اللقطيعة الخفيّة

هي علاقة الحدّ الأدنى. هكذا يوصّف أحد المسؤولين في الحزب الاشتراكي العلاقة مع حزب الله. علاقة يُريد منها الاشتراكيّون الحفاظ على السلم الأهلي، وعدم جرّ الوضع الداخلي إلى مزيد من التوتر. بعض حلفاء حزب الله يقولون كلاماً آخر: علاقة الحزب بالنائب وليد جنبلاط تُقارب القطيعة. يضيفون أن الحزب لا يُريد أن يُعلن القطيعة بنفسه، «لأنه (جنبلاط) حاجة سياسيّة في الحكومة وفي الأكثريّة». يُشير الاشتراكيّون إلى وفد حزب الله الذي شارك في تكريم المقدم شريف فياض في بيت الدين السبت الماضي، ثم يتحدّثون عن لقاء أول من أمس في الشويفات، ويُكررون كلام جنبلاط عن تأكيد التحالف السياسي مع أفرقاء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

في المقلب الآخر، يتحدّث حلفاء الضاحية عن توتر وجفاء كبير في العلاقة. ينقلون عن الحزب أن العلاقة مع جنبلاط تحكمها الحاجة السياسيّة لا التحالف. لديهم الكثير من المآخذ على أداء زعيم المختارة. وبين السلبية المفرطة التي تحكم نظرة بعض حلفاء الحزب إلى جنبلاط، والمعلومات المتقاطعة من عدّة أطراف سياسيّة متحالفة مع حزب الله، يُمكن الخروج بخلاصة أن العلاقة تمرّ بأسوأ مراحلها منذ إعادة التواصل السياسي بعد أحداث السابع من أيّار 2008. لكن هذا الجفاء لن يدفع الحزب إلى أي خطوة سلبيّة تجاه جنبلاط . يلفت هؤلاء الحلفاء إلى أن جنبلاط هو من لم يُرد أن يُمتّن علاقته بفريق الثامن من آذار منذ البداية. يلفتون إلى أن الحزب التقدمي الاشتراكي حافظ على علاقاته في مختلف القرى مع تيّار المستقبل والقوات اللبنانيّة، وفي المقابل لم يُقدم على تحسين علاقته بالتيّار الوطني الحرّ مثلاً. يردّ أحد المسؤولين الاشتراكيين على هذ الكلام بالإشارة إلى أن التيّار الوطني الحرّ هو الوحيد من بين جميع القوى السياسيّة التي دُعيت إلى تكريم المقدم شريف فيّاض الذي لم يشارك بأي ممثل، بأي مستوى كان. يُضيف المسؤول الجنبلاطي أن حزبه طلب موعداً مع العونيين في إطار جولاته على مختلف القوى السياسيّة من دون أن يتلقّى أي جواب حتى اليوم.

ينتقل حلفاء حزب الله إلى الموضوع الانتخابي، ويسألون عن موقع جنبلاط في الاستحقاق النيابي المقبل (2013). لا يملكون جواباً، لكنّهم يملكون تقديراً، وهو أن جنبلاط لن يكون حليفهم. يرفض حلفاء الضاحية أي حديث عن أن زعيم الاشتراكي لم يستطع السيطرة على جمهوره الذي بقي ميّالاً إلى فريق 14 آذار، بل يؤكّدون أنه منذ البداية لم يكن في وارد القطيعة مع هذا الفريق.
يصل الحلفاء إلى النقطة الأهم. يُردّدون أن جنبلاط يؤدي دوراً مناهضاً للنظام السوري. طيب، لكن جنبلاط يُجاهر بموقفه، ويعلن أن هذا حقّه في التمايز السياسي. لكن هذا الأمر لا يقف عند هذا الحدّ؛ وليد جنبلاط يضع رجلاً هنا ورجلاً هناك. يضيف حلفاء حزب الله أن أبا تيمور يُمارس لعبته المحبّبة، وهي الرهان على الوقت لتبيان من هو الفريق المنتصر للانضمام إليه. لكن هؤلاء يعتقدون أن هذه اللعبة باتت غير مجدية.

يستفيض هؤلاء في الحديث عن عدم حسم جنبلاط لمواقفه وتردّده بين هذا الفريق وذاك. يُشيرون إلى زيارة مساعد وزيرة الخارجيّة الأميركيّة، جيفري فيلتمان، وينقلون بعض ما وصلهم من الكلام الذي قيل في هذا اللقاء، والذي يوحي بأن جنبلاط أعاد تثبيت علاقته مع الأميركيين.
لا يبدو أن قنوات التواصل بين الضاحية والمختارة كثيرة. تتناقص هذه القنوات مع الوقت، بينما يُكرّر مسؤولون اشتراكيّون كلاماً عن ضرورة الحفاظ عليها كمدخل للتفاهم، من دون أن يخفوا قلقهم من استخدام أي سلاح في الشارع. يُكررون حذرهم من طموحات 14 آذار ومن ردّ فعل حزب الله تجاه أي تطورات في سوريا. «عسى أن يكون توقيع البروتوكول مع جامعة الدول العربيّة مدخلاً إلى تهدئة الأمور»، يقول أحد المسؤولين الاشتراكيين. 

السابق
اللينو يتهم حماس
التالي
اللبناني الكندي تسلّم الدعوى الاميركية: متّهم بحيازة صورة نصر الله!