الاخبار : حزب الله العالق بين برّي وميقاتي وعون

 

الاخبار كتبت :
أنهت الغالبية ترتيب بيتها باجتماع الرئيس نبيه برّي وحسين الخليل لتذليل العالق الملتبس بين الحلفاء، بعد أسبوع بدأ باستقبال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الوزير جبران باسيل، ثم اجتماع باسيل والوزير علي حسن خليل والخليل، ثم اجتماع وزراء الترويكا
عُقد اجتماع رئيس المجلس نبيه برّي مع معاون الأمين العام لحزب الله حسين الخليل قبل أربعة أيام، واتسم بمصارحة أبرَز فيها رئيس المجلس بضع ملاحظات. أعرب عن اقتناعه بأن الرئيس ميشال عون حليف، وبأن خياراته الاستراتيجية تصب في مصلحة المقاومة، مؤكداً تفهّمه وتأييده إلى حدّ كبير المطالب التي يلحّ عليها عون، ونفى أي مشكلة بينهما، لكنه شدّد على دعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، واضعاً التباين في الرأي مع وزراء عون في إطار خلاف طبيعي يقع بين الحلفاء في أي مكان، من دون تحميله أكثر ممّا يحمل.
وتحدّث برّي عن ثغرة أوجدت الخلاف على مشروع وزير العمل شربل نحّاس لتصحيح الأجور، هي إغفاله التنسيق مع وزارات أخرى تدخل في نطاق مشروعه كوزارة الصحة. لفت أيضاً إلى أن سوء التنسيق أفضى إلى التصويت المتعارض في مجلس الوزراء على اقتراح رفع الأجور بين وزراء حركة أمل وتكتل التغيير والإصلاح، من دون أن يتوخى ذلك أيّ إحراج متعمّد.
بعض ملاحظات برّي اشترك فيها حزب الله، ومفادها أن عون لم يستمزج رأي حلفائه عندما تقدّم بمشروع الكهرباء في مجلس النواب، من دون أن يرمي بذلك إلى إحراجهم، وكذلك نحّاس. في الحصيلة اكتشف الجميع حاجتهم إلى تنسيق مسبق لتفادي تكرار ما وقع. إلا أن وزراء حزب الله، خلافاً لوزراء حركة أمل، لم يصوّتوا مع اقتراح رئيس الحكومة بشأن زيادة الأجور، ولم يصوّتوا ضده. لم يصوّتوا مع مشروع نحّاس ولا ضده لكونه لم يُطرح أساساً على التصويت، بعدما أخرج ميقاتي اقتراحه وطرحه على الاقتراع، فانقسمت مواقف وزراء برّي وعون، وتجنّب وزراء الحزب اتخاذ موقف.
لم يقتصر الخلاف بين قطبي الغالبية، برّي وعون، على الأجور، بل تناول كذلك قطاعي النفط والكهرباء. الأمر الذي حمل حزب الله على التحرّك لتدارك التباين في الرأي بين طرفين، في ائتلاف واحد قلّ الكلام والتنسيق بينهما في الفترة الأخيرة. دفعت وساطة حزب الله بينهما إلى إحياء لجنة متابعة كانت تلتئم باستمرار بين أقطاب 8 آذار، عندما كانوا لا يزالون في المعارضة، وكانت تجتمع دورياً، وتضم وزير الطاقة جبران باسيل، ووزير الصحة علي حسن خليل، والخليل، وممثلاً للنائب سليمان فرنجيه هو يوسف فنيانوس. وكان يشترك فيها في بعض الأحيان ممثلو أفرقاء آخرين. تلتئم في اجتماعات شبه يومية تناقش المواقف التي سيتخذها التحالف، والتنسيق في ما بينها، في مرحلتي حكومتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري. واتفق هؤلاء آنذاك على المثابرة في عمل لجنة المتابعة عندما تتحوّل الأقلية أكثرية. بيد أن التنسيق أصابه الاسترخاء في الفترة الأخيرة، وأتت جلسة مجلس الوزراء لتفضح ارتدادات إهماله وتناقض وجهات النظر. ولا يقصر حزب الله التحالف على برّي وعون وفرنجيه، بل يشمل أيضاً النائب طلال أرسلان، والحليف الجديد في الائتلاف الحكومي الوزير فيصل كرامي.
والواضح أن التحرّك الأخير لحزب الله حيال حلفائه، متنكّباً تناقضاتهم، جعله يحدّد في سلسلة الاجتماعات التي أدار بها إعادة ترتيب شؤون البيت الداخلي، ثوابته الثلاث:
