النهار:عين الحلوة يستكمل رسائل جنوب الليطاني و برّي: الهواجس المسيحية تتطلّب حلاً متكاملاً

مع أن الملف السياسي الناشئ المتمثل بالتبني الأولي للقاء الماروني الموسع في بكركي اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" في شأن قانون الانتخابات بدا بمثابة مادة إشغال للوسط السياسي باثارته ردودا متناقضة ومرشحة للتفاعل تباعا، جاء الانفجار الامني الجديد في مخيم عين الحلوة امس ليعيد الملف الامني الى صدارة الاهتمامات. ذلك ان تصاعد وتيرة حوادث التفجير والاشتباكات ومحاولات القتل في المخيم في الاسبوعين الاخيرين أثارت مخاوف واسعة من خطة مدبرة لتفجير الاوضاع الأمنية فيه على نطاق واسع ونقلها الى خارج المخيم وسط تداخل الاهداف المحتملة للقوى المتورطة في هذا المسلسل. وقالت مصادر جنويبة مطلعة ومعنية بما يجري لـ"النهار" ان الاجهزة الامنية اللبنانية وضعت في جو تأهب لمراقبة الوضع داخل المخيم بدقة، فيما تمت مضاعفة الاجراءات المتخذة حول المخيم في ظل معلومات تشير الى بلوغ التوتر بين حركة "فتح" ومنظمات فلسطينية اسلامية وأصولية ذروته. وأوضحت المصادر ان اتساع رقعة التوتير في المخيم لا يبدو منفصلا عن محاولات التوتير الامني الجوالة التي حصلت أخيرا، سواء تلك التي جرت في جنوب الليطاني عبر تفجير استهدف الجنود الفرنسيين في قوة "اليونيفيل" او اطلاق صواريخ، او تلك التي جرت في مناطق أخرى، مما يضفي على حوادث المخيم طابعا يتجاوز التنافسات التقليدية بين المنظمات المتصارعة فيه.

ولم يكن أدل على ذلك من حصول عملية قتل أمس لاحد ضباط "فتح" بعد يومين من محاولة قتل ضابط آخر، اذ أقدم مسلح مقنع على اطلاق النار على معاون مسؤول "الكفاح المسلح الفلسطيني" الملقب "اللينو"، وهو عامر فستق وأرداه، وأدى الحادث الى جرح أربعة آخرين. وشهد المخيم استنفارا واسعا بين مسلحي "فتح" ومسلحي القوى الاسلامية، علما ان "فتح" تتهم عناصر سابقة في "جند الشام" بافتعال الحوادث. لكن ممثلي القوى الاسلامية في المخيم نفوا علاقة هذه القوى عموما بالحوادث وتحدثوا عن "طرف ثالث". وأعلن مسؤول الكفاح المسلح محمود عيسى "اللينو" انه "لن تكون حرب وأن من يقف وراء الحوادث هو أخطر من جند الشام وهناك اصرار على زج القوات الفلسطينية في معركة تطال شظاياها الجوار"، مكررا انه "لن يكون هناك عمل عسكري".

وبالعودة الى الداخل السياسي، برزت بعد يومين من انعقاد اللقاء الماروني الموسع في بكركي وتبنيه مبدئيا الاقتراح الانتخابي لـ"اللقاء الارثوذكسي" كمنطلق للتشارو العام، ملامح تريث لدى القيادات الاسلامية عموما عزته أوساط معنية الى عاملين: الاول ان اجتماع بكركي ترك الباب مفتوحا امام التشاور مع جميع القيادات في هذا الاقتراح لجس نبضها قبل تقرير الخطوة التالية والتي يمكن أن تبلور صيغة لجنة اتصال لاستجماع الآراء. والثاني ان التبني المبدئي للاقتراح أثار الارتباك لدى حلفاء كل من القادة المسيحيين الذين شاركوا في الاجتماع، مما يوجب التشاور ضمن أطر التحالفات السياسية قبل تحديد المواقف النهائية من الاقتراح وتاليا من قانون الانتخاب. ولم تغفل الاوساط نفسها ان ثمة اتجاهات مسيحية أخرى يتعين على لقاء بكركي ان يتوجه اليها باعتبار انها لم تشارك في اللقاء وقد تكون لديها مواقف مخالفة لاقتراح "اللقاء الارثوذكسي".

وعكس أول تعليق لرئيس مجلس النواب نبيه بري على بيان اجتماع بكركي عن المشروع، اتجاها الى التعامل معه بروية، إذ قال بري أمس امام زواره "ان هذا الطرح يجب النظر اليه باعتباره نتيجة لمناخ سياسي في الداخل والمنطقة دفع أصحابه الى طرحه بسبب وجود جملة هواجس متراكمة لديهم فضلا عن التجارب الانتخابية السابقة غير المشجعة، والمطلوب معالجة هذه الهواجس وايجاد الدواء الشافي لها بغية انتظام الحياة السياسية في البلد". واعترف بري بوجود "مشكلة حقيقية وفعلية في البلد تتطلب المعالجة السليمة من خلال اجتراح حل متكامل يساهم في ضمان المسيحيين وجميع اللبنانيين ويؤمن الحقوق للجميع". ورفض بري حصر المسألة بجواب على سؤال هل هو مع الاقتراح أو ضده "فالمطلوب العودة الى الاسباب الحقيقية لهذه الأزمة في لبنان".  

السابق
البناء: لقاء سليمان-عون واتصالات الائتلاف الحكومي يدفعان بعجلة التعيينات
التالي
الأزمة السورية: تتأرجح بين التوقيع أو التدويل