إيران وراء تفجيرات سفارتي أميركاعام 1998

رغم أن الخبر مر مرور الكرام، تبين لمحكمة فيدرالية الأسبوع الماضي أن إيران مسؤولة عن تفجيرات السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998. انتظر قليلا؛ هل تقول إن تنظيم القاعدة لم يكن هو من يقف وراء تفجيرات السفارة؟ لا، فقد نفذ تنظيم القاعدة الهجوم، لكن وجدت محكمة واشنطن العاصمة في الولايات المتحدة أنه كان من المستحيل تنفيذ هذه التفجيرات دون «مساعدة مباشرة» من طهران وكذلك السودان. ومن حيثيات الحكم الذي أصدره القاضي جون بيتس في 45 صفحة أن «الحكومة الإيرانية ساعدت وحرضت وتآمرت مع حزب الله وأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة لشنّ هجوم تفجيري واسع النطاق على الولايات المتحدة من خلال استخدام أحدث تقنيات التفجير الانتحاري بالسيارات».

لم تكن المساعدة التي قدمتها إيران ثانوية، فقد أوضح بيتس في حكمه أن «تنظيم القاعدة كان يرغب في تنفيذ هجوم انتحاري مثل الذي شنّه حزب الله ضد ثكنات القوات البحرية الأميركية في بيروت عام 1983 وسعى بن لادن للحصول على الخبرة الإيرانية من أجل تدريب عناصر القاعدة على كيفية نسف المباني». لم يكن بن لادن وتنظيم القاعدة يمتلكان الخبرة الفنية التي يتطلبها تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام قبيل اجتماعهما مع مسؤولين وعملاء إيرانيين. وقام المتهمون الإيرانيون بتدريب بن لادن وعناصر «القاعدة» على استخدام المتفجرات عبر حزب الله وقدمت مساعدة مباشرة لعناصر «القاعدة». وفي وقت قصير أصبح تنظيم القاعدة قادرا على تنفيذ الهجوم على السفارتين الأميركيتين عام 1998 والذي أودى بحياة المئات وأسفر عن إصابة الآلاف باستخدام متفجرات متقدمة ذات قدرة تفجيرية عالية.

تحتاج هذه المعلومات إلى بعض التأمل في ضوء التقرير الذي صدر الأسبوع الحالي عن توم دونلي ودانييل بليتكا وماسي ظريف، زملائي في معهد «أميركان إنتربرايز». ويتناول التقرير الصعوبات الكبيرة التي تواجه عملية احتواء وإيقاف برنامج إيران النووي. ويحذر التقرير من احتمال امتلاك إيران للقدرة على تصنيع أسلحة نووية بتولي الرئيس القادم للبلاد منصبه في يناير (كانون الثاني) عام 2013. تخيل ما يعنيه ذلك. إذا كانت إيران قد ساعدت تنظيم القاعدة في الهجوم على الولايات المتحدة دون امتلاكها القدرة النووية التي تحميها من رد الولايات المتحدة على الهجوم، ما الذي يمكن أن يقوم به النظام بمجرد امتلاكه لأسلحة نووية؟ ومن الصعب ردع إيران حتى وهي لا تمتلك أسلحة نووية، فمن شبه المؤكد وقوفها وراء الهجوم على أبراج الخُبر في المملكة العربية السعودية عام 1996 والذي أسفر عن مقتل 19 طيارا أميركيا. والجدير بالذكر أن إيران قدمت التدريب لمقاتلين في العراق وزودتهم بمعدات صناعة القنابل ومنها المتفجرات التي تتمكن من اختراق مركبات الجيش الأميركي الأكثر سماكة. ولا تزال إيران تتعاون حتى اليوم مباشرة مع قيادات تنظيم القاعدة. منذ خمسة أشهر، حددت وزارة المالية الأميركية أسماء ستة ميسرين تابعين لتنظيم القاعدة يعملون في إيران في إطار «صفقة سرية» بين «القاعدة» والنظام الإيراني. وصرحت وزارة المالية الأميركية: «تعمل هذه الشبكة كقناة أساسية ينقل من خلالها تنظيم القاعدة الأموال والميسرين والعناصر التابعة له من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا». ويعد عطية عبد الرحمن من العناصر الأساسية في الشبكة التي تربط إيران بـ«القاعدة»، حيث كان يقوم بدور قائد العمليات في التنظيم وهو المنصب الذي كان يتولاه قبله خالد شيخ محمد عندما خطط لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وأصبح بعد مقتل أسامة بن لادن الرجل الثاني في التنظيم قبل أن يُقتل في أغسطس (آب). وكما أشار ديفيد إغناتيوس العام الحالي، أكثر الوثائق، التي عُثر عليها في المجمع السكني لأسامة بن لادن، كانت مراسلات بين بن لادن وعبد الرحمن، الذي كان بمثابة همزة الوصل بين بن لادن والعالم الخارجي، بما في ذلك التخطيط لهجوم ضد الولايات المتحدة لا يقل عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر إن لم يكن يفوقها.

وكانت إيران تعمل مباشرة مع قائد العمليات في تنظيم العمليات حتى وقت مقتله منذ عدة أشهر. ومن البديهي أن تكون طريقة تنفيذ هجوم يفوق حجم هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي استخدام السلاح النووي. هل إيران ستتقاسم السلاح النووي مع تنظيم القاعدة؟ لقد كانت إيران عازمة على مساعدة تنظيم القاعدة في تفجير السفارتين الأميركيتين باستخدام متفجرات تقليدية. ما الذي يمكن أن يمنع إيران، حال امتلاكها ترسانة نووية، تحول دون انتقام الولايات المتحدة بهجوم مضاد، من مساعدة «القاعدة» في تنفيذ مخطط إرهابي أكثر فظاعة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر باستخدام سلاح من أسلحة الدمار الشامل؟ كذلك يشير تقرير معهد «أميركان إنتربرايز»: «من المرجح أن الإيرانيين يقدرون قيمة الأسلحة النووية ليس فقط لأغراض تتعلق بالردع، لكن أيضا بغرض تنفيذ وعد مثير بالقيام بهجوم مدمر إذا ما تم تنفيذه من قبل عنصر انتحاري ونفي التورط في هذا الأمر فيما بعد». وحتى إن كانت إيران غير راغبة في المخاطرة بمساعدة تنظيم القاعدة في تنفيذ مثل هذا الهجوم، يمكن أن يشجع امتلاك القدرة النووية النظام على تنفيذ ما وصفه مارتن ديمبسي، رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، بـ«اللحظة المشابهة للحظة تفجيرات بيروت» في محاولة لإنهاء النفوذ الأميركي في المنطقة. انظر إلى وقاحة وجرأة التورط الإيراني في تفجيرات السفارتين الأميركيتين عام 1998، وتخيل كم سيكون منع النظام من تنفيذ هجمات مماثلة بمجرد امتلاكه للقنبلة النووية أمرا عسيرا.
  

السابق
ربيع أميركا
التالي
احذروا من الـParabenes