الراي: الأجواء المكهربة ترفع التوتر العالي بين مكوّنات الحكومة اللبنانية

تراجع مشهد الصراع بين الحكومة والمعارضة الى الخلف على وقع تقدم الصراع بين مكونات الحكومة عينها، فاستأثرت «الحرب الباردة» بين أطراف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بمجمل الصورة السياسية في البلاد، وسط انطباع ان تلك الحكومة مرشحة لاختبارات قاسية قد لا تنجو منها.
و»رأس جبل جليد» هذا الصراع، الذي كاد ان ينفجر مع تمويل المحكمة الدولية الذي مرّ لاعتبارات سورية، اطل من جديد مع فضيحة فصل معمل الزهراني بـ «وهج السلاح» عن شبكات نقل الكهرباء لـ يومين، ومع لائحة من القضايا المفخخة التي رميت دفعة واحدة على طاولة مجلس الوزراء.
فمن ملف ما يسمى «شهود الزور» الى التعيينات الادارة والقضائية الحساسة، مروراً بملفات الاجور والخدمات … عناوين خلافية بين مكونات الحكومة التي بات يحتاج انعقادها الى «مفاوضات صعبة» على غرار الملابسات التي ترافق التحضيرات لجلسة غد الاربعاء.
وفي موازاة الاهتمام بتفكيك «الألغام» الداخلية، كانت بيروت تتحضّر لاستقبال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الذي يزورها حيث يلتقي عدداً من المسؤولين وشخصيات في 14 آذار ليبحث في موضوع المحكمة الدولية والعقوبات على سورية، علماً ان ملف تجديد بروتوكول المحكمة في مارس المقبل سيكون محورالزيارة المقررة للامين العام للامم المتحدة بان كي ـ مون للبنان الشهر المقبل بعد محطة اوروبية بارزة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يتهيأ لتلقي دعوة فرنسية لزيارة باريس كـ «مكافأة» على التزامه تمويل المحكمة الخاصة بلبنان.
والمفارقة التي تعيشها بيروت ان «قطوع» تمويل المحكمة الذي جنّب الحكومة السقوط يبدو انه يُخضعها لـ «امتحانات» متتالية بعد وضع الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ميقاتي امام «تحدي» فتح ملف شهود الزور واغراق زعيم «التيار الوطني الحر» رئيس الوزراء بمطالب تتصل بمسألتي التعيينات القضائية وتصحيح الأجور، وعدد من الملفات الحياتية والمعيشية والاقتصادية التي يعتبرها بمثابة «تعويض» عن «فدية» تمويل المحكمة.
ولم يكن اتضح حتى بعد ظهر امس مصير مشاركة وزراء عون في جلسة مجلس الوزراء غداً وسط تشيع معلومات بانهم سيقاطعون بسبب «هزالة جدول الأعمال»، الا ان مصادر في تكتل زعيم «التيار الحر» لم تجزم بهذا الامر وتركت الامر معلقاً على ما سيعلنه عون اليوم بعد اجتماع كتلته النيابية، علماً ان تقارير اشارت الى ان الجلسة ستُعقد بمن حضر لانّ النصاب متوافر.
 
