الموؤود والمولود

ما كان أحد يتمنى ما تشهده سوريا من مذابح وقمع. ولو كان النظام ذا فطنة لما حدث ما حدث.. إلا أنه أبى واستكبر وتجبر واعلن أن سوريا ليست تونس.. وانها ليست ليبيا وانها ليست مصر وانها ليست اليمن.. ونسي ان سوريا كل ذلك.. ولعل جميع القوى العربية بتياراتها الوطنية كانت تتمنى لو أن النظام في سوريا يتغير بأيد سورية.. لكن النظام المدجج بالشبيحة والسلاح صار عصيا وكانت ضمانة بقائه شهادة حسن سلوك من اسرائيل وحمايته حدودها لعقود.. لكن الانتفاضة السورية لم تتوقف رغم الذبح.. وكلنا نعلم ان نتنياهو اثناء زيارته لواشنطن مع بدء الانتفاضة السورية طلب من الاميركيين العمل على عدم اسقاط النظام لأن أي نظام بعده مهما كان ضعيفا وعقيما وعبثيا وعميلا لا بد أن يطالب بالجولان المحتل. الآن وقد وصلت الأمور في سوريا الى نقطة اللاعودة حيث ان الشعب مصمم على مواصلة نضاله لاسقاط النظام مهما كانت التضحيات وبدا أن النظام سيسقط لا محالة بأيد سورية وبضغوط عربية استنتج الاميركيون والاسرائيليون ان الوقت حان لالتقاط اللحظة وعدم تفويتها وبدأوا رفع الغطاء عن النظام السوري فصارت الوزيرة كلينتون تتحدث عن بدائل النظام.. وعن ضمان حقوق الأقليات.. وهي تعني ايضا حماية خط وقف اطلاق النار مع اسرائيل.. واطلق ايهود باراك تصريحه من الجولان امس الاول عن ان النظام السوري سيسقط في اسابيع او اشهر فكما يظهر فان اسرائيل واميركا تخشيان من أن يكون البديل وطنيا عربيا.

الاميركيون باعادة سفيرهم الى دمشق واعادة السفير الفرنسي ايضا انما بدأوا عملية طبخ البديل للنظام السوري وفق المقياس الذي وضعوه في مصر بحيث لا تتأثر اسرائيل مستقبلا خاصة فيما يتعلق بمصير الاسلحة الاستراتيجية لدى سوريا من صواريخ محلية الصنع مثل سكود او صواريخ روسية متطورة. فالمشهد السوري المقبل لن يختلف عن سابقه في مصر وتونس.. حيث سيرسو المزاد على جماعة الاخوان في سوريا لكي تكون البديل الطبيعي للنظام الحالي. فالاسلام السياسي في تونس كان آخر من انضم الى الثورة التونسية وحصد ثمارها مثلما هو حال جماعة الاخوان في مصر ومثلما هو حال حركة حماس.. فهي انضمت للانتفاضة الاولى متأخرة.. وانضمت للانتفاضة الثانية متأخرة بل استخدمتها كغطاء للتسلح للانقضاض على السلطة.

كان سقوط النظام السوري بأيد سورية سيكون امثولة واعجوبة عربية لأنه سيؤثر في المحيط العربي والاسلامي نحو الافضل وسيعطي لسوريا دورا عربيا مركزيا لا نجده في التحولات الجارية في تونس ومصر واليمن وليبيا.. من حيث البعد القومي للحراك الجماهيري لكن ما نتمناه شيء والواقع يختلف لأن دول الحلفاء في الغرب اتفقت مع احزاب الخلفاء لدينا على ايصالها الى الحكم وتقسيم كعكة الحكم.. لكم الحكم الداخلي وطبقوا من الشرائع ما شئتم ولنا أمن اسرائيل والحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة. فما الفرق بين نظام موئود ونظام مولود؟ 

السابق
ظلم الرعية والمجانين
التالي
ثماني دقائق لنصر الله على العلن تشغل إسرائيل والعالم