الموسوي والجميل: الصبّاط بين الريف والمدينة

بعدما أطلق الوزير وئام وهّاب موضة الأقدام والصرامي في اللغة السياسية، ها هو النائب نواف الموسوي يكمل الدرب ويحمل الشعلة متوجّها إلى النائب سامي الجميّل، داخل قبّة مجلس النواب، بالقول: صبّاطي محترم أكتر منّك.
هكذا، وداخل المجلس الذي يجمع ممثلي الشعب اللبناني، الذي انتخب الموسوي والجميّل، حكم الموسوي على الجميّل بأنّه أقلّ شرفا من صبّاطه.
الموسوي أصدر في اليوم التالي اعتذارا من زملائه النواب ومن رئيس المجلس نبيه بري عن الكلمة النابية التي صدرت عنه، مؤكدا في الوقت نفسه على المضمون السياسي الكامل لما ورد فيها، في ما يشبه الإهانة الجديدة للنائب الجميّل.
فردّ الجميّل عليه بمؤتمر صحافي اليوم تمنّى خلاله أن يكون هذا الاعتذار بداية لنزول حزب الله من عليائه، وليعرف انه لا يمكنه ان يلغي او يتخطى او يهدد اي مجموعة من اللبنانيين.
قبل يومين كان الموسوي قد توجّه إلى مجهولين، عبر شاشة التلفزيون، بالقول: سلّموا أنفسكم إلى أمن المقاومة، إذ قال إنّ هناك صحافيا وباحثا وطبيبا بين عملاء الإستخبارات الأميركية في لبنان، في ما بدا كأنّه دعوة إلى كلّ صحافي وباحث وطبيب يخاصم "حزب الله" سياسيا كي يستعي من نفسه ويرتعب.
أيضا كان اتهم العام الماضي النائب الجميّل نفسه بأنّه عميل حين قال الجميّل يومها إنّه لا يخجل بخيارات حزبه خلال الحروب الأهلية اللبنانية.
قبلها كان الموسوي قد اتهم، في مجلس النواب نفسه، زميلا منتخبا أيضا هو النائب نهاد المشنوق، بأنّه عميل للإستخبارات الأميركية، وبأنّ سعره معروف في السوق.
وقبلها أيضا، بعد عراضة المطار حين دخلت سيارات "حزب الله" التي بلا نمر إلى حرم المطار واصطحبت اللواء جميل السيّد، قال الموسوي إنّ حزبه حرٌّ في تكرار ما جرى في المطار.
الموسوي أصدر اعتذارا من زملائه النواب ومن رئيس المجلس نبيه بري عن الكلمة النابية التي صدرت عنه، مؤكدا في الوقت نفسه على المضمون السياسي الكامل لما ورد فيها، في ما يشبه الإهانة الجديدة للنائب الجميّل. وقيل أيضا إنّ الإعتذار صدر بإصرار من الرئيس بري لأنّ ما جرى "يضعف المقاومة" و"ما هكذا يُدافَع عن المقاومة".
هكذا هو النائب الموسوي، يشتم يمنة ويسرة ويتّهم بالعمالة من يريد ساعة يريد وأينما يريد…
اللافت أنّ الشتيمة المتعلقة بالأقدام شتيمة "ريفية"، في مقابل شتائم "برجوازية" تصدر من الجهة المشتومة. فالنائب الشهيد بيار الجميل كان وصف جمهور قوى الثامن من آذار بأنّها "غنم". وفي هذا مزيج من استعلاء "المارونية السياسية" ومن نظرة شوفينية مدينية إلى "شيعية سياسية" تُرى على أنّها آتية من الريف لتزاحم "المارونية" على السلطة. أما الموسوي فشتيمته تأتي من ريف يرى الأقدام والأحذية "شتيمة"، حيث الأحذية تاس بها الحقول الموحلة والشوارع المتسخة بروث الحيوانات، في حين أنّ الحذاء في المدينة قد يكون أكثر نظافة من السرير، وقد يصل ثمنه إلى آلاف الدولارات.
على سبيل النكتة يمكن القول إنّ تبادل الشتائم "الطائفية" بين طرفي الصراع في لبنان لا يعبّر فقط عن "حقد" طائفي بقدر ما يعبّر عن حقد "طبقي" وأحيانا "إجتماعي"… لذا اقتضى التوضيح.

السابق
اللبنانيون في اسرائيل بعد العفو العام.. سيعودون بخيانة أكبر
التالي
احمد قبلان:بناء البلد لا يكون بالتقاسم والانقسام