السفير: مراجعة اليونيفيل: تمهيد لإعادة الانتشار … أو الانسحاب؟

إذا نجحت الحكومة بتعويض الوقت الطويل المهدور بين التكليف والتمويل، فإن الأسابيع القليلة المقبلة، ستشهد ورشة عمل حكومية سمتها الأبرز المزيد من التناغم بين وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» و«حزب الله» وحركة «أمل»، وذلك في ضوء قرار قيادي كبير بتمتين هذه «الثلاثية» السياسية.
في هذه الأثناء، لم تترجم معظم القوى السياسية والحزبية في الثامن والرابع عشر من آذار حبر بياناتها الرافضة للقرار الحكومي الأخير حول تصحيح الرواتب والأجور، فكان حضورها في التظاهرة التي دعت إليها هيئة التنسيق النقابية، أمس، خجولاً، بخلاف مواقفها العنترية، واقتصر تمثيل معظمها على مـسؤولي المكاتب التربوية، الذين جهدوا لاحتلال الصف الأمامي للتظاهرة التي ضمّت آلاف المشاركين ومعظمهم من العاملين في القطاع التربوي العام والخاص، وانطلقت من بشـارة الخوري إلى السرايا الكبيرة.
وهكذا بدت هيئة التنسيق في شارع معركة تصحيح الرواتب والأجور وحيدة، ولكن قوية بمعزل عن حفلة النفاق السياسي التي حاول خلالها أهل السلطة ومن يعارضونهم مصادرة التحرك النقابي، كل لاعتباراته السياسية البحتة، وهذا الموقف عبر عنه رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، عندما وجّه التحية إلى المتظاهرين قائلاً: «يا من تقفون وحدكم في الشوارع والساحات دفاعاً عن كرامة اللبنانيين جميعاً وعن حقكم في لقمة العيش والحياة الحرة الكريمة».
وفي انتظار تحرك الاتحاد العمالي في السابع والعشرين من الجاري، فإن إضراب الأمس شمل جميع المدارس ودور المعلمين والمهنيات الرسمية، في حين بلغت نسبة الإضراب في المدارس الخاصة على صعيد لبنان حوالى الثمانين في المئة، على الرغم من تهديد بعض المديرين للمعلمين بحسم يوم غياب أو بالفصل.
وفيما لم يقل مجلس شورى الدولة كلمته بعد في مشروع مرسوم تصحيح الأجور، في ظل توجه عبر عنه أحد كبار القضاة لجهة رفض المشروع الجديد «لأنه يتضمّن ثغرات فادحة من حيث الشكل والمضمون، وعلى قاعدة أن من رفض المشروع الأول لتصحيح الأجور لا يمكن أن يوافق على المشروع الثاني»، عقد عدد من وزراء فريق الأكثرية اجتماعاً تنسيقياً، أمس، ضم الوزراء علي حسن خليل («أمل») وجبران باسيل وشربل نحاس(«التيار الوطني الحر») ومحمد فنيش وحسين الحاج حسن («حزب الله»)، وذلك استكمالا للاجتماعات الثلاثية التنسيقية بين باسيل وخليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، وتم الاتفاق على تثبيت الاجتماع الوزاري التنسيقي عشية كل جلسة لمجلس الوزراء، وصولاً الى اتخاذ موقف موحد من عدد من القضايا المتفاهم عليها، بما في ذلك مبدأ المشاركة، «اذا شعر أي طرف من الأطراف الثلاثة بأي منحى للتعطيل في مجلس الوزراء»، على حد تعبير أحد الوزراء المشاركين في الاجتماع الوزاري التنسيقي.
وناقش المجتمعون أيضاً قضية التغطية الصحية، حيث عرض الوزير شربل نحاس رؤيته فيما قدم الوزير علي حسن خليل مقاربته، وتم الاتفاق على محاولة إعداد تصوّر موحّد، وهو الأمر الذي يسري أيضاً على مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2012، حيث قرر المجتمعون تطوير ورقة ملاحظات وزراء «تكتل التغيير» لتصبح ورقة ثلاثية، بعد أن تضاف اليها ملاحظات وزراء «حزب الله» و«امل».
«اليونيفيل»..
والمراجعة الاستراتيجية
من جهة ثانية، أفاد مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط أن الطريق الالتفافية للتمهيد لانسحاب «اليونيفيل» من الجنوب اللبناني قد تكون قيد الدراسة في نيويورك في سياق المراجعة الاستراتيجية الجارية هناك للقرار 1701 ومهمة «اليونيفيل» المعززة.
هذا الاحتمال الذي تجري دراسته في نيويورك قد تكون العملية الأخيرة ضد الدورية الفرنسية في برج الشمالي، قد أعادت وضعه على الطاولة بعد تجاوزه في السنوات الماضية.
وبحسب مصدر عسكري فرنسي فإن المراجعة الجارية لاستراتيجية «اليونيفيل» في قسم حفظ السلام في الأمم المتحدة، قد تأخذ باقتراح في المستقبل، يقضي بتسليم الجيش اللبناني أجزاء من القطاعات العسكرية التي تشرف عليها «اليونيفيل». ويقضي منطق القرار 1701 بمساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سيادتها على الجنوب اللبناني وإعادة مؤسساتها وسلطاتها إلى العمل في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، حتى الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية.
وكانت المراجعة الماضية قد أفضت إلى تعديل في انتشار القوات الدولية في المنطقة، على قاعدة المهمات التي يجب أن تتولاها وليس على قاعدة تولي مسؤولية قطاع بحد ذاته. وتحوّلت بموجب المراجعة الماضية، القوات الفرنسية إلى قوات للتدخل السريع، لحماية القوات الدولية، بشكل خاص انطلاقاً من قاعدة دير كيفا في قضاء صور، مع الاستمرار في أعمال الدورية إلى جانب الجيش اللبناني. ومن المنتظر أن تنتهي المراجعة الجديدة مع انتهاء العام الحالي.
وتدريجياً «يؤدي احتمال نقل المسؤولية عن مناطق بأكملها من بعض وحدات «اليونيفيل» إلى الجيش اللبناني، إلى تسهيل انسحاب قوات «اليونيفيل» أو قوات بعض البلدان المشاركة فيها، من دون مخاطر ميدانية أو تبعات سياسية كبيرة»، وفق ما يقول المعنيون بالمراجعة التي تواجه صعوبات عملانية تتعلق بتركيبة بعض ألوية الجيش اللبناني وبعض المعطيات السياسية والأمنية في منطقة جنوب الليطاني.   

السابق
كي مون: أكثر من 5 آلاف قُتلوا في سوريا وعلى المجتمع الدولي ان يتحرك
التالي
6 جرحى في اشتباك بين أمل والأحباش في برج أبي حيدر