النهار: الأجور تبرز أزمة بين عون والحلف الخماسي وفيلتمان في بكركي والوسط: الارتدادات السورية

لم تحجب الجولة الماراتونية التي قام بها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان أمس، في اليوم الثاني الاخير من زيارته لبيروت، على عدد من الشخصيات الرسمية والدينية والسياسية والعسكرية، ملامح الازمة التي تصاعدت عقب صدور القرار الاخير لمجلس الوزراء في شان تصحيح الاجور.
ذلك ان هذه الازمة اتخذت وجها سياسيا جديا مع تصاعد الاحتقان بين الفريق الوزاري للعماد ميشال عون وسائر "حلفائه" و"خصومه" داخل الحكومة من جهة، ووجها نقابيا مع بروز احتمالات الانقسام بين الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية حيال وسائل الاعتراض على القرار كما صدر.

وبدت لدى أوساط وزارية "رهانات" على امكان احتواء المناخ السلبي أو حتى ما اعتبرته "الصدمة" لدى الفريق العوني نتيجة وقوف معظم أطراف الحكومة مع اقتراح رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في شان الاجور على حساب مشروع وزير العمل شربل نحاس، من خلال سلسلة جلسات متعاقبة سيعقدها مجلس الوزراء ابتداء من اليوم، علها تفسح في اعادة العلاقة الطبيعية مع الفريق العوني. ومعلوم أن مجلس الوزراء سيباشر اليوم عقد جلسات تحت شعار "تفعيل العمل الحكومي"، وستعقد الجلسة الاولى بعد الظهر في السرايا لمتابعة اقرار بنود جدول الاعمال التي لم تناقش في جلسة الاربعاء. ثم تعقد جلسة ثانية بعد ظهر الاثنين في قصر بعبدا لمتابعة النقاش في مشروع قانون الانتخابات النيابية.
وتعقد الجلسة الثالثة بعد ظهر الثلثاء في السرايا ولم يوزع جدول أعمالها بعد. أما الجلسة الرابعة فستعقد في قصر بعبدا الاربعاء لمتابعة البحث في مشروع الموازنة. وثمة اجتماع أمني موسع سيعقد اليوم في السرايا برئاسة ميقاتي ويضم رؤساء الاجهزة الامنية للبحث في مختلف القضايا والاوضاع الامنية في البلاد. غير ان الاشارات التي صدرت عن الفريق العوني أظهرت ان مفاعيل التصويت الذي جرى في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء قد تركت ملامح أزمة متصاعدة بين هذا الفريق ومعظم أفرقاء الحكومة بما فيهم حليفه الاقرب "حزب الله". وذهبت محطة "أو تي في" الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" امس الى التلميح للمرة الاولى الى قيام "ما يمكن ان يسمى الحلف الخماسي الذي ابصر النور بطريقة غير مباشرة وأطاح مطالب تكتل التغيير والاصلاح". وفي اشارة ضمنية الى "حزب الله" في سياق الحديث عن هذا الحلف، قالت المحطة ان "الحلف الخماسي ضم الحليف وحليف الحليف والثلاثي ميقاتي وسليمان وجنبلاط وجاء بعد كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن ضرورة الاستجابة لمطالب التكتل"، متسائلة: "هل هكذا يستجاب النداء؟".
وبدا الوزير شربل نحاس على الموجة ذاتها حين وصف التصويت الذي حصل في مجلس الوزراء بأنه "كان سياسيا في الصميم"، وقال: "إما نحن في بلد ودولة وإما أننا نراهن على التغييرات الخارجية"، معتبرا ان "التصويت كان منحازا وراهن على الخارج وتصويت الحلفاء ضد مشروعنا مؤسف جدا ويستوجب اعادة النظر من جهتهم". وأعلن أنه "سيدخل في التمرين نفسه الذي قمنا به عندما صغنا القرار السابق وأرسلناه الى مجلس شورى الدولة"، لافتا بذلك الى ارسال القرار الحكومي الجديد الى مجلس الشورى ليبدي رأيه فيه.
وتزامن ذلك مع حركة اتصالات واجتماعات جرت على خط الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام لحمل الاتحاد على قبول القرار الحكومي الجديد. وأفادت المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان هذه الحركة أفضت الى توافق مبدئي على طرح اضافات تتمثل في سلة مطالب اجتماعية وتقديمات أبرزها دعم المازوت والبنزين ومعالجة بعض الخلل في القرار. وستتواصل هذه الحركة مع رئيس الحكومة سعيا الى حمل الاتحاد على صرف النظر عن الاضراب وقبول القرار.
أما هيئة التنسيق النقابية فمضت في رفضها القرار ودعت الى الاضراب والتظاهر الخميس المقبل.

جولة فيلتمان
أما على الصعيد السياسي فقد أنهى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى زيارته لبيروت ليل امس على ان يغادرها اليوم، وحفل يومه الثاني بمجموعة لقاءات شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والبطريرك مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والوزير السابق الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي. وختم جولته بلقاء طويل ليلا مع عدد من قادة قوى 14 آذار في بيت الوسط استمر زهاء ثلاث ساعات وتخلله عشاء. واكتفت مصادر المجتمعين بالقول لـ"النهار" ان الحديث تناول الوضع الإقليمي بكل ارتداداته على لبنان وجرى خلاله تبادل الآراء في التطورات الاقليمية والداخلية.
وأبلغت اوساط قريبة من رئيس مجلس النواب "النهار" ان ملف الاحداث في سوريا طغى على لقائه فيلتمان اذ أبدى كلاهما وجهة نظره في التطورات الجارية في سوريا. وكرر بري موقفه المعهود، قائلا إن الحوار بين السلطة وأفرقاء المعارضة هو خشبة الخلاص في سوريا لكنه حمل الولايات المتحدة "ومواقفها وتدخلاتها" مسؤولية إخفاق مبادرة الجامعة العربية، داعيا الادارة الاميركية الى "التدقيق جيدا في الارض السورية". وأكدت الاوساط ان خلاصة اللقاء أبرزت اختلافا واضحا وعميقا بين بري وفيلتمان في النظرة الى سوريا.
في المقابل، اكتسبت زيارة فيلتمان لبكركي بعدا مميزا إذ أوضح بيان للسفارة الاميركية ان المسؤول الاميركي ناقش مع البطريرك الراعي "دعم الولايات المتحدة لمبدأ أن حقوق الانسان العالمية في جميع المجتمعات ومن جميع الاديان يجب ان تكون محمية من حكوماتها"، وأن فيلتمان "حث البطريرك على دعم الجهود الدولية والاقليمية لوضع حد لوحشية النظام السوري ضد الشعب السوري، وجدد تأكيد وجهة نظر الولايات المتحدة الراسخة بأن الرئيس السوري بشار الاسد قد فقد شرعيته للقيادة وأن أفضل وسيلة لوضع حد للوحشية هو تنحيه عن الحكم".

السابق
الاخبار: فيلتمان غير معجب بسلوك الحريري و14 آذار
التالي
السفير: فيلتمان لـ14 آذار: ليحكم الإسلاميون … وليعد الحريري!