أولاها، أن عون حليف جدّي وأساسي للمقاومة التي لا يسعها، إلا أن تكرّس يوماً بعد آخر التحالف الوثيق معه، منذ 22 أيلول 2006، في خطاب نصر الله، حين قال إنّ دين عون لحزب الله في عنقه حتى يوم الدين. وهو التزام يؤكد به الحزب عدم تخلّيه عن عون، أو السماح بإضعافه وتجاهله، أو إغفال مطالبه التي يدعمها.
ثانيتها، التمسّك بحماية حكومة ميقاتي والمحافظة عليها، والحؤول دون تعريضها لأي خطر، لأنها الحكومة البديلة من وجود الحريري في السلطة. يقول الحزب إنه لم يُطح حكومة الحريري كي يأتي بسواها لا تصمد، أو كي يعيد فتح الأبواب أمام عودة ثانية للحريري، بل من أجل أن لا يعود إلى الحكم أبداً. وهو مغزى رهانه على ميقاتي ودعمه وتجاوز التباين في الرأي معه، وأحياناً على خيارات مؤلمة للحزب كتمويل المحكمة الدولية.
ثالثتها، أن حكومة ميقاتي ائتلافية، إلا أن القوة الرئيسية فيها هي لـ 8 آذار التي تمثّل الغالبية الحكومية، بما يمكّنها من الفوز بتصويت مجلس الوزراء، وكسب أوسع مقدار لمصالحها وخياراتها. يحمل ذلك حزب الله على وضع خطته القديمة ـــــ الجديدة موضع التنفيذ، بتنسيق اجتماعات دورية لممثلي أفرقاء الغالبية، لمناقشة المواضيع المطروحة على مجلس الوزراء، واتخاذ موقف مشترك منها، ولا يجعل الخلاف على أي بند في جدول أعمال المجلس، أو أي مشروع قانون يوحي بأنه خلاف على الخيارات الاستراتيجية، ويضع التحالف على محك الانفصال. عزّز هذا الانطباع الكلام الذي حمله باسيل من عون إلى نصر الله، ومفاده أنه مستعد لمغادرة الحكومة إلى المعارضة إذا بدا أنه عاجز عن تحقيق الإصلاح الذي يعمل من أجله.
والواقع أن الخيبة التي لم يُخفها رئيس تكتّل التغيير والإصلاح تكمن في معطيات أبرزها:
1 ـ التجاذب الناشب بينه ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي يعتقد بأنه ممثل المسيحيين في الحكم، ويريد أن يحصد التعيينات والمكاسب ويضعها في يده، انسجاماً مع موقعه الدستوري. بين سليمان وعون ما بات يزيد على أن كلاً منهما كان جنرالاً، وكان قائداً للجيش، وأن أحدهما انتزع رئاسة الجمهورية من الآخر، الذي يظنّ أنه الأجدر بها، إلى تقاسم الحصة المسيحية في السلطة. ورغم استمرار خلاف الجنرالين على تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، إلا أن ثمّة نافذة في توافقهما على مرشح للمنصب ما دام التعيين يتطلب ثلثي مجلس الوزراء، اللذين لا يتوافران لأي منهما.
ويبدو تبعاً لبعض المعلومات أن القاضية أليس شبطيني خرجت من سباق التنافس على رئاسة مجلس القضاء الأعلى، وأن سليمان في صدد البحث عن اسم آخر سواها بعد الضجة التي تسبّبت بها قرارات محكمة التمييز العسكرية، التي ترأسها بإطلاق متهمين بالتعامل مع إسرائيل، وفيما يبحث الرئيس عن اسم آخر، وكان حزب الله تلقى إشارات جدّية بذلك، يتمسّك عون بمرشحه القاضي طنوس مشلب.
2 ـ يتصرّف عون على أنه رئيس الغالبيتين المسيحيتين في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء، ورئيس الكتلة المسيحية الأكبر التي يحملها معه إلى انتخابات 2013، آملاً تعزيزها. وهو يشعر بأنه أخفق إلى الآن في استثمار الغالبيتين اللتين يتزعمهما لتحقيق برامجه للإصلاح.
3 ـ ينظر عون إلى انتخابات 2013 على أنها آخر انتخابات مصيرية يخوضها، ويتوقع تتويج مسيرته السياسية منذ عام 2005، وأنه انتزع في استحقاقي 2005 و2009 الغالبية المسيحية، وتالياً زعامة الشارع المسيحي، من أجل أن لا يقوده أحد ـــــ من حلفائه أو خصومه ـــــ إلى انتخابات 2013 ضعيفاً لتقويض شعبيته وزعامته تلك. 

السابق
المستقبل: “حزب الله” سيقاضي متّهِميه بالاعتداء على “اليونيفيل”
التالي
الديار: حزب الله بعد لقاء بييتون: متمسكون بعمل اليونيفيل في الجنوب