الاخبار: مناقشات مجلس الوزراء: هكذا سقط مشروع شربل نحّاس

يوم الأربعاء الماضي، اتّحدت حكومة «كلنا للوطن» في وجه الوزير شربل نحاس. تباينت أسباب معظم الوزراء واختلفت دوافعهم، إلا أنهم جميعاً توافقوا على أنّ اقتراح وزير العمل يحتاج إلى الكثير من النقاشات
تتشعّب الطروحات التي تضمّنها مشروع وزير العمل، شربل نحاس. طروحات اجتمعت في خطة واحدة، واجتمع على رفضها جميع ممثلي الكتل السياسية، وبعض وزراء تكتل التغيير والإصلاح ضمناً … وعلناً. جلسة مجلس الوزراء الأخيرة ركّزت الأضواء على كل وزير بذاته. وعلى كل فريق سياسي بذاته. يمكن من خلالها معرفة ما يجول في رؤوس أعضاء السلطة التنفيذية بكل مشاربهم وأي مصالح يمثّلون. سلطة أطلقت على نفسها لقب «حكومة كلنا للوطن، كلنا للعمل»، اتّحدت بوجه وزير العمل. الاتحاد جاء في المواقف التي تنقسم الى ثلاثة محاور: ضمّ بدل النقل الى صلب الأجر، كما تدعو خطة نحاس. زيادة الحد الأدنى للأجر. مقاربة نحّاس للأجر الاجتماعي، ومن ضمنه التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين المقيمين المموّلة بضرائب على الريوع … كيف أدير النقاش؟ وكيف ذهب التصويت الى مشروع بديل جاهز في جعبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؟ من رفض بنود مشروع الوزير شربل نحاس؟ ولماذا؟
هذا ما حصل في جلسة الحكومة الشهيرة:

1ــ حول ضمّ بدل النقل الى صلب الأجر:
شرح وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس أنه كان عام 1996 عضواً في جمعية الصناعيين. حينها شارك في وضع آلية إقرار بدل النقل والمنح التعليمية، وبالتالي «ما ينتقده شربل نحاس في فصل بدل النقل والمنح التعليمية عن صلب الأجر هو قرار اتخذ يومها عن سابق تصور وتصميم». هذا الفصل، يمنح أصحاب العمل حرية دفع بدل النقل أو عدم دفعه للعامل، لكونه ليس حقاً مكتسباً للأجراء، ويمكن أن يُلغى في أي حين لأنه يحمل صفة المؤقت، رافضاً اقتراح نحاس بضم بدل النقل الى صلب الأجر لأنه يرفع قيمة الأجر الاسمي ويقضي على التنافسية. «فالحد الأدنى للأجور في البلدان المحيطة لا يتجاوز الـ 200 دولار، وأجور العمالة الأجنبية في لبنان ضمن هذا المستوى، وبالتالي يجب أن يُنظر الى هذه المسألة من هذا المنظار».
رأى الوزير نقولا فتوش أن ضم بدل النقل الى صلب الأجر اقتراح غير قانوني، لا بل سيؤدي الى انعكاسات سلبية على أصحاب العمل، الذين لا يصرحون عن أجرائهم. وإعلان الحد الأدنى بحدود 600 ألف ليرة سيضع خطاً نفسياً للأجراء بعدم المطالبة بزيادة أجورهم، فيما سيرفع ضم بدل النقل الخط النفسي الى أكثر من 861 ألف ليرة، بحسب اقتراح نحاس، وبالتالي سيضغط الأجراء غير النظاميين والعمال الأجانب لزيادة أجورهم، ما سيسبّب مشكلة كبيرة جداً لأصحاب العمل، الذين يحتاجون الى الدعم في ظل هذه الأوضاع.وزير الصناعة فريج صابونجيان قال إن زيادة الأجور وضمّ بدل النقل يطيحان الحوافز التي تمنح للمستثمرين عبر مؤسسة إيدال، فلا يعود هنالك قيمة لهذه الحوافز، وبالتالي سيهرب المستثمرون.
وزير الخارجية عدنان منصور أيد موقف صابونجيان. قال إن ضمّ بدل النقل وزيادة الحد الأدنى سيؤديان الى آثار سلبية تدفع الى رفع نسب البطالة في لبنان. فأصحاب العمل يبحثون عن عمال بأجور أدنى، ويرضون بعدم تقاضي بدل النقل.
2ــ زيادة الحد الأدنى للأجور:
رأى الوزير مروان خير الدين أن المصلحة تقضي بأن لا تتدخل الحكومة إلا بزيادة بسيطة على الحد الأدنى للأجور لكي نحافظ على قدرة معينة لتسويق لبنان أمام المستثمرين. وقال إن زيادة الحد الأدنى الى المستوى الذي يطلبه وزير العمل ستهرّب الاستثمارات نحو بلدان ذات مستوى أدنى في الأجور. وقد أيّده بذلك الوزير صابونجيان والوزير علاء الدين ترو والوزير نقولا نحاس، وقد رأى هؤلاء في مداخلاتهم أن مصلحة العمال تقتضي تحديد أجر متدنٍّ للحفاظ على ديمومة عملهم. وقد أيد هؤلاء اقتراح ميقاتي في تحديد الحد الأدنى بـ 600 ألف ليرة فقط.

