أبادي: لا يمكننا أن نعترف في يوم من الأيام بإسرائيل تحت أي ظرف من الظروف

 حاضر سفير الجمهورية الاسلامية في ايران الدكتور غضنفر ركن آبادي في قاعة الاحتفالات الكبرى في الجامعة الاسلامية عن "دور ايران في التوازن الاقليمي في الشرق الاوسط"، بدعوة من كلية العلوم السياسية والادارية والدبلوماسية في الجامعة، في حضور رئيس الجامعة الدكتور حسن الشلبي وحشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية وممثلي وزراء ورؤساء احزاب وعمداء ومدراء واساتذة الجامعة والطلاب.

بعد تلاوة ايات من الذكر الحكيم، القى عميد كلية العلوم السياسية والادارية والدبلوماسية الدكتور رامز عمار كلمة رأى فيها أنه "بعد أحداث 11 ايلول 2001 واحتلال العراق، دخلت منطقة الشرق الاوسط في مراجعة جادة للتحالفات الدولية والاقليمية. وتشكيل تحالفات جديدة لمواجهة المتغيرات الاقليمية والدولية. وقد ساهمت بعض الدول ومنها الجمهورية الاسلامية الايرانية في تمتين وتوثيق هذه التحالفات مع دول الممانعة لايجاد نوع من التوازن على المستوى الاقليمي والوقوف في وجه الغطرسة الاسرائيلية".

أبادي

واستهل السفير أبادي محاضرته بالقول:" إذا كانت الجمهورية الإسلامية قد إستطاعت، وباعتراف الجميع، أن تحقق إنجازات هائلة على مستوى الداخل الإيراني، وبمختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والإقتصادية، فهي في الوقت نفسه، قطعت شوطا كبيرا على مستوى الأهداف الإقليمية من خلال سياساتها الخارجية وهو ما ساتحدث عنه بشيء من التفصيل. تنطلق إيران في سياساتها الخارجية، وفي تحديد رؤيتها إلى القضايا الإقليمية من التعاليم الإسلامية المباركة، بمعنى أن إيران ومن خلال كونها جمهورية إسلامية، تحاول أن تستلهم تعاليم الوحي في التعامل مع كل القضايا التي تواجهها وذلك إيمانا منها بأن الإسلام الحنيف هو المعيار الأساسي الذي يجب أن يتحرك على أساسه المسلمون أفرادا ومجتمعات ودولا".

وتابع:"من مستلزمات هذا الالتزام – أي الإلتزام بالتعاليم الإسلامية – أن الجمهورية الإسلامية كانت وما زالت تغلب منظومة المبادىء التي تؤمن بها على المصالح، وليس أدل على ذلك من القضية الفلسطينية، التي لو تخلت عنها إيران، لتحولت إلى دولة تحظى بدعم وتأييد كل دوائر الإستكبار العالمي . لكنها ظلت على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم، ليس لأن لهذا الشعب مصلحة محددة في ذلك بل إنسجاما منها مع مبادىء الحق والعدل وشرعة حقوق الإنسان. على هذا الأساس يمكن القول، إن للجمهورية الإسلامية ثوابت تنطلق منها في سياساتها الإقليمية، ولا يمكن لها أن تحيد عنها أو تفرط بها. الثوابت هي:ان الجمهورية الإسلامية تؤمن بضرورة قيام علاقات أخوية وإيجابية وعلى أساس الإحترام المتبادل، مع الدول العربية والإسلامية كافة في المنطقة. وإيران إذ تؤكد عدم وجود أي نوايا سيئة تجاه الدول المجاورة، فإنها تعمل بصدق وجدية على التعاون والتكامل بينها وبين دول المنطقة، ولهذا هي أكدت مرارا استعدادها لوضع خبراتها وإمكاناتها في خدمة أشقائها العرب والمسلمين، في مختلف المجالات، لاسيما في مجالي الطاقة النووية والصناعات الثقيلة".
وقال:"الجمهورية الإسلامية تتبنى القضية الفلسطينية، ولا تذيع سرا إذ تقول إنها إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم وإلى جانب الشعوب العربية المضطهدة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب وإلى جانب المقاومات التي تعمل على تحرير الأرض والإنسان من هيمنة هذا الكيان، وتؤمن بأن خيار المقاومة هو لغة التفاهم الوحيدة مع هذا العدو وخلاصة الكلام لا يمكن لإيران أن تعترف في يوم من الأيام بإسرائيل تحت أي ظرف من الظروف".

