اللواء: التجاذب الإقليمي – الدولي ينفجر جنوباً: 5 جرحى من الوحدة الفرنسية

دق الحدث الاقليمي على الطاولة الرسمية اللبنانية، وكاد الانفجار الذي استهدف جنوداً فرنسيين ضمن قوات <اليونيفل> العاملة في جنوب لبنان، ان يستأثر على ما عداه، فأجمعت المواقف قبل مجلس الوزراء وبعده، على ادانة <الحادث الامني الخطير> الذي وصفه الرئيس ميشال سليمان من ارمينيا بأنه <عمل ارهابي>، وادرجه الرئيس نبيه بري في اطار <خدمة اسرائيل، وهو استهداف للامن الوطني>، واعلن الرئيس نجيب ميقاتي <تضامن لبنان مع القوات الدولية>·
وفي السياق، لم يتخلف <حزب الله> عن ادانة الاعتداء ودعوة الاجهزة الامنية اللبنانية <لبذل كل جهد لوضع حد لهذه الاعتداءات>·

وبقدر ما وقع الحادث على رؤوس اللبنانيين كالصاعقة، نظراً لارتباطه على صعيدي التوقيت والسياسة، بتطور الاحداث في المنطقة، وبروز الدور الفرنسي على نحو نافر فيها، كانت الخارجية الفرنسية تعلن ان الرسالة النارية تستهدف دور الوحدة الفرنسية في <اليونيفل> وهي لن تنسحب بل ستواصل دورها ولن ترهبها اعمال التفجير، كما صرح وزير الخارجية آلان جوبيه·

وهذا الحادث هو الثاني من نوعه، في غضون خمسة اشهر والذي يستهدف فيه جنود فرنسيون، اذ اصيب في 26 تموز الماضي قرب صيدا 6 جنود فرنسيين بجروح في انفجار استهدف كتيبة كانت في طريقها الى الجنوب·

وقال مصدر امني لبناني ان التحقيقات انطلقت بقوة لكشف الخلية او الخلايا التي تعمل في المنطقة، ضمن خطة مبرمجة لاستهداف <اليونيفل> والتشويش على القرار 1701 الذي وسع مهامها وحجمها بعد عدوان 2006·

واشار المصدر الى ان خطورة الحادث تكمن في انه الاول من نوعه ضمن منطقة عمليات <اليونيفل>، وأعد التخطيط له بعناية عبر تفجير لاسلكي بسيارة جيب اعتادت المرور في المنطقة·

ولكتم المصدر عن هوية الاطراف المحتمل ان تكون متورطة في الانفجار الذي وقع صباح امس على طريق عند مثلث يؤدي الى بلدات برج الشمالي وحوش بسمة ومدينة صور، محدثاً حفرة بعمق متر وعرض مترين ونصف المتر·

 وكان المتحدث باسم <اليونيفل> اندريا تينينتي كشف ان اطباء شرعيين وفريقاً من اليونيفل يعملون بالتنسيق مع الجيش اللبناني لتحديد ظروف الانفجار الذي استهدف الجنود الفرنسيين العاملين ضمن كتيبة تقدر حالياً بـ1300 عنصر·

ويأتي الانفجار ليجعل من المخاوف الدبلوماسية والامنية عن تداعيات محتملة للاضطرابات القائمة في غير بلد من المنطقة، موضع الاختبار الجدي·

ومع ان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو لم يربط بين الحادث ودور فرنسا المؤيد للثورة السورية، الا ان وكالة <فرانس برس> نسبت الى النائب المعارض مروان حمادة وصفه للاعتداء بأنه <رسالة واضحة من السوريين وساعي البريد هو <حزب الله>، مضيفاً أن <لا شيء يحدث في تلك المنطقة من دون موافقة <حزب الله>، و?<السوريون يتهمون فرنسا بأنها رأس حربة بما يجري في سوريا عبر حديثهم عن مؤامرة خارجية>·