ولم تعد المشكلة بين مكونات الحكومة تقتصر على تداعيات تمويل المحكمة، اذ جاءت قضية معمل الزهراني لتظهّر تجاذبات قديمة ـ جديدة بين فريق العماد عون ورئيس البرلمان نبيه بري الذي حمّل النائب في كتلته عبد اللطيف الزين وزير الطاقة جبران باسيل (صهر عون) المسؤولية عن «المعاناة التي تصيب أهل الجنوب من جراء انقطاع الكهرباء» واصفاً ما يحصل في هذه الأيّام بـ«الرعونة» التي لا تُقبل أبداً.
وقد عكست ازمة الزهراني التي أخذت أبعاداً خلافية بين منطقتي صيدا وصور طابعاً سياسيا لامس ايضاً الواقع المذهبي ولا سيما انها جاءت على وقع تفاعلات خطبة أحد مشايخ صيدا التي انتقدت بعنف مرجعيات شيعية. علماً ان تقارير ربطت اضراب عمال معمل الزهراني، الذي بُرّر بنقل محوّل من المعمل الى صيدا، بان وزير الطاقة فسخ عقداً بتلزيم تشغيل المعمل من شخص قريب من الرئيس بري الى شركة ماليزية، الأمر الذي أثار امتعاض نقابة العمال، وانه لهذا السبب، قال باسيل ان الاضراب يستهدفه.
وكان وزير الطاقة عقد امس مؤتمراً صحافياً عكس الامتعاض من سلوك «الحلفاء»، اذ اعتبر ان «ما جرى في معمل الزهراني هو تخريب لمؤسسات الدولة واعتداء على اللبنانيين والجنوبيين ورتب خسائر كبيرة على مؤسسة الكهرباء والاقتصاد ويتم وضعه في مرتبة الفاجعة الوطنية»، لافتا الى انه «حتى في الحرب لم يتمّ قطع الكهرباء عن بعضنا».
وشدد على «اننا لا نستطيع السكوت عما جرى وسياسة النأي بالنفس لا تنطبق علينا»، لافتا الى انه «في كل بساطة لا أقبل ذلك ولم يتم العمل في هذا الموضوع (التقنين) من خلفية مذهبية او طائفية».
واذ أشار الى ان «مؤسسة كهرباء لبنان ستستمر بتوزيع الكهرباء بالتساوي على الزهراني وغيرها من المحطات»، رأى «ان المؤسسة تستطيع ان تأخذ قرار بقفل المعمل ولكن ان يأخذ الموظفون هكذا قرار فأمر غير مقبول».
اضاف: «القوى الموجودة في الزهراني حليفة وصديقة لكن موقفها وسكوتها عما جرى غير مقبول. هناك 100 وسيلة مراجعة غير الطريقة التي تمت فيها الامور، وانا لا اوقّع اي قرار لاعطاء اي منطقة كهرباء اكثر عن منطقة. و«ناقصنا حكي عن مربعات بعد»، وما هي حجة القوى الامنية بعدم الوصول الى معمل الزهراني وتشغيله؟ ما يجري هو هدم للتراتبية الادارية والمؤسسات فكيف سيتم الاصلاح في الدولة؟ هناك استهداف مباشر من كل اصحاب المنافع لتهديم كل عمل نقوم به».
على صعيد آخر تقدمت وزارة الخارجية والمغتربين عبر بعثة لبنان الدائمة في نيويورك بشكوى ضد اسرائيل على خلفية قيامها بتاريخ 29 /11 /2011 باطلاق عدد من القذائف المدفعية باتجاه الاراضي اللبنانية، حيث سقطت بين خراج بلدتي عيتا الشعب ورميش.
واعتبرت الشكوى «ان هذا الخرق يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية، ولقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 وللقانون الدولي ولميثاق الامم المتحدة، كما ويشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين».
ومعلوم ان القضف الاسرائيلي أعقب اطلاق صاروخين من خراج بلدة رميش الجنوبي على شمال اسرائيل، في عملية تلقت وسائل اعلام لبناني حينها بياناً من «كتائب عبد الله عزام – قاعدة الجهاد» اعلنت فيه تبنيها.
الا ان كتائب عزام اصدرت امس بياناً نفت فيه أي علاقة لها باطلاق الصواريخ ليل الاثنين – الثلاثاء الماضي من الجنوب اللبناني، مؤكدة ان «هذه العملية نفذت لمصلحة نظام طاغوت الشام بشار الاسد وحليفه في لبنان «حزب الله» بأيدي عناصر منتسبة الى فصيل معروف لديها وله علاقات بالحزب».
وتوجهت الى «هذا الفصيل» قائلة: «اننا نربأ بكم ان تزجوا بعناصركم للعمل لمصلحة عدو الله الرئيس السوري بشار الأسد سفاك دماء المسلمين في سورية أو حامي حدود اليهود وذراع دجاجلة الصفويين في لبنان»، معتبرة «ان العملية بهذا التوقيت وحصولها بأيد حرّكها «حزب الله» وبغير مباشرة منه هي رسالة من بشار وأزلامه الى الغرب واليهود ومضمونها انهم اذا تركوا النظام البعثي المجرم في سورية يسقط فان المجال سيفتح لشباب أهل السنة لمهاجمة دولة اليهود، وان نظام البعثيين في سورية و«حزب الله» في لبنان هما الضامن الوحيد لأمان حدود اليهود من الجولان وجنوب لبنان». 

السابق
مفتعل الحرائق في صيدا سكّير
التالي
وساطة حزب الدعوة السورية!