هل قرعت طبول الحرب بين حزب الله وإسرائيل !؟

يبدو أنّ التحضيرات الإسرائيلية لشنّ حرب ما في المنطقة قد اكتملت وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من لحظة تنفيذها، الأمر الذي يعني أنّ لبنان لن يكون في منأى عن هذه التحرّكات التي قد تترجم ضربات تطاول معظم أراضيه القريبة من الحدود والبعيدة عنها.

يعتبر لبنان خاصرة إسرائيل الأضعف، وحيث يوجد عدوّها الأول «حزب الله» الذي يعدّ بدوره العدّة لمواجهة محتملة كهذه لتكريس بقائه قوّة أساسية على الساحة. وهذا يعني أنّ الطرفين أنهيا تحضيراتهما العسكرية واللوجستية تحسّباً لوقوع حرب محتملة، التي بحسب المعلومات سيتحدّد مستقبل المنطقة على ضوئها ومن خلال نتائجها، فالحزب من جهته يعتبر أنّ حربه مع إسرائيل هي مسألة عقائدية ودينية لا يمكن التراجع عنها تحت أيّ سبب، وفي الجهة الأخرى تعتبر إسرائيل أنّ مجرّد وجود منظمة كحزب الله قبالتها من شأنه أن يهدد استقرارها الداخلي وسلامة مواطنيها في كل لحظة.

إسرائيل وبدعم أميركي وأوروبي غير محدود، أكملت جهوزيّتها متّكلة هذه المرّة على استراتيجية جديدة تحول دون الوقوع في الأخطاء التي كانت قيادتها العسكرية وقعت فيها خلال حرب تموز 2006، والتي تمثلت بعدم التنسيق بين قطعاتها الحربية، وخصوصا إخفاق سلاحها الجوّي في حسم المعركة لمصلحتها.

والدرس الثاني الذي تعلمته هو طريقة إدارتها المعركة البرّية عبر دبّاباتها التي كانت صيداً سهلاً لمقاتلي حزب الله بواسطة صواريخ «الكورنيت» المضادة للدروع التي ساهمت بقوّة في تدمير عدد كبير من الدبّابات الإسرائيلية، وهو ما حصل فعلاً في بلدة عيتا الشعب الجنوبية.

وتضع إسرائيل اليوم ضمن أهدافها الأولى أنّ أيّ حرب معقدة مع منظمة كـ»حزب الله» تتعامل بأسلوب حرب العصابات، لا بدّ من الاستعداد لها على كلّ الصعد، خصوصاً في ما يتعلق بالتنسيق بين سلاحها الجوّي الذي دمّر بنى لبنان التحتية وأخفق في منع الحزب من إطلاق مئات الصواريخ في اتجاهها حتى اليوم الأخير من تلك الحرب، وبين وحدات المشاة التي غالباً ما كانت تتعرّض لنيران سلاح الجوّ التابع لها عن طريق الخطأ، عدا المؤن الغذائية والعسكرية التي كانت ترميها الطائرات الإسرائيلية لمقاتلي الحزب عن طريق الخطأ أيضاً.

كما أنّ إسرائيل لم تتوقف يوماً عن إعداد تقارير حول قدرات «حزب الله» القتالية، وما يملكه من سلاح متطوّر، وهذا ما كشفه منذ فترة وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلية ميتان فلنائي، الذي تحدّث عن تنامي قدرة الحزب القتالية والصاروخية، مؤكّداً أنّه بات يملك منظومة صواريخ متطوّرة جدّاً تمكّنه من ضرب ميناء حيفا والمفاعل النووي في ديمونا، مع الأخذ في الاعتبار دعوة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله مقاتليه إلى الاستعداد لاحتلال الجليل.

ولم يغب يوماً سؤال محيّر عن أذهان المحللين والخبراء العسكريين الإسرائيليين منذ حرب تموز، وهو لماذا لم يقم حزب الله حتى الآن بأيّ عمل استفزازي عسكري ضدّ إسرائيل، حتى أنّه لم يتبنّ أيّ عملية إطلاق صاروخية من جنوب لبنان ضدّها.
 ووفق هذا السؤال المحيّر ترجّح إسرائيل «أن يكون الحزب اليوم في حيرة من أمره، بين الانتظار حتى انتهاء الأزمة السوريّة ليفرض سيطرته على الحكومة اللبنانية والبلد بكامله، أو بين بقائه منظمة إرهابية، وعندها سيكون هذا الأمر حجّة لها لإسقاط الخطوط الحمر التي يضعها المجتمع الدولي وبالتالي يكون لها وحدها أن تقرّر شكل المواجهة المقبلة معه».

هذا من الناحية الإسرائيلية، أمّا من ناحية «حزب الله» فهو ومنذ اغتيال قائده العسكري عماد مغنيّة الذي كان له الأثر السلبي على وضعه الأمني والعسكري، لم يكشف حتى الآن عن ترسانته الجديدة، خصوصاً في ما يتعلق بسلاح صاروخي جديد مضاد للطائرات تفوق حداثته نوعي «ستينغر» و»سام 8»، بالإضافة إلى ما كان اعلنه نصرالله عن صواريخ يمتلكها حزبه ويستطيع من خلالها إصابة مواقع دقيقة وحسّاسة جدّا في العمق الإسرائيلي.

لكن المطّلعين على بعض أمور حزب الله وخفاياه، يعلمون أنّ هناك شيئاً ما يحضر داخل دوائره، عبر استقطاب مقاتلين جدد تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاماً، وعبر الدورات المنتظمة التي يجريها مقاتلوه في إيران ولبنان. وتفيد معلومات أنّ خبراء عسكريين أعدّوا منذ مدّة دراسة عن أبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت يمكن لمقاتلي الحزب أن يستخدموها لإطلاق صواريخ مضادة للطائرات من على أسطح أبنيتها، كما تمّ إحداث شبكة طرق لنقل السلاح بين مواقع الحزب في الضاحية والجنوب والبقاع الذي قد يشهد هذه المرة «أُم المعارك» بين الطرفين.

ويقول خبير عسكري استراتيجي، لـنا إنّ «الحرب بين حزب الله وإسرائيل إذا وقعت فعلاً، فإنّ الأخيرة ستتكبّد خسائر فادحة على الصعيدين البشري والعتاد العسكري»، وتوقّع «أن يسقط لإسرائيل ما لا يقلّ عن 800 قتيل بين مدني وعسكري، ناهيك عن الجرحى الإسرائيليين الذين قد يصل عددهم إلى الآلاف». ولكنّه أكّد في المقابل أنّ «أيّ حرب جديدة مع إسرائيل ستعيد لبنان مئات السنين إلى الوراء، لأنّ إسرائيل هذه المرة لن توفّر حجراً ولا بشراً، بل أكثر من ذلك فإنّها ستقطّع أوصال البلد تماماً وعندها سيصبح لبنان شبيهاً بجزيرة».

يبدو أنّ «حزب الله» واقع اليوم بين همّين، همّ الدخول في حرب غير محسومة النتائج مع إسرائيل، وهمّ استفرادها به في ظلّ غياب حليفيه الأساسيين الإيراني والسوري عن الساحة اللبنانية، لانشغالهما في شؤونهما، لكن تبقى خشية الحزب الكبرى من إدخاله في البازارات الإقليمية وتغليب مبدأ مصلحة الدول على مصلحة الأفراد. 

السابق
اختتام التحقيق الأولي مع الموقوف وائل عباس
التالي
الحريري: تقشف مالي أم طي صفحة؟