وأضاف:"الجمهورية الإسلامية تعتقد بأن التواجد الأجنبي في المنطقة، هو السبب الرئيسي في عدم إستقرارها، وتعمل على أن تكون هذه المنطقة خالية من التواجد العسكري الأجنبي. ولا يخفى في هذا المجال أن الطريق الأفضل من أجل توفير الإستقرار والهدوء في الإقليم إنما يكون عبر تشكيل منظومة أمن إقليمية، تتشكل من دول المنطقة، بعيدا عن الوجود الأجنبي وتدخلاته. ويمكن القول إنه لولا التدخلات الأجنبية، وتحديدا الأميركية والصهيونية، في شؤون المنطقة لما كان هناك الكثير من المشاكل التي نعيشها حاليا. أميركا تعمل بالتنسيق مع الكيان الصهيوني في الخفاء على إيجاد المشاكل، ثم تتظاهر بالعلن أنها تعمل على حلها، وهي في كل ذلك، لا هم لها سوى توفير الحماية لإسرائيل وضمان تفوقها، والهيمنة على ثروات الشعوب، وخاصة الطاقة".

وتابع:"لقد حاولت قوى الإستكبار العالمي، وعلى مدى ثلاثة عقود، إسقاط الثورة الإسلامية المباركة وحصارها من خلال الكثير من المؤامرات التي خططت لها، بدءا من اليوم الأول لإنتصار الثورة، عن طريق محاولة إسقاطها من الداخل، مرورا بدعم الحرب المفروضة مدة ثماني سنوات من خلال نظام صدام حسين، وصولا إلى سياسة الحصار والعقوبات على خلفية المسألة النووية الإيرانية. وإذا أردنا إجراء مقاربة هادئة وموضوعية لميزان الربح والخسارة في الحرب الباردة بين إيران وهذه القوى طوال هذه الفترة، يمكن أن نخلص إلى نتيجة أن إيران انتصرت في كل المواقع، فيما فشلت هذه القوى في كل مؤامراتها ضد إيران".

وقال:"وإذا كانت إيران قد استطاعت أن توجد توازنا استراتيجيا، على مدى العقود الماضية، من خلال تشكيلها سدا منيعا أمام المخططات الأميركية، فإننا اليوم أمام بداية مرحلة جديدة، أبرز ما فيها اختلال هذا التوازن لصالح إيران مقابل انكفاء المشروع الأميركي – الصهيوني عن الإقليم. إذ مع الانسحاب الأميركي من العراق يمكن أننا بتنا في ربع الساعة الأخير من هزيمة هذا المشروع في المنطقة".

وتابع:"لقد تحولت الثورة الإسلامية إلى نموذج اقتدت به شعوب المنطقة على صعيدين: المقاومة والثورة على أنظمة الطاغوت والظلم. فالمقاومة في لبنان، ساهمت في إسقاط المشروع الصهيوني المدعوم أميركيا من خلال نجاحها في تحرير جنوب لبنان العام ألفين، وأيضا من خلال انتصارها التاريخي على إسرائيل في العام ألفين وستة. وكذلك المقاومة الفلسطينية، التي استطاعت أن تقف سدا منيعا أمام تصفية القضية الفلسطينية على خلفية المشاريع الاسلامية، هذه المقاومة حققت انتصارا كبيرا على هذا العدو في أواخر العام ألفين وثمانية، بحيث يصح القول إن إسرائيل اليوم في أضعف مراحل وجودها، في حين أن المقاومة في أقوى مراحلها منذ انطلاقتها. أما المقاومة العراقية، فقد أثمرت تضحياتها انسحاب أميركا بشكل مهين من بلاد الرافدين، من دون أن تتمكن من تحقيق أيا من أهدافها هناك. وهي مثقلة بخسائر بشرية ومادية ومعنوية كبيرة جدا. ويمكن القول إن هذا الانسحاب بمثابة مؤشر على انسحاب أميركا من سائر الإقليم".

