البناء: لقاء سليمان-عون واتصالات الائتلاف الحكومي يدفعان بعجلة التعيينات

تنطلق عجلة الاتصالات والمشاورات على مستويات مختلفة اعتباراً من اليوم لاستكمال معالجة الملفات المطروحة من اجتماعية ومالية وإدارية، في ضوء الموافقة المشروطة لمجلس شورى الدولة على قرار الحكومة لتصحيح الأجور والانعكاسات "الإيجابية المحتملة" للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون نهاية الأسبوع الماضي على ملف التعيينات الإدارية، حيث رجحت مصادر وزارية أن يعاد البحث في هذا الملف ليصار إلى إجراء التعيينات تباعاً بعيداً من "السلة المتكاملة".
ووسط ذلك استمرت تداعيات مضمون البيان الذي صدر عن اللقاء المسيحي في بكركي يوم الجمعة الماضي والذي شكل لجنة للتشاور مع القيادات اللبنانية للبحث باقتراح اللقاء الأرثوذكسي حول قانون الانتخابات والذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، وهذا ما أثار الكثير من ردود الفعل المستغربة للعودة بالبلاد إلى أتون الفرز المذهبي والطائفي، وبالتالي التمهيد لإقامة نوع من فدرالية الطوائف ما يشكل تجاوزاً لاتفاق الطائف.
لكن اللافت أمس ما حصل من اشتباكات في مخيم عين الحلوة بين حركة "فتح" ومجموعة "جند الشام"، ما طرح الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول أهداف الذين يقفون وراء هذا الاهتزاز الأمني.
مسعى قطر التآمري
في مقابل ذلك، ورغم انكشاف الدور القطري المشبوه الساعي إلى تدويل الوضع في سورية، وهو الأمر الذي أعلنه رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم أول من أمس بعد اجتماع اللجنة الوزارية العربية، فإن المعطيات والأجواء تشير إلى أن الاتصالات ستستمر في الأيام القليلة المقبلة بين الجامعة العربية ودمشق افساحاً في المجال أمام السير في المبادرة العربية. وتقول مصادر دبلوماسية إن نهاية الانسحاب الأميركي من العراق ستكون لها ارتدادات إيجابية على الحراك العربي تجاه الوضع في سورية، خصوصاً أن العديد من وزراء الخارجية العرب يرفضون محاولات قطر ابتزاز سورية من خلال وضعها بين خيارين: التوقيع على وثيقة الجامعة لإرسال المراقبين من دون الأخذ بالملاحظات السورية، أو رفع الوضع السوري إلى مجلس الأمن. وقد كان الرئيس بشار الأسد واضحاً خلال لقائه الوفد العراقي أول من أمس عندما أكد "أن سورية تعاملت بإيجابية مع جميع المقترحات التي قدمت لها".
 المؤتمر الصحافي للوزير المعلم
ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية السورية وليد المعلم مؤتمراً صحافياً عند الواحدة من ظهر اليوم في دمشق. وعلم أن الغاية من هذا المؤتمر إيضاح أين وصلت المفاوضات بين سورية والجامعة العربية، والأسباب التي حدت بوزير خارجية قطر الشيخ حمد أن يجعل الملف متجهاً نحو التدويل. وقد تناهى إلى "البناء" أن خلافاً في اللحظات الأخيرة بين سورية وقطر قد حصل بخصوص مفردتين: فقطر تصرّ على ما دعته "حماية المدنيين"، في حين تصرّ سورية على "حماية المواطنين" لأن الخلفية ليست بريئة في إعطاء انطباع وكأن الجيش والقوات المسلحة السورية مفصولة عن المواطنين، أو كأن الجيش والقوات المسلحة لم تكن مستهدفة ممن يزعمون أنهم مدنيون.