وقال فاليرو أن <بلاده تنتظر نتائج التحقيقات والتوصيات لاجراء مراجعة استراتيجية لدورها ضمن <اليونيفل> مطلع العام المقبل، وهو ما أشار إليه أيضاً السفير الفرنسي في بيروت دوني بيتون الذي رفض اتهام أية جهة بالقيام بالتفجير قبل صدور نتيجة التحقيق، مذكراً بأنها ليست المرّة الأولى التي تتعرض فيها الوحدة الفرنسية للاعتداء· وأن ما حصل لن يؤثر على مهام الكتيبة الفرنسية، على الرغم من أن القوات الدولية تعتزم القيام بمراجعة استراتيجية لمهمة حفظ السلام مع الدول المعنية·

وهذا الموقف يفسح في المجال للاعتقاد بأن احتمال عزوف فرنسا عن ترؤس القوات الدولية مع مطلع العام المقبل واردة، وإن كانت مسألة الانسحاب من اليونيفل غير واردة، حسب السفير بييتون·

وأعلنت مصادر أمنية أن زنة العبوة الناسفة التي استخدمت في الانفجار هي 3 كيلوغرامات من مادة تي·أن·تي شديد الانفجار، وفجرت عن بعد لاسلكياً، فيما كشف بيان لقيادة الجيش اللبناني ان العبوة وضعت داخل حاوية نفايات، ما أدى إلى جرح 5 عناصر من الجنود الفرنسيين داخل الآلية العسكرية، أحدهم اصابته دقيقة، ومواطنين اثنين صودف مرورهما في المنطقة·

إشارة إلى أن هذا الحادث هو السادس الذي تتعرض إليه القوات الدولية العاملة في الجنوب منذ تسلم مهامها في لبنان بعد حرب تموز في العام 2006، اثنان في العام 2007 وقع الأوّل في مرجعيون استهدف القوات الاسبانية في سهل الخيام، حيث قتل فيه آنذاك ستة من عناصرها، والثاني على جسر القاسمية أدى الى سقوط ثلاثة جرحى، ثم توالت الحوادث في العامين 2008 و2009 في مدينة صيدا في الرميلة تحديداً وجسر الأوّلي·

على أن اللافت في الاعتداء، الذي يفترض انه رسالة متعددة الأهداف والاتجاهات، جاء بعد عشرة أيام من اطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة بقصد استدراج إسرائيل للرد، وبالتالي نسف القرار 1701، كما انه يأتي بعد أيام قليلة من الدعوة الفرنسية التي وجهت إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لزيارتها مطلع العام المقبل، وبالتالي فان استهداف السياسة الفرنسية، أو الدور الفرنسي في المنطقة، ليس بعيداً عن أن يكون أحد اهداف العملية·

مجلس الوزراء ومهما كان من أمر، فقد سارع مجلس الوزراء الذي انعقد مساء أمس في السراي الحكومي إلى إدانة الاعتداء، والذي وصفه الرئيس ميقاتي الذي ترأس الجلسة <بالعمل الارهابي، والذي يهدف إلى الضغط على القوات الدولية للانسحاب وافساح المجال امام عودة النشاطات الإرهابية· مشيراً إلى أن هذه الجرائم لا تستهدف القوات الدولية فحسب، بل تطاول أمننا واستقرارنا جميعاً، مطمئناً مجلس الوزراء بأن الحادثة لن تؤثر على عمل <اليونيفل> في الجنوب، ولا سيما الكتيبة الفرنسية، وعلى التزام سائر الدول المشاركة في تطبيق القرار 1701، وأن فرنسا لن ترضخ لمثل هذه الضغوط وهي التي بذلت التضحيات من أجل السلام في لبنان والعالم·

