حملة شبابية للمطالبة بالنقل والصحة والعمل

«شو حقّك؟»، سؤال أثار العديد من التساؤلات المترابطة. فعبارة «كم يبلغ ثمنك؟» في لبنان، تعني الكثير. الأبرز هي الرشى، «الواسطات»، وإنفاق المرشحين على الناخبين اللبنانيين. «شو حقك؟» هو شعار حملة تضيئ على الحقوق الاجتماعية المهدورة في لبنان: نقل، صحة، فرص عمل، احتكارات وغلاء وضرائب. «سلة اجتماعية» ستكون عنوان تحركات باكورتها في 12 الجاري، للمطالبة بـ«الضمان الصحي لجميع اللبنانيين»

كانت 5 قصص واقعية، محور اللقاء الذي نظمته مجموعة من الشابات والشباب الناشطين عبر «الفايسبوك» ضمن حملة «لبنان عاصمة عالمية للفساد». وقف 5 منهم على مسرح بابل في الحمراء. سردوا قصصهم الواقعية أمام نحو 200 شاب وشابة لبّوا الدعوة الى اللقاء. اسم مجموعتهم «مواطنات ومواطنون». حزبهم: «لا حزب. نحن غير مدعومين من أي جهة أو طرف». مطلبهم: سلة حقوق اجتماعية: «الصحة، العمل، النقل، نظام ضريبي عادل، وقف الاحتكارات». عنوان حملتهم: «شو حقك؟ حقّي عليّي».

*القصة الأولى: سيارة مسرعة أمام إحدى الجامعات صدمت فتاة. سارع هاشم إليها، ونقلها إلى أحد مستشفيات بيروت. الفتاة غير مضمونة ولا يغطيها أي صندوق تأميني. امتنعت إدارة المستشفى عن استقبال الفتاة، رغم إصابتها الخطرة. «اتصلنا بالزعيم الفلاني والعلاني، وصلنا إلى «واسطة» مع إدارة المستشفى التي عادت واستقبلت الفتاة»، يشرح هاشم ويضيف: «الضمان يجب أن يغطي جميع اللبنانيين، إلا أن 50 في المئة فقط من المواطنين مشمولون بتغطية صحية دائمة. الضمان الصحي حق لنا». يطرح هاشم البديل: «نظام التغطية الصحية الشاملة يجب أن يغطي جميع اللبنانيين المقيمين، بمعزل عن وضعيتهم في العمل، إن كانوا أُجراء، عاملين لحسابهم، مزارعين، سائقين أو عاطلين من العمل».
*القصة الثانية: محمد يعرف تاجراً لبنانياً. التاجر وجد مسحوقاً للغسيل مشهوراً جداً في لبنان وبأسعار مخفوضة جداً في أحد الأسواق الأوروبية. قرر التاجر استيراد هذا المسحوق؛ لأنه لا يخضع للحصرية التجارية وبيعه في لبنان بسعر يقل عن السعر المعتمد حالياً بنحو النصف. وصلت الشحنة إلى المرفأ، ووُزِّعت على تجّار المفرق. علم الوكيل بالأمر، فإذا بأجهزة الدولة تتحرّك وتدهم التجّار بحثاً عن مسحوق «مزوّر»، ثم يتصل الوكيل بهؤلاء التجّار ويحذّرهم: هذه المرّة انقضت من دون إقفال محالكم، في المرّة الثانية سترون ما سيحل بكم… يعلّق محمد: تعاني أكثر من ثلثي الأسواق اللبنانية من احتكار القلة. معظم نسب الارتفاع في الأسعار ناتج من هذه الاحتكارات. البديل بحسب محمد: «تطبيق قانون مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك، إلغاء قانون حماية الوكالات الحصرية فوراً ووضع قانون للمنافسة».
 
