الراي: ميقاتي يريد سحب فتيل الإضراب لتجنّب نكسة وحزب الله يسعى لإخراج عون من مرمى الضربات

تتندّر اوساط سياسية لبنانية معنية بمراقبة تطورات العلاقات المأزومة بين زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون وحلفائه داخل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بان هذه العلاقات اضحت عرضة للتقلبات «على القطعة» اي جلسة بجلسة من الاجتماعات التي يعقدها مجلس الوزراء، بمعنى ان الاهتزاز العميق الذي اصاب العلاقة بين عون وحلفائه لا سيما منهم «حزب الله» على خلفية إسقاط مشروع وزير العمل شربل نحاس (عوني) لتصحيح الاجور أقامت واقعاً غير مستقر وغير ثابت في ما بينهم يجعل كل جلسة لمجلس الوزراء عرضة لمفاجآت جديدة.
وتنقل هذه الاوساط عن نواب ووزراء في فريق العماد عون انهم يعيشون تحت وطأة صدمة غير مفهومة من جراء ما يعتبرون انه بات يشكل «حلفا خماسياً» بين الثنائي «حزب الله « وحركة «امل» والثلاثي رئيس الجمهورية ميشال سليمان سليمان وميقاتي والنائب وليد جنبلاط في مواجهتهم في مجلس الوزراء.

وتبعا لذلك تقول الاوساط نفسها ان الحكومة ستكون على موعد ابتداء من اليوم وحتى بعد غد مع اختبار شديد الدقة لجهة رسم الخط البياني لعملها من خلال ثلاث جلسات متعاقبة ستُعقد تحت شعار «تفعيل العمل الحكومي» فيما هي تعاني اهتزازاً لم يسبق ان واجهته من قبل.
وتلفت الاوساط الى انه اذا كان عون يبدو مصاباً باحراج شديد لا يمكنه معه ان يفرط تحالفاته ويذهب الى حد استقالة وزرائه كما لا يمكنه في المقابل ان يصمت في كل مرة على ضربة تأتيه من « بيت ابيه»، فان بعض الاطراف الاخرين من حلفائه ايضا لا يبدو في افضل احواله. فـ «حزب الله» و»امل» ايضا أصيبا بإحراج مماثل في موضوع زيادة الاجور الذي اقرته الحكومة الاسبوع الماضي بموافقة الثنائي وتصويت وزرائه مع اقتراح الرئيس ميقاتي، قبل ان يضطرا الى مجاراة الرفض العمالي للزيادة فتعلن الهيئات النقابية في الحزب والحركة تأييدها للاضراب والتظاهر يوم الخميس الامر الذي اعتُبر «انفصاماً» لم يعتد عليه اقله «حزب الله».

وتشير الاوساط نفسها الى ان رئيس الحكومة سعى جاهدا في عطلة الاسبوع الى محاولة اقناع الهيئات العمالية والنقابية بصرف النظر عن الاضراب والتظاهر واحتواء هذه الازمة بغية تجنب نكسة جديدة للحكومة في الملف الاجتماعي من جهة وتوفير هزة عنيفة بين اطراف الحكومة على خلفية الارباكات التي اصابتهم وتسببت باضطراب العلاقات بين الحلفاء من جهة اخرى. ولم تظهر بعد نتائج ايجابية لهذا المسعى في انتظار استكماله في الساعات والايام المقبلة حيث يبدو ان هناك سباقا فعليا بين اتجاه الهيئات النقابية الى الاضراب ومحاولات رئيس الحكومة وفريقه للحؤول دونه. اما من الناحية السياسية، وان كانت الاوساط تجزم بأن اي استقالة لوزراء عون مستبعدة تماما رغم ما حصل، فان ذلك لا يحجب دخول الحكومة متاهة مرحلة مضطربة ستنعكس بطبيعة الحال على مجمل الملفات المدرجة على جدول اولوياتها.

