احمد الاسعد: الوضع من حولنا يشهد تحولات تاريخية كبيرة لا بد أن ترسم صورة أكثر اشراقا للمنطقة من خلال ارساء الديموقراطية

أعتبر المستشار العام لحزب "الانتماء اللبناني" احمد الاسعد، في كلمة لمناسبة ذكرى العاشر من محرم، "انه في زمن الربيع العربي، والشهداء الذين يسقطون كل يوم بأيدي أجهزة القمع العربية، تكتسب شهادة الإمام الحسين دلالة رمزية مضاعفة، وتضحي أكثر فأكثر نموذجا ومثلا أعلى في التضحية وبذل الذات من أجل القيم والمبادىء".

اضاف: "وفي زمن الدم العربي الذي يرسم طريق الحرية، تأتي ذكرى عاشوراء مثالا يلهم الشجعان، ويزيد المناضلين اندفاعا، ويمد الثوار بالعزم والتصميم.
إن الوضع من حولنا، في عدد من دول منطقتنا العربية، يشهد تحولات تاريخية كبيرة لا بد أن ترسم صورة أكثر اشراقا لهذه المنطقة، من خلال ارساء الديموقراطية نهجا للمستقبل المنبثق من "الربيع العربي". وللمرة الأولى في تاريخها، ستكون شعوبنا العربية قادرة على أن تختار من يحكمها، وعلى أن تشارك في القرار، وتحاسب من يتولون المسؤولية".

وقال: "لقد عانت شعوبنا طويلا من التسلط والديكتاتورية وحكم الطغاة، وها هي اليوم تحطم الجدار تلو الجدار، وتعيد مجددا بناء دولها.غير إن مخاض ولادة الديموقراطيات ليس سهلا، ولا يتم بسحر ساحر. فثمة أجيال نشأت في ظل الديكتاتورية، وها هي اليوم تكتشف مسارا آخر، وتتلمس طريقها بحذر، فتخطىء حيناً، وتتعثر، وتقع، وتتألم، لكنها في النهاية لا بد من أن تقف، ولا بد من أن تستقيم الأمور".

اضاف: " لا تقلقوا من تجدد التظاهرات هنا، ومن تفجيرات وسيارات مفخخة هناك، ومن خلافات بين رفاق الأمس في الثورة، أو من وصول الاحزاب المتأسلمة الى السلطة لتحل محل الأنظمة المخلوعة. كلا، لا تخشوا الفوضى التي نراها في دول "الربيع العربي"، واياكم أن تترحموا على الديكتاتوريات المخلوعة وتقولوا إنها كانت تضبط الوضع.
الفوضى أمر طبيعي في المرحلة الأولى التي تأتي بعد الثورة، ولا مهرب منها قبل الوصول الى استقرار الأمور. ومن الطبيعي أن تستفيد بعض المجموعات السياسية من المناخ الاجتماعي القائم وقلة الخبرة في الديموقراطية".

وقال: "ولكن، ولكن، صبرا، الديموقراطية تنقي نفسها، وتطهر ذاتها، وفي نهاية المطاف لا يصح فيها الا الصحيح، حتى لو اتخذ الناس خيارات خاطئة في الوقت الراهن، فهم سيكتشفون بعد حين أن الأحزاب السياسية التي صوتوا لها لم تف بالوعود التي قطعتها.وستدرك الشعوب أن هذه الأحزاب لا تقدم سوى الشعارات الفارغة، اذ أن الوقت سيفضح هذه الأحزاب، وتجربة السلطة ستفقدها مصداقيتها، وسيأتي يوم ليس بعيدا، يحاسبها فيه مواطنوها ويصوتون لخيارات مختلفة.
بالتالي قد يبدو الوضع في مصر غامضا حاليا، ولكن يجب أن ننظر الى هذا الامر على أنه مرحلة عابرة ليس إلا.وكما في مصر كذلك في سوريا: رغم كل ما يحصل حاليا، ورغم المخاوف مما قد يأتي، يجب أن نكون على ثقة من أنها مجرّد مرحلة لن تطول، وستشرق بعدها شمس الحرية والديموقراطية السليمة.خلاصة القول من كل ذلك أن الوصول الى الحرية يستحق بعض التضحيات ويستحق أن نتحمل بعض الألم. فالحرية ضرورية واساسية لنا اذا أردنا أن نتميز ونبدع ونكون منتجين.وبالتالي، مهما يكن من أمر، وأيا كان الثمن، فإن الحرية هي السبيل الوحيد لتقدم شعوبنا العربية، ولانطلاقها نحو آفاق جديدة. لقد تعب الشعب اللبناني ومل من السلوك السياسي لهذه الحكومة.فالسياسة يجب ان تكون لخدمة الوطن والمواطن، لكن السياسة لدينا هي لخدمة السياسيين أنفسهم على طريقتهم الملتبسة والرمادية.والدليل الواضح على ذلك هو كيفية تمرير تمويل المحكمة الدولية بسحر ساحر. فبعد سنة من التهديد والوعيد، نصحى على خبر تمرير تمويل المحكمة الدولية، وكأن شيئا لم يكن، وكأنما السجالات والنشر والشتائم كلها لم تكن، وكأنما الشعب اللبناني الذي عاش كل هذه الأحداث مع ما يرافقها من هم وغم وخوف وملل لا قيمة له.وكأنما سقوط الحكومة السابقة لم يكن.
نعم، فالحكومة السابقة دفعت ثمن ديمومتها لقاء الإصرار على تمويل المحكمة، وهذا هو الموضوع الأساسي الذي بسببه أسقطت هذه الحكومة.الحقيقية هي أن كل متقاسمي السلطة الحالية له مصلحة في تمرير هذا التمويل:الرئيس ميقاتي يلتزم بتعهداته ويصبح البطل بنظر العالم، الجنرال يحصد ما وعد به من تمرير مشاريع، والأهم من هذا كله مصلحة النظام السوري باستمرار هذه الحكومة التي باتت آخر مناصر له وبالتالي رضوخ "حزب الله" لإرادة هذا النظام بالتمسك بهذه الحكومة بأي ثمن كان، لانها بمثابة حبل النجاة الذي يبقيه صامدا وإن لبعض الوقت".