*القصة الثالثة: إيفان تخرجت من الجامعة بإجازة في إدارة أعمال. منذ أن تخرجت لم تعمل يوماً في مجال اختصاصها. سنوات مضت وهي تبحث عن عمل في اختصاصها من دون أمل. اضطرت إلى القيام بعمل آخر، وحتى اليوم لم يُصرَّح عنها إلى الضمان. توضح إيفان قائلة: «لست الوحيدة؛ إذ إن متوسط مدة البحث عن عمل في لبنان يصل إلى 24 شهراً. المتعلمون هم الشريحة الأكثر عرضة للبطالة التي ترتفع عند الإناث. فيما نسبة البطالة عند المعوقين وصلت إلى 80%، رغم شهاداتهم العلمية». البديل بحسب إيفان «إقرار حق تأسيس النقابات في القطاعين العام والخاص، وعدم إخضاعها لنظام التراخيص المسبقة، إقرار حوافز تؤمن العمل الأول للشباب».
*القصة الرابعة: بين توفير دفعة أولى لشراء منزل بواسطة المؤسسة العامة للإسكان وامتلاك سيارة، اتجهت كيندا نحو الخيار الأول. ولأنه لا وجود لنقل عام في لبنان، وقعت كيندا في مصيبة التنقل من المنزل إلى العمل. تقول: «المستفيدون من غياب خطة للنقل العام كثر، وأهمهم مستوردو السيارات، الكارتيل النفطي، أصحاب شركات النقل الخاص، والمنتفعون من هدر الأموال العامة في الوزارات المعنية بالنقل. أما المتضرر من غياب هذه الخطة، فهو كل لبناني «مش غني»، والبديل بحسب كيندا «إقرار خطة وطنية فعّالة وحديثة للنقل العام،
*القصة الخامسة: وسيم كان مواطناً فرنسياً. قرر العودة إلى «وطن النجوم». هناك كان يدفع الكثير من الضرائب، إلا أنه كان يتمتع بحقوق، وتوفّر له الدولة خدمات في مقابل الضرائب التي يدفعها. جاء إلى لبنان، فإذا به يدفع حجماً ضخماً من الضرائب بلا أي مقابل اجتماعي. يشرح: «تساوي الضرائب والرسوم على الاستهلاك في لبنان نحو 80% من الإيرادات الضريبية. في المقابل، فإن 70% من الاستثمارات هي في قطاعي البناء والعقارات، فيما الأرباح المتأتية من المتاجرة بالعقارات معفاة من أي ضريبة؛ فالمواطن اللبناني يموّل بضرائبه ارتفاع أرباح تجار العقارات، ويموّل من جيبه إجراءات ترفع أسعار السكن عليه». البديل بحسب وسيم «إعادة هيكلة الضريبة للتوصل إلى نظام ضريبي عادل يخفف الأعباء عن الاستهلاك والإنتاج، اعتماد سلة بدائل ضريبية على الربح العقاري والأملاك البحرية والسجائر والكحول والضرائب البيئية وإعلانات الطرق…».
انطلاقاً من شعار «حقّي عليي»، انضم عشرات الشباب من الجمهور إلى المجموعة التي انطلقت بفكرة الحملة. ألفوا 5 مجموعات للعمل على تحركات في مواضيع «السلة الاجتماعية»، وأعلنوا أول تحرك في 12 /12/ 2011. لا يعوّل الشباب على مشاركة عدد كبير من المواطنين، «لذلك سيكون تحركنا نوعياً، وسنوصل الرسالة التي نريدها، ونفتتح باكورة تحركاتنا بمطلب الضمان الصحي لجميع اللبنانيين».
وكان في اللقاء مداخلة لرئيس مركز البحوث والاستشارات كمال حمدان عن الضمانات الاجتماعية للمواطن اللبناني، عن حق جميع اللبنانيين من دون استثناء في الضمان الصحي، وعن حق الوصول إلى نقل عام وإعادة هيكلة النظام الضرائبي المعتمد ليصبح عادلاً. وقدم الباحث الاقتصادي جاد شعبان ورقة مقتضبة ربط خلالها موضوع الاحتكارات التي تسيطر على مفاصل الاقتصاد اللبناني بارتفاع الأسعار غير المنطقي في جميع الأسواق اللبنانية. وتأثير هذا الارتباط على القدرة الشرائية لدى المواطنين وتراجع فرص العمل لفئة الشباب. «شو حقك؟» سؤال توجه به الشبان إلى المحامي نزار صاغية. جوابه: «حقي هو أن أصبح مواطناً، وأن يصبح كل اللبنانيين هم وسط المدينة، وهم مركز القرار، وحقوقهم هي الأولوية، لا سلاح ولا محكمة دولية. حقي أن يوجد في لبنان أطر نقابية ليست خاضعة للسياسيين الذين يتحكمون بالسلطة. حقي أن تكون حقوق المواطنين هي أساس التحركات في الشارع، لا حقوق طرف سياسي على حساب طرف آخر». 

السابق
صابونجيان: لن يبت موضوع الأجور غداً
التالي
كنعان: سنطلق صرخة امام كل تجاوز للقانون والحقوق لم تحصل اي مقايضة او صفقة بين تمويل المحكمة وامور اخرى