المشروع الأرثوذكسي

لا نتخيّل اللبنانيين يتوافدون الى صناديق الإقتراع على قاعدة المشروع الأرثوذكسي الذي يروّج له نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي. المشهد في حد ذاته، لن يكون معقولاً في وطن يعتز بالتعددية.
طبعاً، قولنا هذا لا ينفي وجود مشكلة إسمها التمثيل المسيحي بلغت ذروتها منذ ما بعد إتفاق الطائف في مطلع تسعينات القرن الماضي. إلاّ أنّ ضرورة إيجاد حلّ لهذه المشكلة لا يجوز أنْ تداوى بالتي كانت هي الداء، ولا على طريقة من تؤلمه إصبعه فيعالج الحال بقطع يده.
وكان المشروع محدود البعد إلى أن تداوله الأركان الموارنة في إجتماع بكركي برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، قبل أيام في المقر البطريركي. وبالرغم من أن المعلومات المعلنة رسمياً عن اللقاء تركت إنطباعاً يُفهم منه أنّ المشروع مقبول على الأقل، تبيّـن أنّ بعض الأفرقاء رحّبوا به ترحيباً حاراً، وفق ما استمعنا، إثر اللقاء، الى تصريحات. وكان أبعدها مدى وحماسة الدكتور سمير جعجع الذي بدا الأشد تأييداً للمشروع.
وقد ادى لقاء بكركي الى سلسلة ردود فعل أبرزها ما توالى على إعلانه من مواقف نواب وقيادات في تيار «المستقبل» وسائر القوى الحزبية التي وصفت المشروع والموافقة عليه بأنه «ضرب لاتفاق الطائف وخروج عليه»، وبأنه، الى ذلك «أمر بالغ الخطورة» كما ردّد غير متحدّث من مختلف أطراف المنتقدين.

وسواء أكان جعجع جاداً في ما ذهب إليه أم مناوراً، والمناورة حق سياسي، وسواء أكان على سابق تنسيق مع الأقلية وتيار المستقبل تحديداً أم لم يكن، فإنّ الرجل إلتزم بالمشروع وتقول أوساط عليمة أنه ماضٍ في هذا الإلتزام الذي لا يرى انه يتعارض مع موقفه وموقعه في قوى 14 آذار وسائر طروحات ثورة الأرز.
وثمة عنصر لافت، على هامش هذا المشروع، لا يمكن القفز فوقه من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر: ماذا سيكون الدور الإنتخابي للأقليات في المناطق التي لا تمثيل نيابياً لهم فيها؟ مثلاً: ماذا سيكون دور الأقلية السنيّة الوازنة جداً في البترون حيث النائبان مارونيان. فهل يُـمنع على البضعة آلاف ناخب سنّي أن يتوجهوا الى صناديق الإقتراع؟
وماذا عن مسيحيي صيدا؟
وماذا عن سنّيي الكورة وشيعتها؟
وماذا عن مسيحيي الضنية -المنية البالغ عديد أصواتهم نحو عشرة آلاف صوت؟!.
ونكتفي بهذا المقدار الذي يمكن أن يمتد ليشمل سنّة جبيل وسائر الطوائف الإسلامية في المتن، وما يوازي في المناطق الإسلامية الصرف بالنسبة الى مسيحييها؟!
إنه، في أي حال، مشروع غير منطقي… ولم ندخل هنا في البعد الوطني للمشروع وهو ما يحتاج الى بحث معمق.  

السابق
عبود: اي حوار بين سليمان وعون خير للبنانيين
التالي
ابن 12 يغتصب بنت 11!