عبثية الوساطة العراقية في المسألة السورية !

 في زيارته الأخيرة الى البيت الأبيض حرص رئيس وزراء العراق, زعيم حكومة حزب" الدعوة وشركاه" من أهل المعسكر الإيراني في العراق, على حمل الملف السوري تحت إبطيه تنفيذا لأوامر إيرانية واضحة المباني و المعاني , وكان المالكي حريصا أشد الحرص على إنقاذ نظام البعث الوراثي السوري من عثرته , ومحاولة منع سقوطه , وتبديد الضغوط الأميركية و الغربية عنه في صفقة سياسية إقتصادية أمنية تحت ذريعة الخوف من مستقبل سورية في حال سقوط نظام بشار الأسد العائلي , وهي مخاوف مفتعلة وغير حقيقية بالمرة , فمن سيسقط حقيقة هو الحلف الشيطاني الإيراني -السوري و ما سيتبعه من تهاوي فعلي لبلطجة "حزب الله" الإيراني في لبنان, ومن إضعاف لجبهة القوى الطائفية في الشرق الأوسط , لذلك فقد رأينا حرص ورعب المالكي, وهو أحد قادة المشروع الطائفي في الشرق, على إنقاذ و نجدة النظام السوري, وهو يحمل همومه فيما يتجاهل بالكامل معاناة شعبه العراقي الذي يعيش أوضاع التردي الأمني والسياسي و الاقتصادي و الخدماتي!
لقد تحركت المجموعة الاستشارية التافهة المحيطة بالمالكي, وهم مجاميع من أهل الشهادات المزورة و العاطلين السابقين وباعة المسابح و الصرافين, وباعة الخضار والمهربين والأرزقية والألمعية و "أهل الهبر والشفط واللهط" لزيارة الشام وافتعال مبادرة سياسية فاشلة وميتة أصلا تهدف الى بدء حوار بين النظام السوري المجرم والمعارضة الوطنية السورية التي أعلنت بكل فصائلها أنها لا تتفاوض إلا على مطلب واحد وملح فقط لاغير وهوآلية رحيل النظام وتفكيكه وإنهاء سطوته ونقل السلطة للشعب, وأي احتمال خارج نطاق ماذكرنا مجرد أوهام وأحلام.
يحدث كل الزحف الانبطاحي المالكي هذا في الوقت الذي يفعل فيه النظام السوري ويشحذ آلته القمعية التي تسحق الأحرار , وتتزايد بمتواليات رهيبة أعداد الشهداء المتساقطين يوميا , ويتم اللجوء لأقصى درجات العنف المفرط لكسر الإضراب الشعبي الشامل, وتدمير مراكز الثورة المشتعلة في حمص وحماة وأدلب ودرعا وحلب ودمشق ذاتها التي وصلها الطوفان الثوري الذي سيسحق النظام ويحيله الى مزبلة التاريخ.
المبادرة المالكية محاولة بائسة للالتفاف على جهود الجامعة العربية ولمنع تدويل الملف السوري الذي دخل فعلا في خانة التدويل, وماعاد ممكنا التفاهم مع النظام, إلا من خلال اللغة الوحيدة التي يفهمها.
نحن لا نعتقد أبدا بوجود معارضة سورية حقيقية مستعدة لزيارة بغداد والتفاوض مع حكومتها غير المحايدة والمنحازة أصلا للنظام القاتل, وبالتالي فهي لاتصلح أبدا كوسيط محايد ونزيه وموضوعي , ثم أن القضية السورية لا تحتاج أبدا الى أي وساطة سوى رحيل النظام ومحاكمة القتلة وعناصر الإجرام القيادية التي أهدرت دماء آلاف السوريين الأحرار , وشعب سورية الحرة هوصاحب القرار الأول والأخير ولاحق أبدا لحكومة المنطقة البغدادية الخضراء والتي يدين عناصرها القيادية, بدءا من رئيس العراق جلال طالباني ومرورا برئيس حكومته نوري المالكي ووصولا الى غالبية الوزراء والمسؤولين الأمنيين والمستشارين بالولاء التام للواء الاستخباري السوري ومعلمهم القديم محمد ناصيف خير بيك مسؤول الشؤون الشيعية في المخابرات السورية! فأبو وائل هو حامل ملفات الحكومة العراقية السرية , كما أن رأسه مطلوبا من قبل الشعب السوري للمحاكمة والمساءلة عن الجرائم التي اقترفها بحق الشعب السوري , مبادرة ميتة ومرفوضة, ولايوجد سوري حر واحد يقبل بها أوحتى يناقشها لأنها صادرة من أوكار إيرانية تتحدث العربية , ولأنها تقفز على مطلب جماهيري مقدس لا محيص عنه, ولابديل, وهو إسقاط النظام ومحاكمته ومحاسبته عن ملفات الجرائم الثقيلة التي ارتكبها ولايزال يرتكبها كل يوم.
الحرص العراقي العجيب الغريب على رأس النظام السوري يشكل حالة غرائبية وتدخلا فظا وأهوج في شؤون شعب يناضل من أجل حريته وكرامته ودماء أبنائه , فلا تفاوض مع القتلة والمجرمين وسفاحي الشعوب ولا مصداقية حقيقية لحكومة عراقية تمارس الطائفية, وتمعن في تمزيق البلد, وتتآمر على الأحرار وتحاول منع عجلة تاريخ الحرية من الدوران.
مبادرة عراقية بائسة بؤس مطلقيها ومن خلفهم من أهل النظام الإيراني المرعوب من حتمية الانهيار الشامل لكل مخططات التخريب والفتنة ليحرص المالكي إن كان حريصا فعلا على صيانة البيت العراقي المعرض للتفكك, والانشطار, والانحلال بسبب سياساته الطائفية المريضة ومعالجاته القاصرة والفاشلة لملفات العراق الحيوية وليبتعد هو ومن هم خلفه من أشباح طهران عن ملامسة قضية الحرية السورية المقدسة التي ستنتزع النصر من عيون الطغاة, ولو وقف كل العالم ضدها, السوريون الأحرار سينجزون الوعد الحق , وسيحققون الهدف, والله ناصر من ينصره , ولا نامت أعين الجبناء وعبيد الطغيان وسماسرة المشروع الطائفي الساقط لامحالة. 

السابق
حزب الله العالق بين برّي وميقاتي وعون
التالي
سامي الجميّل وسلاح «حزب الله»: متى الجولة المقبلة؟