى لغة جسده وقراءة حركة إيماءاته.

بين فرنجية ولغة جسده علاقة متينة، جعلته من أبرز الشخصيات السياسية المقروءة على رغم تعدّد إيماءاته. تعتبر الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي الدكتورة ليلى شحرور "أنّ لغة الجسد لدى فرنجية في مثابة إشارة ضعف وقوة في آن معا، فهي تفضح حالاته النفسية، مكنونات صدره، وفي المقابل تميّزه عن غيره، إذ تجعل منه شفّافا وحسّاسا وأكثر ميلا للاستجابة إلى أحاسيسه".

وفي قراءة مفصّلة للغة جسده، تنطلق شحرور من صوت فرنجية قائلة: "في نبرته رتابة تجعل كلامه باردا غير عاطفي، ولو أنّه في كثير من الأحيان ينضح عفوية، كما أنّ صوته غير محفز في عالم الخطابة لافتقاره إلى الإيقاعات والنغمات الاستعراضية المناسبة للكلمة الشفوية". وتضيف: "غالبا ما ينسى فرنجية نصيحة "فكّر قبل أن تتكلم"، فهو قد يظنّ أنّ لديه مخزونا كافيا من المعلومات يخوّله الاعتقاد بأنّه دائما على حق ويحسن التحكم والسيطرة، وذلك مردّه إلى الثقة المفرطة بالذات".

وتنتقل شحرور إلى الانحناءة في رأس فرنجية، قائلة: "هي تعكس ميله للاستماع إلى أشدّ آلام الآخرين من دون أن يتذمّر، وغالبا ما يتذكر فرنجية أنّ عليه أن يكون لطيفا في لحظات ضعف الآخرين، متنبّها". وتضيف: "كما أنّ هذه الانحناءة تكرّس لديه روح الاستقلالية إلى حد قد تعجز الأعراف عن التحكّم في حياته"، مشيرة إلى امتلاكه "رزمة من القوانين الخاصّة به، مما يشكل لديه نقاط قوة كقائد".

وترى شحرور أنّ حاجبي فرنجية يعبّران "عن احتفاظه برباط وثيق مع العائلة والمجتمع في آن معا، ويبرزان تعاطفه مع الآخرين على رغم ميله للسيطرة على مشاعرهم".

أمّا بالنسبة إلى حركة عيني فرنجية، فتجد شحرور "أنّها غالبا ما تشير إلى وجود توتر، قلق وحذر في داخله، كما تعكس سرعة انفعال عنده وحدّة في طباعه". وتضيف: "في حركة عينيه حاجة دائمة إلى القرب العاطفي، على رغم أنه لا ينصهر مع الآخرين بسهولة ولا يتأقلم مع أي مكان".

وتلفت شحرور إلى تدويرة عيني فرنجية قائلة: "تظهر عنده شيئا من الفضول، سرعة في التأثر ورقّة في القلب". أمّا عن منحى أبعاد نظراته، فتقول: "لدى فرنجية قدرة خاصّة على المراقبة والإشراف، إلا انه مشكّك من الدرجة الأولى، وهو يخشى الاعتراف بما يصيبه من مشاعر، كما أنّ عقدة الذنب قد ترافقه إذا أخطأ تجاه الآخرين".

وتشير شحرور إلى "أنّ أنف فرنجية يظهر موهبته في العمل والكد، واهتمام لافت لأدقّ التفاصيل، فهو يعمل بطريقة مدروسة ويتبع مقاييس عالية محدّدة، كما قد يجازف بحياته مع إدراكه المسبق لثمن الضريبة المحتملة".

وفي ارتسامة خدوده، تجد شحرور "أنّ نفوذ فرنجية قد تبلغ درجات عالية، فهو صامد في وجه المعاناة، تهمّه النتائج أكثر من جذب الانتباه إلى مدى براعته، بصرف النظر عن رأي الآخرين، لذا قد يخرج عن الأعراف التي يعتبرها مجرّد كلام مكتوب". وتضيف: "سمات وجه فرنجية تظهر أنه متنافس بارع، قد يفوز في مسابقات كثيرة نظرا إلى امتلاكه روح المثابرة على نحو دائم". في هذا السياق، لا تجد شحرور أنّ ابتسامة فرنجية قد تختلف عن معظم نظرائه السياسيين، "فهي غير صادقة، ربما نتيجة تراكمات الماضي".

وتتوقف شحرور عند وضع فرنجية أصبع السبابة على ذقنه، قائلة: "هو يحاول بذلك أن يتنبه إلى ما يقال له ويسمعه، مع الإشارة إلى أنّ فرنجية غالبا ما يطلق هذه الإشارة بعد تقويمه وتحليل لمسألة معينة. أمّا عندما يحرّك السبابة لتستقر على شفته العليا، فيعني أنّ الشك بدأ يساوره ويشتمّ وجود خدعة ما".

وعن مداعبته لشفته السفلة بإصبع السبابة، فتوضح شحرور: "هذه دلالة عن نقص عاطفي وحاجة مستمرّة للطمأنينة الداخلية التي تكون جذورها متأصّلة في الطفولة". أمّا عن حركة عبثه بيديه، فتقول: "إشارة ساطعة في لغة الجسد على أنّ لدى فرنجية نوعاً من الارتباك والقلق، وأن لديه أمورا عديدة تشغل تفكيره، لذا هو في حاجة إلى مساحة خاصة به يختلي بها مع ذاته".

وتثني شحرور على حركة يدي فرنجية قائلة: "في معظم المرّات تتماشى حركتهما مع نمط الكلمات الملفوظة، ولكن في كل الظروف تعكس يداه حالته النفسية، أي أنها تظهر تحدّيا شفهيا في معظم وضعيّاته، خصوصا عندما يظهر عدم خوفه من النتائج، أو من القرارات التي اتخذها". وتضيف: "تبيّن حركة يدي فرنجية انه شخص ميّال إلى أن يخطو خارج منطقة الراحة التي يسكنها حين يقتضي الأمر، كما انه قد لا يلتزم المجال العامودي والأفقي الذي من المفترض أن يتحرك فيه المرء، مما يشير إلى مقدرته على اتخاذ مواقف جريئة، شجاعة قد تصل أحيانا إلى العدائية".

أمّا عن طريقة جلوسه، فتعلّق شحرور قائلة: "في مقابلات كثيرة نشاهده يسند ظهره، وكأنّه يبعث رسالة مفادها "أنّ ما يناقش ليس مهمّا بقدر ما يدفعني من أجل الجلوس منتصبا".

ختاما تؤكّد شحرور "أنّ لغة الجسد لا يكفي أن تحكمها العفوية لتكون مؤثرة، وتلقى صدى إيجابيا لدى الرأي العام، وعلى صاحبها أن يجيد دوزنتها حفاظا على تناغمها من وقت إلى آخر والتخلص من بعض شوائبها، منها عدم التسرّع في إطلاق الأحكام والحفاظ على النفس الطويل".  

السابق
حوري: من يرفض نزع السلاح من بيروت كأنه يدعو الى الفتنة
التالي
دمشق لحكومة مثالثة والتوقيع نتاج تسوية