اللواء: قوى 8 آذار تأكل حكومتها··· وحزب الله يؤيد قرار هيئة التنسيق النقابية بالإضراب والتظاهر

في لحظة قلق تمتد من الحدود التركية – السورية، التي شهدت امس، توتراً خطيراً، الى تفاقم المواقف في سوريا، مع بوادر اعلان العصيان المدني في اكثر من محافظة، الى التوتر النفسي الذي أعقب مهرجان الضاحية الجنوبية، اقدمت الحكومة على تصحيح وضيع للاجور اثار اعتراضاً عمالياً ونقابياً يستعد للخروج الى الشارع، وارسلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مساعدها لشؤون الشرق الادنى وشمال افريقيا جيفري فيلتمان الى لبنان لاستطلاع عمليات <عض الاصابع> الجارية على الساحة اللبنانية، سواء داخل الائتلاف الحكومي، او بين قوى 8 آذار و14 آذار، لا سيما حزب الله و<تيار المستقبل> وسط تزايد الريبة بين الطرفين، والاشارات الدولية المتزايدة على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، او وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بشأن مناخ ينذر بفتن اهلية تمتد من سوريا الى لبنان·
واذا كانت السفارة الاميركية اكتفت بما خص لبنان الرسمي بتجديد التزام فيلتمان <بلبنان مستقر وسيد ومستقل> و<دعم الجيش اللبناني كقوة شرعية دفاعية قادرة على تأمين الحدود>، في تعبير ملتبس يعني على الارجح في نظر دبلوماسي لبناني، الحدود اللبنانية – السورية، فضلاً عن التنويه <بدوام التزام لبنان بالقرارات الدولية، لا سيما 1559 و1701>، وأهمية <استمرار التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان>، فإنها (اي السفارة) توقفت عند اللقاء الذي جمع فيلتمان مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، وهو الاول من نوعه لمسؤول اميركي مع رأس الكنيسة المارونية، بعد التصريحات المثيرة التي ادلى الراعي من باريس في الصيف الماضي، حيث طلب اليه <دعم الجهود الدولية لوضع حد لوحشية النظام السوري> حسب تعبير السفارة الاميركية·

وحسب معلوماتنا فإن شخصية حزبية مسيحية تولت ترتيب اللقاء بين الراعي وفيلتمان، وهي شاركت في بعض لقاءاته مع قيادات لبنانية اخرى·

وفي معلوماتنا أيضاً أن فيلتمان طلب من القيادات اللبنانية التي التقاها تأييد الخطوات الجارية للاطاحة بالنظام في سوريا، واعتبار أن هذا التأييد يصب في استقرار لبنان·

ومع أن الدبلوماسي الأميركي استمع إلى وجهات نظر كل من الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط بشكل مركز، الا انه أبلغ كل من التقاه أن قرار بلاده يتلخص بنقطة واحدة وهي أن على الرئيس بشار الأسد أن يتنحى، لانه فقد مصداقيته ولا يمكن التعايش مع نظام لا يحترم الحقوق البديهية للانسان·

وأنهى فيلتمان جولة لقاءاته أمس التي شملت إلى هذه الشخصيات الثلاث والوزير السابق الياس المر، بلقاء عقده في <بيت الوسط> مع عدد من قيادات قوى 14 آذار، ظل بعيداً عن الاعلام، وتخلله مأدبة عشاء في حضور السفيرة الأميركية مورا كونيللي·

واكتفى البيان الذي صدر عن اللقاء بأنه جرى تبادل الآراء حول المستجدات الإقليمية والدولية، من دون أي إشارة إلى الوضع اللبناني، ولا إلى الشخصيات التي التقاها الدبلوماسي الأميركي مع أن بعض المعلومات توقعت ان يكون من بينها كل من الرئيس امين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الهيئة التنفيذية في حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع، ومنسق الأمانة العامة لقوى 14 اذار الدكتور فارس سعيد الذي أبلغ <اللواء> بأن اللقاء كان <ممتازاً>·

 وفي السياق ذاته، أوضحت أوساط رئيس المجلس النيابي أن الجزء الأكبر من حديث السفير فيلتمان مع الرئيس برّي تركز على الوضع في سوريا، فيما أدلى رئيس المجلس بدلوه مما يجري، وكانت وجهات النظر متباعدة بينهما حول هذه المسألة·

اما أوساط النائب جنبلاط فقد اشارت إلى أن الدبلوماسي الأميركي جاء لاستطلاع الأوضاع في لبنان، وانه أراد الاستماع إلى وجهات نظر الأطراف اللبنانية حول الأوضاع الداخلية والوضع في المنطقة وسوريا، وتداعياته على لبنان، مبدياً وجهة نظر الإدارة الأميركية حيال ما يجري في المنطقة، ابتداء من إيران والانسحاب الأميركي من العراق، إلى سوريا، لكنه، بحسب هذه الأوساط لم يقل شيئاً غير معروف عن موقف الإدارة الاميركية، الا انه شجع جنبلاط على دعوته لأهمية الحوار الداخلي اللبناني كسبيل وحيد لمعالجة المسائل الخلافية والخروج من المأزق الراهن، والذي شدّد أيضاً على <ضرورة الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي بعيداً عن التوتر والتشنج>·

في المقابل، كان لافتاً للانتباه استقبال الرئيس الأسد وفداً من رجال الدين من طائفة الموحدين الدروز في لبنان، برئاسة النائب طلال أرسلان الذي كانت له كلمة في اللقاء، وكذلك للشيخ نصرالدين الغريب اللذين اعلنا وقوفهما إلى جانب سوريا، قيادة وشعباً، لتجاوز ما يحاك ضدها من مؤامرة تهدف إلى تفتت سوريا والمنطقة·

وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا) فان الأسد اعرب عن تقديره الكبير لأعضاء الوفد لموقفهم الوطني المنطلق من الحرص على علاقات الأخوة والتعاون بين سوريا ولبنان، معتبراً بأن <سوريا قوية بشعبها وبدعم ومحبة الشعوب الشقيقة والصديقة>، مؤكداً أنها <قادرة على تجاوز ما تمر به، وأنها لن تتخلى عن مواقفها ومبادئها وسيادتها مهما كانت الضغوطات>·

الوضع الحكومي وسط هذه التطورات، أكدت مصادر حكومية أن جلسة الحكومة المقررة اليوم ما زالت قائمة، وأن جدول أعمالها هو البحث في ما تبقى من بنود الجلسة الماضية، أمس الأول، والتي أقرت فيها صيغة جديدة لتصحيح الأجور، خلافاً لاقتراحات وزير العمل شربل نحاس، رفضها الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية التي أعلنت الاضراب والتظاهر يوم الخميس المقبل، ولم تعارضها الهيئات الاقتصادية، فيما كان لافتاً للانتباه، إعلان التعبئة التربوية المركزية في <حزب الله> تأييدها للقرار الصادر عن هيئة التنسيق النقابية بالاضراب والتظاهر والاعتصام، وذلك <تأكيداً على أهمية النهوض بالتربية والتعليم، وتأييداً لمطالب المعلمين والعمال المحقة، ودعماً للتحرك القائم لتحقيقها والرافض لطريقة معالجة مجلس الوزراء لمسألة الأجور والأزمة المعيشية>، بحسب تعبير بيان الحزب·

وفي هذا السياق، عزا وزير بارز في الفريق الشيعي، تصويت وزراء <أمل> و<حزب الله> الى جانب اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي، ومخالفة اقتراح حليفهما الوزير نحاس، سببه أن رئيس الحكومة أبلغ الوزراء أن الصيغة هي حصيلة مفاوضات أجراها مع الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية، لكن تبيّن في ما بعد أن هذا الكلام لم يكن دقيقاً، بدليل معارضة الاتحاد العمالي للمشروع، <لكننا نحن كوزراء لا يجوز لنا إلا أن نصدّق ما يقوله رئيس مجلس الوزراء>·

وأوضح الوزير، الذي رفض الكشف عن اسمه، ان ما حصل في مجلس الوزراء امس الاول، ليس اسقاطاً لمشروع نحاس، بل تأجيل البحث به وتحويله إلى لجنة وزارية لمتابعة كونه مشروعاً اصلاحيا مترابطا مع مجموعة اجراءات غير تصحيح الاجور، وتتطلب المزيد من الوقت لمناقشتها·

وفهم ان هذا الكلام جاء بمثابة ترضية لتكتل التغيير والاصلاح الذي اعلن النائب آلان عون لـ <اللواء> ان الوقت لم يحن بعد لاتخاذ قرار باسقاط الحكومة او الاستقالة منها، فيما اكد نحاس من جهته ان التكتل لن يكون شاهد زور، الا ان الوزير الشيعي البارز اضاف على هذه الترضية، موقفاً تضمن تبنياً لمطلب النائب ميشال عون بتعيين القاضي طنوس مشلب رئيسا لمجلس القضاء الاعلى، اذ اكد ان هذا التعيين لا يرتبط بآلية التعيينات التي تنص على تسمية ثلاثة مرشحين، لان التعيين في القضاء يشبه التعيين في السلك الخارجي، مؤكداً موافقة الفريق الشيعي على الاقتراح المقدم من التيار الوطني الحر،مشددا على ان الاولوية للحكومة يجب ألا تكون بعدم تأجيل الملفات·

غير ان مصدراً حكومياً، نفى ان تكون اية تعيينات مطروحة اليوم في مجلس الوزراء، مشيرا الى ان الجلسة التي ستعقد الاثنين في بعبدا مخصصة لمعاودة البحث في قانون الانتخاب· فيما جلسة الثلاثاء في السراي الحكومي لم يوزع جدول اعمالها بعد، وقد يكون فيها التعيينات، اما جلسة الاربعاء في بعبدا فستكون للموازنة·

ولفت المصدر إلى ان تصحيح الاجور سيبدأ من تاريخ صدور المرسوم ومن دون مفعول رجعي، مشيراً إلى ان جو الوزيرين شكيب قرطباوي وجبران باسيل اللذين حضرا إلى جانب الرئيس ميقاتي في المحادثات التي أجراها أمس مع رئيس وزراء أوكرانيا، كانت مرضية، ولم يظهرا استياء لما جرى في جلسة الأجور أمس الأول·

تجدر الإشارة، إلى انه بالرغم من اعتراض الاتحاد العمالي العام على الزيادة، فإن الهيئات الاقتصادية تمكنت من اقناعه بالتروي في رفضه القرار وتلويحه بالعودة إلى الشارع، مقابل وضع يدها في يده في سبيل اقتراح خطة لسياسة اجتماعية شاملة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة·

وكشف رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير لـ<اللـــواء> انه حمل الاتحاد العمالي رسالة باسم الهيئات الاقتصادية مفادها ان قرار الزيادة جاء على أساس <لا غالب ولا مغلوب>، مؤكداًَ موافقة الهيئات عليه بالرغم من خطورته على القطاعات الاقتصادية في الموقف الراهن، على أمل أن يكون العام المقبل 2012 أكثر ازدهاراً ونشاطاً من العام الحالي· 

السابق
خوف عون
التالي
عندما يتساوى الحليف بالعدوّ!