أضاف:"كذلك فإن صحوة الشعوب العربية أسقطت أنظمة عميلة لأميركا ووضعت الشعوب أمام نضال من أجل الحرية إلى جانب نضالاتهم من أجل التحرير والشعوب العربية بذلك تشترك مع الشعب الإيراني في ثورته الإسلامية بمسألتين: إسقاط الطاغوت داخليا ثم الاستقلال عن الهيمنة الخارجية بمنطلقات إسلامية وإنسانية. الدليل على أن إيران باتت اليوم قوة تتفوق على المشروع الصهيوني المدعوم أميركيا في المنطقة، هو جبن هؤلاء جميعا عن القيام بأي عمل عسكري ضد إيران رغم تهديداتهم المتواصلة لها. إسرائيل التي اعتادت على حل مشاكلها من خلال اللجوء إلى القوة العسكرية، والمتمرسة على الحروب، لماذا لا تتجرأ على توجيه ضربة عسكرية لإيران، رغم تهديداتها اليومية لها؟ ورغم ادعائها بأن إيران تشكل خطرا نوويا عليها. أميركا أيضا التي احتلت أفغانستان والعراق، وضربت من قبل في الصومال وليبيا ولبنان، ومتواجدة عسكريا في المنطقة بكثافة، أميركا هذه تهدد إيران بشكل شبه يومي منذ ثلاثين عاما، لكنها لا تجرؤ على التحرش بإيران لأنها تعلم أن إيران تستطيع أن تلحق بها هزيمة كبرى".

وقال:"الطائرة RQ170 التي قامت قواتنا بإهباطها في إيران من خلال كمين الكتروني، خير دليل على بلوغ الموقف الأميركي من إيران ذروة الضعف. طالبتنا أميركا باسترداد الطائرة فرفضنا، ماذا تستطيع أن تفعل أميركا معنا سوى الصمت؟ ورغم العقوبات الأوروبية والغربية المفروضة علينا، فإننا اليوم في أحسن الأحوال، وباطمئنان يمكن أن أقول لكم، إن إيران أصبحت دولة تعيش الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات، وبإمكانها الاستغناء عن أي طرف أجنبي. لم يبق أمام مشروع الصهيوني – الأميركي من ورقة تلعبها في المنطقة سوى الفتنة المذهبية، والمؤامرة على سوريا، يريدها أن تصب في هذا الاتجاه، لكن سوريا بصمودها شعبا ونظاما وجيشا ومؤسسات، أوصلت المتآمرين عليها إلى طريق مسدود. نحن متأكدون أن مصير الشعوب العربية والإسلامية هو الانتصار على الاحتلال الإسرائيلي والاستكبار الأميركي".

وختم:"إنطلاقا مما تقدم اسمحوا لي أن أسجل ملاحظة أخرى فنحن وإياكم أبناء الإمام الخميني العظيم وحملة رايته وفكره ونهجه في المقاومة ضد المحتلين والمستكبرين وفي الإنحياز إلى الشعوب ورافعي مبادىء الحق والعدل والدين والحرية وجميع الأحرار في العالم بقيادة الإمام الخامنئي دام ظله الشريف تخطينا منذ أمد ليس بقصير موضوع التوازن الإقليمي مع المشروع الصهيوني المدعوم أميركيا، نحن وإياكم بفضل دماء الشهداء وجهاد المجاهدين وبفضل هذه الصروح العلمية وبفضل المشيئة الإلهية أولا وأخيرا إستطعنا ان نحقق الغلبة على هذا المشروع ولن نرضى اليوم بالتوازن الإقليمي أو الدولي معهم فهم الخاسرون وانا وإياكم لمنتصرون إن شاء الله". 

السابق
يزبك :نأمل أن نكون يدا بيد لمواجهة المتآمرين على قضيتنا
التالي
كريستنسن: هناك ملاحظات عن بعض اشكال التمييز داخل المجتمع اللبناني