البناء: تصحيح الأجور إلى شورى الدولة ..والعمّالي إلى الإضراب

شغلت الساحة الداخلية بجملة ملفات واستحقاقات، بدءاً من الملف الاجتماعي في ضوء الاعتراضات على قرار تصحيح الأجور، إلى الوضع الأمني في البلاد بعد الخروقات التي جرت في الجنوب وبعض المناطق خلال الأيام الماضية، وصولاً إلى الحملة الفرنسية الموتورة ضد سورية وحزب الله على خلفية العبوة ـ الانفجار الذي استهدف دورية للوحدة الفرنسية قرب صور نهاية الأسبوع المنصرم.
ويبدو واضحاً أن الحوار القائم بين الحكومة عبر رئيسها، وكل من هيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام دخل مرحلة «عض الأصابع» وذلك قبل ساعات من موعد الإضراب الذي حددته لجنة التنسيق بعد غد الخميس، وأيضاً تحديد «العمالي» يوم 27 الحالي موعداً لإضراب عام في كل القطاعات احتجاجاً على اقتصار قرار تصحيح الأجور على زيادات بسيطة وغياب التقديمات الاجتماعية الأخرى.

وفي موازاة ذلك، توقف المراقبون أمام الاتهامات الفرنسية الفارغة من أي إثبات لكل من سورية وحزب الله حول استهداف الدورية الفرنسية في منطقة صور، بحيث تؤكد كل المعطيات والوقائع أن الاتهامات الفرنسية هي مجرد اتهامات سياسية لا تستند إلى أي دليل، وهي تأتي بالتالي استكمالاً للحملة الفرنسية الحاقدة ضد سورية ولموقف حزب الله الداعم للقيادة السورية في مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها، وذلك تزامناً مع الأصوات المشبوهة التي ارتفعت من الداخل وتتناغم بشكل مكشوف مع الموقف الفرنسي الذي هو جزء من الاستهداف الأميركي ـ الغربي لسورية.
وعلى الرغم من حملة التحريض الأميركية ـ الغربية الخليجية ضد سورية فإن انتخابات المجالس المحلية في سورية التي جرت صباح أمس سارت بشكل طبيعي، في وقت تؤكد المعطيات الميدانية «أن الإضراب العام المزعوم» الذي دعا إليه ما يسمى «المجلس الوطني السوري» بقي حبراً على ورق، حيث اقتصر الإقفال على محلات ومتاجر في أحياء محدودة في حمص، بعد التهديدات التي مارستها العصابات المسلحة في هذه الأحياء. وفي الوقت نفسه أكد نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أمس «أن حل الأزمة يجب أن يكون سورياً»، بينما أكدت المستشارة الرئاسية بثينة شعبان «أن الحرب الإعلامية ضد سورية شديدة جداً، وأن سورية تعمل بقوة لمواجهة هذه الحرب».
وفي هذا السياق، لوحظ أمس أن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي حاول اختصار مواقف وزراء الخارجية العرب بالادعاء «أن أحداً من الوزراء العرب لم يوافق على الشروط السورية»!
في سياق متصل، كشفت معلومات وردت إلى «البناء» أمس أن تنظيماً أساسياً في فريق 14 آذار أحضر إلى صيدا سبعة أشخاص من منطقة الأهواز الحدودية مع العراق، والتابعة حالياً لإيران، من أجل نقلهم إلى سورية وتصويرهم في مشاهد حية، ومن ثم إظهارهم على شاشات التلفزة في قلب الأراضي السورية، على أنهم إيرانيون يتدخلون في الشأن السوري الداخلي ضد المتظاهرين، وذلك من أجل إحراج سورية واختلاق مبرر لمقاتلة النظام عبر الإيحاء بأن هناك تدخلاً من إيران وحزب الله في الأزمة السورية.

على أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، إذ عمد مسلحون الى اعتقال الأهوازيين في صيدا، ولم يعرف حتى ساعة متأخرة من ليل أمس ما إذا كان قد أطلق سراحهم أم أنهم ما زالوا قيد الاعتقال.
تصويب تصحيح الأجور: راوح مكانك
وبالعودة إلى الشأن الاجتماعي والحياتي الداخلي، بقيت المفاوضات بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكل من الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية تدور في الحلقة المفرغة على أمل أن يصار إلى توافق حول بعض المطالب المطروحة من الطرفين قبيل موعد الإضراب الذي كانت حددته هيئة التنسيق بعد غد الخميس والإضراب الذي حدده المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام أمس في 27 الحالي.
وفيما ينتظر الاتحاد العمالي موقفاً مشتركاً من رئيس الحكومة والهيئات الاقتصادية لتلبية بعض المطالب التي طالب بها لتصحيح القرار الأخير للحكومة بتصحيح الأجور، وبينها زيادة الحد الأدنى عن 600 ألف ليرة وتصحيح بنسبة 30 بالمئة لما فوق المليون ليرة وزيادة بدلات النقل والمنح المدرسية، علم أن اجتماع مستشار الرئيس ميقاتي سمير الضاهر مع نقيب المعلمين عصام محفوظ لم ينته إلى أي توافقات بل إنه كان اجتماعاً تشاورياً جرى خلاله تبادل الأفكار.
مصادر الاتحاد العمالي لـ«البناء»
وقد حذر مصدر قيادي في «الاتحاد» من عدم تصحيح القرار الذي أصدرته الحكومة بشأن الأجور. وقال إنه اضطر للدعوة إلى إعلان الإضراب بعد أن تعرض لانتقادات شديدة واتهم بالتقصير إلى حد التواطؤ.
وقال لـ«البناء»: إنه من غير المقبول العودة إلى الوراء، وإن ما حصل أخيراً كان تراجعاً عن أقل من الحد الأدنى الذي أقر في المرة السابقة، متهماً الحكومة بمراعاة الهيئات الاقتصادية على حساب الفقراء والعمال.
وأكد رداً على سؤال: ان الاتحاد ذاهب فعلاً إلى الإضراب والتظاهر، لكنه قال في الوقت نفسه إن أبواب الحوار ليست مقفلة، وإن الحد الأدنى هو أن تكون القرارات الجديدة فوق سقف القرار السابق. وأشار إلى ضرورة تغيير زيادة الحد الأدنى الأخير وكذلك زيادة بدل النقل لأنها مرتبطة بزيادة الأجور.

الإضراب «العمالي» في 27 الحالي
وأمس حدد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام موعد الإضراب التحذيري في كل لبنان في 27 الحالي، على أن تواكبه تحركات في الشارع «تعبيراً عن رفض السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة». واعتبر رئيس الاتحاد غسان غصن بعد الاجتماع أن زيادة الأجور التي أقرت في الحكومة جاءت أسوأ من سابقتها، وقد أتى القرار ليحرم كل الأجراء منها، فضلاً عن حرمانهم أيضاً من الزيادة على بدلات النقل التي لم يأت هذا القرار على ذكرها.
قرار تصحيح الأجور إلى شورى الدولة
في موازاة ذلك، علم أن وزير العمل أرسل أمس إلى مجلس شورى الدولة مرسوم تصحيح الأجور لإبداء الرأي. وتوقعت مصادر عليمة أن يكون مصير هذا المرسوم كالذي سبقه لجهة رفضه من قبل «الشورى». وبذلك نكون قد عدنا في ما خص البحث في الوضع المعيشي إلى المربع الأول، وهو ما قد يحدث نوعاً من السجالات القوية على خط الحكومة والاتحاد العمالي العام، الذي كان لافتاً أمس إعلان رئيسه بأنه ربما يلجأ خلال الإضراب إلى إشعال الإطارات في الطرقات.
«سابقة» إخلاء عملاء العدو؟

في هذا الوقت، استمرت عملية إطلاق سراح ستة أشخاص من المتهمين بالتعامل مع العدو «الإسرائيلي» والمحكوم عليهم بالسجن بين خمس سنوات و15 سنة، خصوصاً بعد القرار الذي اتخذته رئيسة المحكمة العسكرية القاضية اليس شبطيني العم حيث لاقى هذا القرار استغراباً من جانب مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا الذي أعرب عن صدمته لإخلاء سبيل «هؤلاء العملاء»، وقال: «إننا نقاتل لنوقف عميلاً واحداً للعدو «الإسرائيلي» لا لنطلق سراحه بعد ذلك، بل لتأخذ العدالة مجراها وينال عقابه».
ولذلك من الواضح أن قرار الإفراج عن العملاء لاقى أيضاً الكثير من الاستغراب والاستهجان لدى الرأي العام اللبناني والمعنيين بالشأن القضائي.   

السابق
النهار: جنبلاط: رسالة الصواريخ من الجيران إلى فرنسا خطيرة وتحية إلى الشعب السوري وحيف على المتخاذلين والمتواطئين
التالي
سعد مش جاي ..