نوري المالكي و إدانة الاستبداد

في كلمة له في وزارة الداخلية العراقية بمناسبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان!! ألقى رئيس الوزراء العراقي وزعيم حزب "الدعوة" كلمة أراد لها أن تكون بمثابة جس نبض لمتابعي الربيع الثوري العربي أعرب فيها عن إعتقاده بأن ( العالم يتحمل مسؤولية وقف العنف الذي يمارسه الجلادون من الحكام بحق شعوبهم )!  إلى هنا و الكلام جميل , و الشعارات أجمل و أروع ؟ ولكن وكما يقول المثل المصري الشهير ( أسمع كلامك يعجبني , أشوف أفعالك أتعجب )!! , فالسيد المالكي وهو يدعو العالم للتدخل لمنع الحكام القتلة من إصطياد شعوبهم أي أنه يدعو للتدويل و للتدخل الدولي الواسع ضد الديكتاتوريين نراه ونرى حكومته يمارسان مختلف السبل و الوسائل و الأساليب الديبلوماسية المتهاوية للدفاع عن النظام السوري المجرم , و يختلقون مختلف المبررات و التبريرات للدفاع عنه و عن إستمراريته و تعويمه !

بل و يساهمون بميليشياتهم ( و سرسريتهم ) في القتال إلى جانب عصابات النظام السوري , و مانقوله ليس مجرد إشاعات أو إدعاءات باطلة بل أنها حقائق ميدانية ملموسة يعرفها الجميع , و لعل تقاتل وزارة الرفيق المناضل هوشيار زيباري من اجل إفلات النظام السوري من العقوبات العربية هو أكبر دليل على التواطؤ الحكومي العراقي مع النظام السوري المجرم , فالديبلوماسية العراقية قد إقترفت إثما أخلاقيا و أنتهكت حرمات قومية , وداست على مبادئ إنسانية في مساندة نظام قاتل و متوحش يدعي رئيسه البراءة وينكر أي صلة لآلته القمعية بمجازر السوريين البشعة ؟ أي منطق أخلاقي أو أنساني او قيمي يبرر الموقف الديبلوماسي العراقي المخزي ? أليست إرادة رئيس الحكومة و الأحزاب الطائفية المتحكمة معه هي من يدير ملف النظام السوري ؟

من يقصد نوري المالكي بالحكام الذين يقتلون شعوبهم وهو يقف إلى جانب نظام إرهابي قاتل يعرفه جيدا و سبق له أن حمل جواز سفره , وعرف مليا ممارسات أجهزة مخابراته ? بكل تأكيد أنه في كلمته الآنفة الذكر لايقصد النظام السوري بل يقصد تحديدا و أكاد أجزم بذلك مملكة البحرين تحديدا التي أجهضت المؤامرة الإيرانية الطائفية البغيضة التي كانت بابا واسعا لفتنة طائفية سوداء كانت ستعصف بالخليج العربي في حالة نجاحها لاسمح الله و بما يعزز المشروع التصديري الإرهابي الطائفي الإيراني الذي تمركز للأسف في العراق وبات يمثل اليوم خطرا حقيقيا على الأمن و السلام الإقليمي , وبعيدا عن الملف السوري فإن الحكومة العراقية الراهنة بشخوصها و أحزابها الطائفية لا تمثل سوى مرحلة سوداء من الإستبداد المغلف بروائح الديمقراطية المزعومة , فالسجون السرية قد ملأت شهرتها الآفاق وفضائحها قد ازكمت الأنوف ,

أما عمليات الإغتيال و الخطف على يد الميليشيات التابعة للسلطة و فرق الموت الخاصة فهي من الفجائع التي يعانيها العراق , ولن نطيل الحديث عن ملفات الفساد و الإفساد و السرقات و اللصوصية للمال العام وعن جيوش المستشارين الأغبياء الذين يستهلكون ميزانية الدولة العراقية المثقوبة , و عن نقص التشكيلة الحكومية التي جعلت رئيس الوزراء وزيرا للداخلية و الدفاع و القائد العام للقوات المسلحة !! فأي إستبداد أكبر من هذا الإستبداد ؟ وطبعا حينما يتم الكلام في تدويل الملف السوري و ضرورة قيام المجتمع الدولي بواجبه لتكسير الآلة العدوانية الجهنمية التي تقمع السوريين فإن حكومة المالكي وشركاه تصاب بالرعب القاتل لأن ذلك يتناقض مع إرادة الأسياد في طهران أولا ؟ ثم أنه أمر سيصيب بشظاياه المستقبلية حواشي الخنوع في العراق الذين قرروا نهائيا الوقوف إلى جانب النظام السوري بمختلف الوسائل , لذلك كانت أحاديث المالكي الأخيرة مجرد أقوال إستهلاكية ولذر الرماد في العيون و تداركا للفضيحة السياسية و الأخلاقية الكبرى

لقد تناسى نظام نوري المالكي أنه لولا التدويل واحتلال القوات الأميركية للعراق و إسقاط نظام بعث صدام حسين ما تسنى له ولا لحزبه الدخول متراً واحداً في الأراضي العراقية لا أن يكون حاكما بأمره , و متنكرا لكل الإتفاقيات , وساعيا إلى نشر المشروع الإيراني , وحاميا لنظام القتلة السوري المجنون , ينبغي على الحكومة العراقية أن تخجل من مواقفها ذات الوجهين و الفاقدة للمصداقية , فأبطال الربيع العربي الثائر ليسوا بحاجة إلى وكلاء نظام طهران لينيروا لهم معالم الطريق , أنظمة الإستبداد و التخلف و الطائفية إلى رحيل حتمي نحو الجحيم , و بسقوط نظام دمشق القريب ستسود وجوه , وتبيض أخرى , و سنشهد تهافت الطائفيين و هزيمتهم النكراء.  

السابق
الراي: ميقاتي يريد سحب فتيل الإضراب لتجنّب نكسة وحزب الله يسعى لإخراج عون من مرمى الضربات
التالي
الاخبار: شركاء الحكومة يسعون إلى علاقات جديدة