وتشير الاوساط نفسها في هذا المجال الى ان الايام الاخيرة شهدت بداية تحركات ووساطات واتصالات بين الفريق العوني وحلفائه وينتظر ان يضطلع النائب سليمان فرنجيه خصوصاً بدور في هذا الاطار بغية ازالة الجو المتوتر بين عون و» حزب الله» الذي كان امينه العام التقى غداة «الضربة» التي تلقها عون في ملف الاجور صهر الاخير وزير الطاقة جبران باسيل وسط تململ في صفوف «التيار الحر» بإزاء ما اعتبرته دوائر فيه «تخلي» الحزب عنه رغم كل ما «سلّفه» اياه منذ توقيع ورقة التفاهم في فبراير 2006.
وحسب هذه الاوساط فان الجميع يدركون ان استقالة الفريق العوني الوزاري ليست واردة فعلا، ولكن بقاء الوضع على حاله سينعكس سلبا على جلسات مجلس الوزراء بحيث لا يمكن في كل مرة اللجوء الى التصويت وخروج الفريق العوني خاسراً لاعتبارات يمكن اختصارها بان «حزب الله» يعطي اولوية في سلوكه الداخلي للاستراتيجي على التكتيكي، وهو ما املى عليه مثلاً «تجرُّع» كأس تمويل المحكمة وعدم إسقاط الحكومة. كما ان عون فهم بدوره ان ثمة معادلة داخل الحكومة سيتعين عليه مجاراتها لا تتيح له تحصيل اقصى ما يطالب به وسط ظروف تبدو الاولوية الحقيقية فيها لبقاء الحكومة ولو بسياسات متواضعة وواقعية اكثر من اي عامل آخر.  
وفي موازاة ذلك، كان لافتة الحملة التي شنّتها قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لـ «حزب الله» على رئيسة المحكمة العسكرية الدائمة القاضية اليس شبطيني على خلفية ما قالت المحطة انه «سابقة خطيرة تمثلت بتخلية ستة من عتاة العملاء الاسرائيليين لم يقضوا سوى سنة وشهور من أحكام قضت بسجنهم بين 5 سنوات و15 سنة، وذلك لاسباب بقيت مجهولة بقدر ما هي مشبوهة»، سائلة «لماذا فعلت شبطيني ما فعلت في هذا الوقت؟ والسؤال الاخطر: لمن تقدم القاضية شبطيني اوراق اعتمادها وهي من الاسماء المرشحة لرئاسة مجلس القضاء الاعلى؟».
وقد ربطت دوائر سياسية الحملة على شبطيني بالمعركة الدائرة على منصب رئسة مجلس القضاء الاعلى بين رئيس الجمهورية مدعوماً من ميقاتي وجنبلاط الذين يدعمون تأييد سليمان لـ شبطيني في هذا المنصب، وبين عون الذي يريد تعيين القاضي طنوس مشلب.
وبحسب هذه الدوائر فان «حزب الله» وبعد «الهزيمة» التي تعرّض لها عون في ملف الاجور والتي كان الحزب «شريكاً» فيها يريد تعويض زعيم «التيار الحر» بـ «ترضية» في ملف رئاسة مجلس القضاء الاعلى، فاختار ان يكون ذلك من باب «حرق» القاضية شبطيني من زاوية ملف التعامل مع اسرائيل.
وذكرت تقارير ان المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة شبطيني كانت اخلت اربعة موقوفين من آل العلم في ملف التعامل مع اسرائيل موقوفين منذ عامين وعشرة اشهر. واوضحت ان المحكمة كانت قضت بحبس الاربعة من 10 الى 15 سنة، وقد قدم وكيلهم طعناً بالحكم الصادر عن محكمة البداية فوافقت عليه محكمة التمييز العسكرية قبل ستة اشهر وقررت إعادة محاكمتهم من جديد.
وافادت المعلومات ان قرار تخلية الاربعة صدر بإجماع اعضاء هيئة محكمة التمييز العسكرية المؤلفة من القاضية شبطيني واربعة عمداء. كما علم ان اعضاء هيئة المحكمة وممثل النيابة العامة لدى محكمة التمييز العسكرية ارتأوا تخلية الموقوفين الاربعة.
وقالت القاضية شبطيني لصحيفة «النهار» إن قرار تخلية الاربعة جاء من المحكمة ككل ولم يمانع مفوض الحكومة بعد طلبات تخلية عدة تقدموا بها منذ قبول الطعن الصادر عن محكمة التمييز العسكرية، ومحاكمتهم ستتابع. واشارت الى ان بين المخلّين ثلاثة مرضى جداً يكلفون الدولة مالاً لمعالجتهم، ومضى عامان وعشرة اشهر على توقيفهم. 

السابق
النهار: الذكرى السادسة لاستشهاد جبران تويني تجدّد الحرقة وتزيد الحنين
التالي
نوري المالكي و إدانة الاستبداد