مجلس الأمن والمشروع الروسي
كذلك، علمت "البناء" أن مجلس الأمن الدولي سيبدأ اليوم مناقشة المشروع الروسي وأنه سيطرح على التصويت. ويتضمن المشروع فقرة تؤكد على رفض أي تدخل خارجي في شؤون سورية. وفي حال صدور هذا القرار سيتم قطع الطريق على طلب يعقب القرار لاستدراج تدخل خارجي. وهذا الأمر يسبب إحراجاً شديداً للإدارة الأميركية والعواصم الأوروبية، فإذا لم يوافقوا على هذا المشروع فليس بإمكانهم التلويح بمشروع آخر، وفي حال وافقوا عليه فلن يعود بإمكانهم طرح موضوع التدخل الخارجي.
ويقول مصدر مطلع إن الأميركيين لم يعودوا مهتمين كثيراً للموضوع السوري، فيما تريد فرنسا تعديل المشروع الروسي لإيجاد قاعدة قانونية للتدخل العسكري، لكن هذا الموضوع ممنوع روسياً.
أما القطريون فقد توصلوا إلى الاقتناع أن هذه ورقتهم الأخيرة، ولذلك يلعبون بآخر أوراقهم ولو محروقة، باعتبار أن قطر تشعر بأنها انتهت إقليمياً بعد الانسحاب الأميركي من العراق، ولذلك تراهن على ورقة أخيرة تلعبها ولو خاسرة.
تداعيات طرح اللقاء الأرثوذكسي
وبالعودة إلى الشأن الداخلي اللبناني، فقد استمرت ردود الفعل المعترضة على ما خرج به اللقاء الماروني في بكركي يوم الجمعة الماضي، وقد التقت مواقف الأطراف السياسية من تلاوين وتيارات مختلفة على استغراب تبني المجتمعين لاقتراح اللقاء الأرثوذكسي حول الانتخابات النيابية، لما يشكله من عودة إلى الوراء لسنوات طويلة بل وإدخال البلاد في عملية فرز مذهبية وطائفية ستؤسس لاحقاً إلى إقامة فدرالية الطوائف وما يمكن أن ينتج من ذلك من تداعيات سلبية كبيرة على استقرار البلاد وتطورها الديمقراطي.
بري والحل المتكامل
وفي أول تعليق له على نتائج اجتماع بكركي قال الرئيس نبيه بري: "إن التعاطي مع هذا الأمر لا يكون على قاعدة ضد أو مع، إنما الموضوع يحتاج إلى معالجة حقيقية، بمعنى آخر يحتاج إلى حل متكامل يطمئن الجميع».
حردان: تولد النزاعات
في هذا السياق، حذّر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، من المقاربات الطائفية والمذهبية لأمور لبنان، معتبراً أن مقاربة قانون الانتخاب ببعد طائفي ومذهبي، يعيد البلد إلى مربع الأزمة البنيوية الأول، الذي شكّل منطلقاً لتمزيق وحدة النسيج الاجتماعي وتفجير نزاعات أهلية اكتوى اللبنانيون بنارها وعانوا من آلامها ومن آثار هذه الآلام على كل صعيد.
وقال: "إن الطرح القائل بأن تنتخب كل طائفة ممثليها هو طرح يناقض المبدأ الديمقراطي المرتكز أساساً على المواطنية".
أضاف: "إن أي انتخاب على أساس طائفي سيؤدي حكماً إلى تقويض الطائف، محذراً من السير في قوانين طائفية لأنها ستوفر الذرائع لمجموعات طائفية من أجل المطالبة بإبرام صيغ جديدة تساهم في تحويل الهواجس إلى عوامل خوف وعدم استقرار، لأن قوانين الانتخاب الطائفي تعزز الانقسام والتنابذ ولا تبدد الهواجس».
وشدد على «أن تبديد الهواجس يكون بالذهاب إلى قوانين مدنية ديمقراطية تؤمن انصهاراً وطنياً حقيقياً وتحصن الوحدة وتعزّز الانتماء، ونرى في مندرجات اتفاق الطائف منصة انطلاق حقيقية توصل لبنان إلى بر الأمان". (النص كاملاً ص 3).
لقاء سليمان وعون
وفي موازاة ذلك، توقف المراقبون عند أهمية اللقاء الذي جمع الرئيس سليمان والعماد عون في بعبدا، حيث حصل لقاء مطول بين الرجلين تخللته مأدبة غداء أقامها رئيس الجمهورية لرئيس تكتل التغيير والإصلاح، علماً أن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لعب دوراً أساسياً في التمهيد لحصول هذا اللقاء.
