البناء: مجلس الأمن يُناقش القرار الروسي .. والجامعة العربية أمام الاختبار

قطعت دمشق الطريق على محاولات بعض العرب دفع الوضع في سورية نحو التدويل من خلال التوقيع على بروتوكول التعاون مع الجامعة العربية لإرسال مراقبين إليها، بعد أن جرى الأخذ بالملاحظات التي تحفظ سيادة سورية واستقلالية قرارها.
كما أن هذه الموافقة أكدت رغبة سورية بإنجاح الحل العربي من أجل المساعدة على حل الأزمة، وأكدت أيضاً قوة ومناعة الموقف السوري حيث لم تفلح كل الضغوطات ومحاولات الابتزاز التي مارستها واشنطن وبعض حلفائها الغربيين والعرب في التغيير من الثوابت الوطنية والقومية للقيادة السورية، وهو الأمر الذي أشار إليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحافي بقوله إن دمشق لم تكن لتوقع تحت كل الظروف على «البروتوكول» لو لم يؤخذ بالتعديلات والملاحظات التي وضعتها دمشق على الوثيقة.
وفيما يُنتظر أن تبدأ طلائع المراقبين العرب بالوصول إلى سورية خلال الساعات الـ 72 المقبلة، كما توقع الأمين العام للجامعة العربية التي ستكون أمام اختبار جدي حول نوايا المسيطرين على قرارها وتوجهاتها، من خلال التعاطي بموضوعية مع حقيقة الأمور القائمة على الأرض، وليس الأخذ بالافتراءات و«الفبركات» التي تلجأ إليها ما تسمى «المعارضة السورية» ومعها قنوات التحريض في الخليج وغيرها، وهو ما استندت إليه اجتماعات وزراء الخارجية العرب في المرحلة السابقة وصولاً إلى اتخاذ قرارات ضد سورية، وأيضاً من خلال الإسراع في رفع العقوبات التي كان جرى اتخاذها بضغط مكشوف من الإدارة الأميركية وأدواتها في الجامعة العربية، حيث من المفترض أن يخرج اجتماع القاهرة يوم غد برفع هذه العقوبات، في وقت بدا واضحاً أن حكام قطر ومن معهم خليجياً فقدوا الكثير من الأدوار «المنفوخة» التي حاولوا في المرحلة الأخيرة إعطاءها لأنفسهم، في ظل الفراغ الذي كان يسيطر على عمل الجامعة العربية، وبعد أن خرج الأميركي من العراق تحت وطأة الخسائر البشرية الكبيرة والكلفة المادية العالية لاحتلاله للعراق.
التوقيع
وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وصل ظهر أمس إلى القاهرة، حيث وقّع على وثيقة بروتوكول التعاون مع الجامعة العربية.
مؤتمر المعلم
وبعد قليل من عملية التوقيع عقد الوزير المعلم مؤتمراً صحافياً في دمشق تحدث فيه عن الاتصالات التي سبقت التوقيع وأكد أنه لو لم يتم الأخذ بالملاحظات السورية لما وقعت سورية على الوثيقة تحت أي ظرف من الظروف. وقال إن سورية تريد حلاً لهذه المشكلة وبمشاركة الجامعة العربية، اعتبرت أن توقيع البروتوكول هو بداية تعاون مع الجامعة»، مؤكداً «الترحيب ببعثة المراقبين الذين يمثلون الدول العربية».
ودعا «لبدء هذه الصفحة بالتعاون مع العربي ومع هذه البعثة التي نرحب بها في وطنها الثاني سورية»، مشدداً على أن «سورية لا تريد أن تبني على ما مضى»، معتبراً أن «العقوبات التي فرضت عليها من المفترض أن ترفع»، تاركاً «الأمر لهم وحرصهم على الشعب السوري إذا كانوا صادقين».
وشدد المعلم على أن «قرار التوقيع السوري قرار وطني محض»، موضحاً أنه «عندما لمسنا أنه يصون سيادتنا وأن كل خطوة تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية قبلنا التوقيع» (تفاصيل المؤتمر ص 13).
سليمان مرتاح للتوقيع
وفي هذا السياق، أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عن ارتياحه لتوقيع سورية على البروتوكول «تمهيداً لمعالجة الأزمة القائمة بكل أبعادها»، معتبراً «ان ذلك يبقي المعالجة ضمن الإطار العربي ويسمح للجامعة باستعادة دورها القومي».