3ــ مشروع التغطية الصحية الشاملة:
رأى الوزير حسين الحاج حسن أن مجلس الوزراء يحتاج الى مهلة لدراسة المشروع الذي تقدم به نحاس، فيما قال ميقاتي إنه «قيّم ويستحق تحويله الى اللجنة الوزارية المختصة بالشأن الاجتماعي». وقد رفضه الوزير نقولا نحاس، مشيراً إلى أنه لا يتناسب مع الأوضاع القائمة اليوم. وأيده في ذلك صابونجيان، الذي قدم مداخلة طويلة بشأن ما يحصل في اليونان، ولا سيما أن هذه الدولة تعمل على خفض الأجور، لا على رفعها. أما الوزير علي قانصو، فرأى أن المشروع «عظيم»، لكن من الأفضل أن يبقى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على ما هو عليه الآن، لأن الدولة لا تستطيع تمويل المشروع الذي يطرحه نحاس بشأن التغطية الصحية الشاملة، وبالتالي قد يطير الضمان.
حسم رئيس الجمهورية ميشال سليمان النقاش. ختم بأن مشروع وزير العمل يرتّب على الدولة التزامات مالية، واقترح إحالته على اللجنة الوزارية المختصة. وطلب سليمان أن يُحصر النقاش في اقتراح ميقاتي بشأن عملية تصحيح الأجور. رد وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بأن «هذه مسرحية مكررة، ولا أحد على طاولة مجلس الوزراء يريد النظر الى أصل المشكلة»، مصرّاً على التصويت «لكي يعلم اللبنانيون من يريد أن يؤمن لهم حقوقهم ومن يريد أن يؤمن مصالح معينة».
فضّ النقاش. فاز اقتراح ميقاتي بغالبية أصوات الوزراء، ولم يعترض إلا الوزراء شربل نحّاس وباسيل ونقولا صحناوي وفايز غصن وفادي عبّود وبانوس مانجيان وجان ليون. وأقرّ بدلاً من المقاربة الشاملة لتصحيح الأجور فعلياً ورفع حصّتها من الناتج المحلي وتعزيز الإنتاج على حساب الريوع وتأمين حق اللبنانيين في التغطية الصحية الشاملة، قرارٌ يقضي بزيادة الحد الأدنى للأجور الى 600 ألف ليرة وزيادة بين 150 ألفاً و200 ألف ليرة لفئة الأجور دون المليون ليرة، وزيادة بين 200 ألف و275 ألف ليرة لفئة الأجور فوق المليون ليرة.  

السابق
شيطان الأجور يظلّل علاقة عون بحزب الله
التالي
لن يعود عن قراره