وأوضحت أوساط قصر بعبدا لـنا أن اللقاء لم يكن اجتماعاً عادياً لتناول الغداء، وإنما جرت خلاله جوجلة كاملة ومفصلة بشأن كل الملفات المطروحة، بما يؤمن اطلاق عمل المؤسسات وإنتاجيتها. وقالت إنه جرى التوافق على كيفية معالجة الجزء الأكبر من هذه الملفات ومن بينها التعيينات الإدارية.
وعلمنا أن اتصالات مكثفة جرت وستجري في الساعات المقبلة في ضوء لقاء رئيس الجمهورية والعماد عون وقالت: إن هذه الاتصالات تندرج في إطار رغبة الحكومة وأقطاب الائتلاف الحكومي باستئناف إقرار التعيينات الإدارية.
وأشارت إلى أن التشكيلات الدبلوماسية شبه جاهزة وان هناك اتفاقاً مبدئياً على إقرارها في أسرع وقت ممكن.
وينتظر أن تستكمل هذه الاتصالات مع مطلع هذا الأسبوع، مع الإشارة إلى أن النائب ابراهيم كنعان سيزور الرئيس بري اليوم موفداً من عون.
لقاء متوقع للخليلين وباسيل
وعلم في هذا الإطار أن اجتماعاً ثالثاً سيعقد قبل جلسة الأربعاء بين المعاونين السياسيين لكل من الرئيس بري الوزير علي حسن خليل والأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل مع وزير الطاقة جبران باسيل وبحضور الوزيرين محمد فنيش وشربل نحاس.
مجلس الوزراء وتصحيح الأجور
وفي المقابل، من المقرر أن تبحث جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية بعد غد الأربعاء في مرسوم تصحيح الأجور في ضوء الموافقة المشروطة لمجلس شورى الدولة على المرسوم لكي يصبح نافذاً.
وفيما أوضح وزير العمل شربل نحاس أنه تم إدراج الموضوع على جدول أعمال الجلسة قال مصدر وزاري لـ"البناء" إن الاتجاه حتى الآن لتصحيح بعض الصياغات في القرار، وليس لتعديل النسب في تصحيح الأجور. وأوضح أن ما طلبته رئاسة الحكومة في البند المقترح على جدول أعمال الجلسة يقترح تصحيح بعض الصياغات في الشطور من خلال تقسيم الراتب أي أن يصار مثلاً إلى زيادة عشرين بالمئة على الراتب حتى مليون و500 ألف ليرة، و30 بالمئة حتى المليونين، بحيث لا تزيد عن 275 ألف ليرة من المليون وما فوق وأيضاً لا تزيد عن مائتي ألف ليرة حتى المليون وهو ما كان أقره مجلس الوزراء سابقاً.
نحاس لـ"البناء"
وفي الوقت الذي أمِل فيه وزير العمل شربل نحاس رداً على سؤال لـنا أن يبصر المرسوم النور قبل نهاية العام ليعرف الشعب اللبناني كيف ستؤول إليه مسألة الأجور، فإن رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن ووفق مصادر نقابية ما زال متمسكاً بموعد الإضراب في السابع والعشرين من الجاري، إلا في حال أخذت الحكومة بمرسومها الأول لتصحيح الأجور.
ولفتت المصادر إلى أنه ستجري اتصالات ومشاورات خلال هذا الأسبوع لتصب في خانة معالجة هذا الملف في محاولة لتجنب هذا الإضراب كونه يأتي بين عيدين يعوّل عليهما على المستويين السياحي والاقتصادي.  

السابق
الانباء: الأحداث الأمنية تدفع لتجدد الدعوة لبيروت منزوعة السلاح والسجال يحتدم حول قانون الانتخابات الأرثوذكسي
التالي
النهار:عين الحلوة يستكمل رسائل جنوب الليطاني و برّي: الهواجس المسيحية تتطلّب حلاً متكاملاً