 روسيا ترحّب
من جهتها، رحبت وزارة الخارجية الروسية بتوقيع دمشق على البروتوكول بشأن إرسال المراقبين، مشيرة إلى أن ذلك سيوفر الفرصة لإحلال الاستقرار. وأوضحت «أن موسكو كانت تؤيد منذ البداية مبادرة الجامعة العربية، داعية إلى وقف جميع أعمال العنف في سورية وقيام السوريين بحل المشاكل التي تواجهها البلاد بأنفسهم من دون أي تدخل خارجي وعبر حوار وطني واسع».
نجاد و«نكتة» حكام الخليج
في المقابل، اعتبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن تحركات الدول العربية بشأن سورية «تشبه النكتة»، ونقلت وكالة «ارنا» عن أحمدي نجاد قوله إن «بعض الدول في المنطقة تقوم بتحركات تعتبرها إيران أشبه بالنكتة». وأضاف إن «بعض دول المنطقة التي لم تجر أية انتخابات في تاريخها، اجتمعت وأصدرت قرارات ضد دولة أخرى قائلة لها «لماذا لا تجرون انتخابات".
الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب
في هذا السياق، أكد المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مايكل مان أن ما يعني الاتحاد الأوروبي هو كيفية قيام دمشق بتنفيذ طلبات المجتمع الدولي منها بشكل عملي وفاعل، مشدداً على أن أوروبا ستتابع عن كثب كيفية تطبيق بروتوكول المراقبين في الفترة المقبلة.
فرنسا تراقب عمل المراقبين!
بدورها، طالبت وزارة الخارجية الفرنسية بأن يتمكن المراقبون العرب الذين وافقت دمشق على استقبالهم، من القيام «بمهمتهم على الأرض في أسرع وقت» في سورية.
بن جبر والحقد على سورية
في هذا الوقت، واصل رئيس وزراء قطر وزير الخارجية حمد بن جبر آل ثاني إطلاق المواقف الحاقدة ضد سورية زاعماً أن «الجامعة العربية تعاملت بصبر وتأنٍ مع الأزمة السورية»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «الشعب السوري سئم صبر الجامعة، في حين يتعرض المدنيون لعمليات القتل اليومي».
وفي موقف يؤشر إلى تراجع في التعاطي السلبي مع دمشق ادعى أن مسألة تنحي الرئيس بشار الأسد تخص الشعب السوري».
وغليون وخدام على الموجة الأميركية
وعلى الموجة الأميركية نفسها ادعى رئيس ما يسمى «المجلس الوطني السوري» المدعو برهان غليون ان «النظام السوري يستغل المبادرة العربية ويواصل عمليات القتل»، زاعماً أنه «بعد شهر ونصف الشهر على المبادرة لا نرى إلا المراوغة».
ولوحظ أن بعض القنوات التلفزيونية الخليجية واللبنانية المرتبطة بحكام قطر عمدت إلى إعطاء الأولوية في أخبارها المسائية لما يسمى برهان غليون ومؤتمره الصحافي من تونس.
أما السيئ الصيت عبد الحليم خدام فادعى أن مبادرات الجامعة العربية تسير في طريق «مسدود» مكرراً الدعوة إلى التدخل الأجنبي العسكري في سورية.
فرنجية: سورية اجتازت المؤامرة
في المقابل، أكد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أن العد العكسي للمؤامرة على سورية قد بدأ وأن النظام صامد وباقٍ وهو متماسك برئاسة الرئيس بشار الأسد، مشيراً إلى أن «سورية وقعت على البروتوكول العربي وفق شروطها وليس وفق شروط أي أحد آخر».
وقال: «إن سورية اجتازت القطوع».
مسيرة دعم حاشدة في دمشق
وفي هذا الوقت، تجمَّعت حشود كبيرة من المواطنين السوريين في ساحة السبع بحرات في دمشق أمس دعماً للقرار الوطني المستقل وبرنامج الإصلاح الشامل ورفضاً للتدخل الأجنبي.
إرهاب المجموعات المسلحة
أما على الصعيد الأمني، فقد واصلت المجموعات الإرهابية اعتداءاتها على المواطنين والقوى الأمنية. وذكرت وكالة «سانا» أن «مجموعات مسلحة أقدمت على مهاجمة عدد من المنشآت العامة والخاصة وتخريبها في منطقة القصير بريف حمص».
وأضافت أن «مسلحين قاموا بإطلاق الرصاص على المواطنين وممتلكاتهم وبتخريب مؤسسات عامة»، مشيرة إلى أن «الجهات المختصة اشتبكت مع هؤلاء المسلحين وأصابت عدداً منهم في حين لاذ آخرون بالفرار».