وتابع: "لقد مر لبنان بأوقات صعبة ولا يزال يعتبر ساحة المعارك وتوجيه الرسائل الملغومة كتلك التي تصدر عن النظام السوري والتي كانت آخرها الرسالة التي وجهها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالتحذير من تأثير الموقع الجغرافي لبلاده على الجوار في سياق الأحداث السورية، وما أتى بعدها من إطلاق للصواريخ من الجنوب.
نعم لقد فهمنا ما قصده وليد المعلم بتهديده الناعم. سوف تتطور مفاعيل هذا التهديد أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة. فكلما زاد الضغط على النظام السوري وشعر بأنه لم يعد يمسك بزمام الأمور، سوف يقوم باستعمال جميع الوسائل المتاحة أمامه من أجل ممارسة الإبتزاز على المجتمع الدولي وكسب المزيد من الوقت".

وقال: "طبعا الورقة الأهم والاساس بيد النظام السوري هي الورقة اللبنانية، مما يعني أن لبنان قد يمر في مراحل من العبث بالأمن كلما اقترب هذا النظام من لفظ أنفاسه الأخيرة.وهنا لا بد من الإشارة إلى تواجد قوات "اليونيفيل" في الجنوب والسؤال: هل فهمنا أننا أخطأنا حين طلبنا من العالم بل ترجيناه في سنة 2006 أن يكون عسكر الامم المتحدة تحت الفصل السادس و ليس الفصل السابع؟ هل فهمنا النتيجة التي وصلنا إليها، وهي أن قوات "اليونيفيل" هي بمثابة شاهد زور فقط على الوضع في الجنوب، بل وأكثر من ذلك ، وكما حذرنا سابقا سوف تكون هذه القوات فريسة سهلة المنال لكل عابث بأمن لبنان و سلامة أهاليه"

وتابع: "لذا، نرى أنه من مصلحة لبنان أن تنسحب قوات الأمم المتحدة من الجنوب بأسرع وقت ممكن، ليس فقط لأنها لا تقوم بأي دور فعال تحت الفصل السادس، بل لأنها قد تشكل ورقة ضغط دسمة بيد النظام السوري من أجل ممارسة المزيد من الضغط والإبتزاز".

وختم: "ها هو الربيع العربي وعلى الرغم من جميع الثغرات التي لا بد أن تواكب كل نظام جديد بسبب انتفاء خبرة الثوار بإدارة الموازين، سوف يصل بنهاية المطاف إلى إرساء نظام الديموقراطية الحقيقية. لا بد في النهاية ومهما طال الزمن، من الحق ان ينجلي وتتكرس بالتالي الديموقراطية". كالعادة في مثل هذه المناسبة، وعملا بقول الامام علي "ان حب الاوطان من الايمان"، أود ان اطلب منكم ان ترددوا بصوت عال هذا القسم:
"نحن شيعة لبنانيون
كرامتنا من كرامة لبنان
حاضرنا ومستقبلنا في لبنان
ولاؤنا وانتماؤنا فقط للبنان
عشتم ، عاش الحسين بشجاعته وكرامته ونضاله في كل واحد فينا،
عاش التشيع الحقيقي، تشيع اهل البيت ليعيش لبنان".  

السابق
نصر الله يطل بين مئات الالاف في ملعب الراية: متمسكون بسلاح المقاومة ونزداد عددا وعتادا
التالي
لبنان بلا سياسة خارجية