وطن العملاء بإمتياز…

يستحق النائب سيرج طورسركيسيان التهنئة على دعوته الى الغداء عند "Red Shoe" لانه اختار النوع الأفضل، والمضمون، والمكفول، بما لا يضر حتماً.
حديث الصرامي في مجلس النواب أمس كان مميزاً، ولا غرابة فيه مع تدني المستوى في البلاد على كل الصعد، وليس البرلمان في معزل عن محيطه ومجتمعه، بل ربما هو الصورة الحقيقية لتعدد اللبنانيين وتنوعهم واختلاف ثقافاتهم.
أما الحديث عن العملاء، وهو كلام يتكرر كل مرة، فلا مظلة فوق رأس أحد في لبنان تحميه من هذه التهمة. فكثير من اللبنانيين عملاء، وان تعددت مشاربهم.

في المصرف يسموننا "عملاء" لأننا نتبادل واياهم الحسابات التجارية، وفي السياسة يتبادلون المعلومات التجارية والمصالح المالية، المعلومات والخدمات… لقاء المال.
اذن معظم اللبنانيين عملاء بإمتياز، لأنهم غالباً ما يعتاشون من أموال وافدة اليهم من خلف الحدود. وهم يقدمون الخدمات الى هذا الخارج برضى منهم، بل بإندفاع، كأنهم يشعرون بإزدياد قوتهم وتعاظم نفوذهم كلما احتموا بقوات مستعمرة أو محتلة أو ممولة، وهذا دليل الى عدم ثقتهم بعضهم بالبعض الآخر منذ القدم.
 رعت السعودية المسلمين السنة على الدوام، وشملت برعايتها هذه الكثيرين غيرهم أيضاً، وكذلك الإمارات والكويت ومصر، ورعت فرنسا الموارنة، وروسيا الأرثوذكس، وكانت للدروز والكاثوليك وغيرهم حصص رعاية اندثر معظمها مع الزمن، واليوم تستمر الرعاية التي تحولت منذ بداية الحرب اللبنانية احتضاناً ودعماً عسكرياً في عملية استقواء ووصاية ومحاولة إلغاء لا سابق لها في هذا العنف.

اللبنانيون يقصدون كل سفارات العالم، ويستجدون المال والسلاح والعتاد. فإسرائيل قدمت للمسيحيين ولغيرهم، قبل ان تنقلب عليهم وينقلبوا عليها، وأفاد من امكاناتها غيرهم في الجنوب والجبل. والعراق صدّر السلاح الى لبنان، وكذلك ليبيا عتاداً ومالاً، ولا ننسَ ايران الأبرز اليوم على الساحة السياسية والعسكرية عبر البوابة السورية. وهل ننسى العمالة للفلسطينيين يوم كان "أبو عمار" يحكم لبنان، قبل ان تتحول القيادة الى عنجر، ومن ثم ريف دمشق؟

هل من الضروري فتح الملف مجدداً؟ العمالة واحدة في المبدأ، والكل عملاء وفق هذا المبدأ. واللبنانيون راضون بهذا الواقع الذي منه يعتاشون، ويخوضون انتخاباتهم، ومعاركهم ومقاومتهم، ويدفعون لأزلامهم، ويفتحون مراكز لأحزابهم، ولا يضيرهم في الأمر شيء، اذ ان تاريخهم عامر بالعمالة، ومستقبلهم لن يكون أقل من ذلك. فلماذا التكاذب القائم وتوتير الأجواء، مع علم الجميع ان أحداً لن يبدل في مواقفه؟

مخرجة لا تقرأ… واذا قرأت لا تفهم!

كتبت قبل أسبوعين عن الرقابة تحت عنوان "يعطيه العافية للأمن العام"، وأنا مصر على فكرتي بالدعاء طالما ان جهازاً رسمياً يقوم بواجباته المنصوص عنها في القانون.
لكنني، في الوقت عينه، دعوت الى مشروع قانون يحجب عن الأمن العام وكل جهاز أمني آخر، حق الرقابة، وطالبت بأن يعمد المعترضون دائماً، بدل اطلاق الشتائم الذي لا ينفع، الى تحصين أنفسهم بالقانون عبر حضّ النواب على إجراء تعديل قانوني أو إعداد قانون جديد، قد يلغي الرقابة من أصلها، أو ينقلها الى لجنة تتألف من أهل الإختصاص في الفن والإعلام والسينما و… الثقافة.

لكن البعض من أهل السينما فهم ما لم يفهم، واعتبر انني مع الرقابة، ووصلتني عبر البريد الإلكتروني رسائل شتيمة من مخرجة ومنتجة، ولا أعلم ماذا تصنف نفسها. تقول انها فنانة ومثقفة، وهي في الواقع غير ذلك أكيد، اذ لا تلم باللغة العربية لتكتب بها، بل تكتب بفرنسية مضحكة ناجمة عن ترجمتها حرفياً ما تردده بالعربية.
لم أجب، ولن أجيب، على الإهانات والشتائم، لكني سأدعو "المثقفين" من أمثال تلك المخرجة الى "قراءة الكتب ومشاهدة السينما (كما نصحتني) لانها أمور مفيدة في تنمية الثقافة"! 

السابق
فيصل المقداد وصل الى القاهرة للتوقيع على بروتوكول المراقبين
التالي
الإعـدام عقوبـة أم جريمـة قتـل؟