وذكرت «الأخبارية السورية» أن القوى المختصة ألقت القبض على خمسة إرهابيين في تلبيسة. كذلك ذكرت مصادر رسمية سورية، أن «الجهات المختصة اشتبكت مع مجموعة مسلحة في حي النازحين في مدينة حمص، وتمكنت من قتل اثنين من عناصرها وإصابة أربعة آخرين بجروح من دون وقوع أي إصابات في صفوفها».
كما ذكرت «سانا» أن «الجهات المختصة تمكنت أيضاً من إلقاء القبض على ستة مسلحين في ريف دمشق».
في المقابل، ادّعت قناة «العربية» في سياق بث الأكاذيب أن 25 شخصاً سقطوا أمس في سورية بينما زعمت «الجزيرة» أن 30 شخصاً قتلوا أمس. كما ادعت أن 72 جندياً منشقاً قتلوا في إدلب.
المشروع الروسي
على صعيد آخر، ناقش مجلس الأمن في وقت لاحق من ليل أمس مشروع القرار الروسي حول الوضع في سورية. وقد عقدت لهذه الغاية جلسة مغلقة للمجلس.
الصين تدعم المشروع الروسي
وقد أعلنت الخارجية الصينية دعم الصين لمشروع القرار الروسي وأعربت عن تقديرها للجهود الروسية البناءة في سبيل حل الأزمة السورية.
قرار منحاز للأمم المتحدة
إلى ذلك، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدين ـ ما وصفه ـ استمرار انتهاك حقوق الإنسان التي تقوم بها السلطات السورية ضد المتظاهرين»! وقد صوّتت 133 دولة إلى جانب القرار في مقابل اعتراض 11 دولة وامتناع 43 عن التصويت.
اتصالات متلاحقة بشأن تصحيح الأجور
أما على الصعيد الداخلي اللبناني، فقد تكثفت الاتصالات والاجتماعات طوال يوم أمس واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل للتوصل إلى صيغة جديدة للأجور تكون نهائية لإقرارها في جلسة مجلس الوزراء غداً. وقد جرت هذه الاتصالات عبر أكثر من محور أبرزها محور رئاسة الحكومة باتجاه الهيئات والاتحاد العمالي ومحور أطراف الائتلاف الحكومي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن القاسم المشترك لهذه الاتصالات كان أمرين:
الأول: الأخذ بعين الاعتبار تقرير مجلس شورى الدولة.
الثاني: تعديل الحد الأدنى للأجور والزيادات على الشطور.
وقالت المعلومات: إن أرقاماً جديدة طرحت على الحد الأدنى والشطور ولكن بتعديلات طفيفة وبسيطة للغاية، وقد أسفرت هذه الاتصالات عن قواسم مشتركة بين العمال وأرباب العمل مع العلم أن الحكومة لعبت (دور الوسيط حتى الآن) ولم تلعب دور الراعي. كذلك فإنه لم يعرف مصير موضوع زيادة بدل النقل الذي كان أكد عليها الاتحاد العمالي بحيث تصبح 10 آلاف بدلاً من 8.
أوساط ميقاتي
وقد أوضحت الأوساط القريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الاتجاه الذي سيذهب إليه مجلس الوزراء يتوقف على طبيعة الاتصالات القائمة بين الأطراف المعنية، وعلى طبيعة النقاشات داخل الجلسة، وبالتالي، ما إذا كانت ستتم فقط إعادة صوغ القرار الأخير لمجلس الوزراء بما يتوافق مع توصية مجلس شورى الدولة، وإلا سيصار إلى الأخذ بالاقتراح الذي كان تقدم به سابقاً وزير العمل شربل نحاس.
لقاء تنسيق خماسي
وعلم في هذا السياق أن اجتماعاً عقد بعد ظهر أمس حضره المعاونان السياسيان لكل من الرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل والأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والوزراء جبران باسيل وشربل نحاس ومحمد فنيش. وذكرت أوساط عليمة أن النقاش تطرق إلى التنسيق بين هذه الأطراف على مستوى عمل الحكومة ومجلس النواب. وتطرق بشكل خاص إلى ملفي تصحيح الأجور والتعيينات الإدارية. وتوقعت الأوساط أن ينعكس هذا التنسيق على مقررات الحكومة يوم غد في ملف تصحيح الأجور.  

السابق
الجيش: العثور على 4 صواريخ “غراد” غير معدة للاطلاق في الماري
التالي
النهار: الحكومة والهيئات والاتحاد نحو توافق ومسعى ماروني بين بعبدا والرابية للتعيينات