سامي الجميّل وسلاح «حزب الله»: متى الجولة المقبلة؟

 يتندّر بعض السياسيّين في لبنان بأنّ الإدارة الأميركيّة ستخصّص خمسمئة مليون دولار للنائب نوّاف الموسوي لنجاحه غير المسبوق في تلطيخ صورة «حزب الله» بعد الكلام النابي الذي قاله في مجلس النوّاب، وذلك في إشارة إلى اتّهام حزب الله لأميركا بدفع هذا المبلغ لإعلاميّين وسياسيّين لبنانيّين لإنجاز «مهمّة التلطيخ».

يعكس "مشهد الأحذية" في مجلس النوّاب صورة مصغّرة عن الوضع الذي يعيشه "حزب الله" والذي يبدو فيه أنّه غير قادر على تقبُل أيّ انتقاد لسلاحه ولدوره الأمني، ومن هنا كان ردّ الموسوي المتفلّت من الأصول، وكان أيضا البيان الذي صدر عن الحزب الذي يحمل في مضمونه تحذيراً واضحا لكلّ مَن يتجرّأ ويُحمّل الحزب مسؤوليّة ما تتعرّض له قوّات "اليونيفيل".

وقد بدا في مجلس النوّاب أنّ "حزب الله" قد حضّر نفسه جيّداً للردّ على الجميّل، ولم يكن يريد الذهاب الى إعطاء الأخير فرصة تسجيل نقطة ثمينة كالتي تمّ تسجيلها، لكنّ فقدان السيطرة أدّى الى نجاح الجميّل مرّة جديدة في مقارعة "حزب الله" الذي وجد أنّ الاعتذار عن الكلمة النابية كان ضروريّا للحدّ من الخسائر التي سبّبتها.

لم يكن الجميّل يتوقّع أن يواجهه أيّ من نوّاب "حزب الله" بالإساءة الشخصيّة، إنّما كان يفترض ان يتمّ تخوينه وهو حضّر نفسه جيّداً للردّ على منطق التخوين، ولكن فور صدور الكلمة النابية، استمهل الجميّل نفسه لخمس ثوانٍ لتفكير سريع، فارتأى أن يقول لقائل الكلمة النابية: "كلامك يشبهك"، وبذلك خرج من ورطتين: الأولى أن يغرق في الردّ بالكلام النابي، وعندها ينتسب الى منتدى "حوار الأحذية"، والثانية السكوت وعدم الردّ، وفي الحالتين يكون قد خسر.

ويعود سبب احتقان "الحزب اللاهي" من الجميّل الى أنّ الأخير بات يستعمل منبره الطبيعيّ، مجلس النوّاب لتسليط الضوء على سلاح "حزب الله"، وسط انطباع بأنّ النائب الشاب بدأ يحقّق مكاسب في هذه المواجهة، التي يصوّب فيها على "حزب الله"، ويهمل حلفاءه الى درجة انّه يتعمّد استمرار التواصل من فوق الطاولة مع "التيّار الوطني الحر"، ويبقي على خطوط الاتّصال الحارّة مع الرئيس نجيب ميقاتي، ويشكر في اليوم الثاني لـ"حوار الأحذية" للرئيس نبيه برّي جهوده توصّلا إلى الاعتذار.

الواضح أنّ الجميّل يريد ان يجعل من قضيّة سلاح "حزب الله" قضيته الأولى، وهذا ما يظهر من خلال المواجهة مع شبكة الحزب في ترشيش، وهذا ما أراده أيضاً في تركيزه داخل المجلس النيابي على ثغرة كبيرة وردت في ملفّ كشف، ما قال "حزب الله" إنّه شبكة تابعة للـCIA، وهي الثغرة المتعلّقة باعتراف الحزب بأنّه قادر على مراقبة المقاهي والمطاعم وحركة الروّاد في معظم المناطق، وهو ما يعني أنّ الحزب موجود أمنيّا على الارض. ويبدو ايضا أنّ الجميّل وبعد صدور الكلام النابي في حقّه، أراد أن يصل بـ"حزب الله" الى التراجع، وعلى عكس ما قيل إنّ الرئيس فؤاد السنيورة هو الذي حرم الرئيس برّي اصطياد الجميّل الى مصالحة "تبويس لحى" كانت ستقزّم تداعيات ما حصل في المجلس، فإنّ السنيورة نصح الجميّل بمصالحة الموسوي في مكتب برّي، لكنّ الجميّل رفض وأصرّ على الاعتذار قبل أيّ مصالحة.

أراد سامي الجميّل ان يصل من خلال كلمته في مجلس النواب الى تحقيق مجموعة من الاهداف، أوّلها استمرار المواجهة مع ما يعتبره "المشكلة الأُم" في لبنان، وهو تفلّت السلاح خارج الدولة، لكنّه، وعلى الأرجح ومن خلال توجيه رسالة لخصومه، أراد هزّ همّة حلفائه ولفت نظرهم الى أنّ كتلة 14 آذار النيابيّة قادرة على القيام بأكثر ممّا تقوم به، فماذا لو قرّر خمسة نوّاب من كتلة 14 آذار أن يحذوا حذوَ الجميّل على منبر البرلمان؟

كنّا سنرى جمهور 14 آذار يتفاعل أكثر مع نوّابه وقادته.  

السابق
عبثية الوساطة العراقية في المسألة السورية !
التالي
الإيرانيون إلى العراق!