السلفية والاخوانية

كنا نخشى من الزحف الاخواني المدعوم اميركيا في تونس وليبيا والمغرب ومصر واليمن والذي يكرر صباح مساء انه يمثل فكرا عصريا معتدلا وان دعا بعض رموزه مثل الجبالي رئيس وزراء تونس الى بدء الخلافة السادسة.. وان دعا محمود الزهار بعد الانقلاب في غزة الى بداية الامارة الاسلامية من غزة.. لكن مخاوفنا تبددت عندما ظهر بعض رموز التيار السلفي خاصة في مصر وهم يهجون الديمقراطية باعتبارها كفرا مع انها اتاحت لهم خوض الانتخابات وتحقيق مكاسب غير متوقعة.. فالمرشح السلفي علي ونيس زعم ان حكم الشعب للشعب حرام وكفر لأن الحكم لله.. وبالطبع لا احد ينكر ان الحكم لله ولكن الادوات المنفذة هي من الشعب، والشعب يختار مشرعين ومنفذين لحكمه.. وبالتالي لا تناقض بين الديمقراطية وحكم الله.. لكن ونيس لا يريد ان يفهم هذا ويذهب بعيدا الى تحريم الخروج على الحاكم الكافر. وكان أحد ابرز قادة السلفيين في الاسكندرية الذي سقط في الانتخابات وهو عبد المنعم الشحات اتهم الاديب نجيب محفوظ بأنه نشر الرذيلة في رواياته وقصصه واعتبر السياحة حراما والمعالم الفرعونية اصناما تجب تغطيتها. فالسياحة المصرية هي اهم مورد اقتصادي ويعمل فيها عشرة ملايين مصري وكذلك فان الاخوان في المعمعان المصري الذي منحهم فوزا غير متوقع بدأوا يتطاولون على تركيبة الدولة المصرية حيث اعتبروا منصب المرشد العام للاخوان المسلمين اعلى من منصب رئيس الجمهورية وهذا يعني تعصب الاخوان لحزبهم ويعتبرونه اكبر من الدولة المصرية ذاتها وأكبر من اي حزب آخر.

ان مصر حاليا تشهد صراعا فكريا دينيا داخل الاجتهاد الاسلامي نفسه.. ومع الأسف يتم التركيز على القشور المجتمعية وليس على الجوهر.. فعندما وضعت ماعز في قرية مصرية مؤخرا مولودا بلا رأس مات بعد ولادته ويشبه جسمه جسم طفل وليد طالب بعض السلفيين بدفنه في مقبرة اسلامية وكأن الماعز تضع بشرا ولهذا افتى احدهم بجواز أكل لحم العفاريت.. ربما لأن العفريت عجل هولندي كامل الدسم.. فعندما يقول الجبالي في تونس انه من دعاة الخلافة السادسة فهذا كلام كبير لا اعتراض عليه طالما انه يدعو لدولة اسلامية موحدة.. وحتى كلام الزهار عن الامارة الاسلامية الكبرى فهو كلام كبير وقضية تستحق الفهم.. اما التركيز على قضايا هامشية وجعل المرأة هي الموضوع الرئيس في الفتاوى فهذا لا يبني اقتصادا ولا يقيم دولا بل يخرب ويهدم ولا يبني.. فلا مستقبل لتونس دون السياحة وكذلك لمصر. وقديما قال الشيخ حسن البنا «اقيموا دولة الاسلام في قلوبكم تقام على ارضكم» لكن الاحزاب الاسلامية من خلال ممارساتها تريد اقامتها على حساب الآخرين وبجهد الآخرين وعرقهم دون ان تقيمها في نفوسها.. فتنظر للمجتمع وكأنه غنيمة وعبيد وهي السيد الحاكم بأمر الله.. والمرأة جارية لفوضى الحواس والشهوات فقط.  

السابق
حلقة حوارية لأطباء بلا حدود
التالي
أزمة كيان ونظام… في سورية!