ولفت الرئيس ميقاتي، إلى الاجتماع الأمني الذي عقده صباحاً في السراي، مشيراً إلى أن البحث فيه تركز على موضوع الحدود، على اعتبار أن منع التسلل والتهريب، على أنواعه ولا سيما منه تهريب السلاح والدخول غير الشرعي هو من مسؤولية الدولة اللبنانية عبر أجهزتها، كاشفاً عن اتجاه لوضع خطة عملية متكاملة ومنسقة تؤدي إلى ضبط الحدود منعاً لأي استغلال أو استثمار لبعض الأحداث التي حصلت مؤخراً·

ولاحظت مصادر وزارية أن الجلسة التي وصفها وزير الإعلام وليد الداعوق بأنها كانت من أهدأ الجلسات، لم تتطرق إلى ردود الفعل على قرار تصحيح الأجور الذي اتخذته الحكومة قبل ثلاثة أيام، إلا أن وزراء تكتل <الاصلاح والتغيير> بدا عليهم التوتر، وقال وزير الطاقة جبران باسيل إن المشاريع اللاحقة تتوقف على ما سيؤول إليه مصير مرسوم الأجور، رغم أن الجلسة أقرت أمس ملء ملاك قسم الشرطة السياحية وتزويده بالعتاد، وملء المراكز الشاغرة في ملاك وزارة السياحة وكذلك في وزارة الصحة، وهو كان مطلباً مزمناً لوزراء عون، علماً أن وزير الدولة علي قانصو قال قبل الجلسة إن بند الأجور تخطيناه وانتهينا منه، وقال وزير الأشغال غازي العريضي الذي عاود منذ الجلسة السابقة حضوره الجلسات ان ما قررته الحكومة على صعيد الاجور، هو افضل ما يمكن التوصل اليه·

واستبعدت مصادر وزارية ان تعود الحكومة عن قرارها، أو ان تعيد النظر في مرسوم تصحيح الاجور، لاعتبارات تتصل اساسا بهيبتها، حتى ولو تعرض المرسوم للطعن من قبل مجلس شورى الدولة، علما ان مصادر قيادية في حزب الله ابلغت محطة O.T.V ان تصويت وزراء الحزب ضد مشروع وزير العمل شربل نحاس كان نتيجة <سوء تنسيق>، مرجحة امكانية الرجوع عن الخطأ باعتباره فضيلة·

ولاحظت مصادر قريبة من الحزب انه يحرص في الآونة الاخيرة على عدم انزلاق الساحة اللبنانية إلى اشتباك ذي طابع طائفي او مذهبي، انطلاقا من خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله في عاشوراء، والذي اكد عليه مجددا رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ هاشم صفي الدين في اليوم الثالث عشر لعاشوراء والذي احياه الحزب في احتفال حاشد امس في النبطية·

وقالت انه إلى جانب الحرص على تجنب الفتنة السنّيّة الشيعية، فإن الحزب يعمل ايضا على خطين آخرين، اولهما: السعي ما امكن لعدم انهيار الحكومة في توقيت غير مناسب، وذلك من خلال التفاهم مع حليفه المشاغب النائب ميشال عون، والتنسيق معه في المطالب والمشاريع التي يطرحها، وكذلك من خلال عدم اشعار الرئيس ميقاتي بأن ثمة <هراوة> مرفوعة فوق رأسه، عبر مطالب عون·

اما الثاني، فهو استعادة الحركة الشعبية في الشارع، من خلال انضمامه إلى التحركات المطلبية، من منطق ان للحزب حرية نقابية تستطيع ان تتحرك للتضامن مع المطالب الشعبية، على غرار ما يحصل مع تظاهرة واضراب هيئة التنسيق النقابية يوم الخميس المقبل، أي يمكن ان يحصل ايضا حيال القرارات التي سيتخذها الاتحاد العمالي العام يوم الاثنين المقبل بخصوص الاجور، من دون ان يؤثر ذلك على التضامن الوزاري داخل الحكومة·
 

السابق
لن يعود عن قراره
التالي
نظّم حزب الله مسيرة عاشورائية في النبطية