أسباب إنتفاخ الحجم القطري؟

يتساءل كثيرون عن سرّ قطر والدور الكبير الذي تلعبه رغم صغر المساحة وقلة العدد السكاني الذي لا يتجاوز حياً من احياء مدينة شبرا المصرية، أو حلب السورية. فضلاً عن غياب الحضارة، بل حتى الدولة بالمعنى الكامل للكلمة والفعل.
ولم تقف حدود التساؤلات عند العرب، فالغرب ووسائل إعلامه تستوقفه هذه الظاهرة، رغم أن دوائره السياسية والإستخباراتية تدرك تماماً الأسباب الكامنة وراء هذا الحجم المنتفخ ومن يغذّيه.
تلك النفخة القطرية ترد تارة إلى أسباب إقتصادية لها علاقة بالغاز والنفط، وتارة أخرى إلى حالة التبعية للولايات المتحدة الأميركية وقواعدها العسكرية المنتشرة في الدوحة، وطوراً إلى غياب اللاعب السعودي عن مسرح الحوادث العربية الأخيرة. أو ترد إلى شخصية رئيس وزرائها ووزير خارجيتها حمد بن جاسم بما يملك من دهاء وقدرة على التسويق والإقناع بالأفكار "الشيطانية".
إلاّ أن السبب الرئيسي لهذا الانتفاخ، والدور المناط بها كصندوق بريد سريع يعود على ما يبدو إلى ما كشفه الدبلوماسي "الإسرائيلي" سامي ريفيل الذي لعب دوراً بارزاً في "الموساد" لسنين طويلة، فضلاً عن توليه إدارة مكتب المصالح "الإسرائيلية" في الدوحة،

فظهرت الحقيقة القطرية على لسانه عارية من كل التسويف والتجميل سواء عبر الأنامل "الحمدية" أو بلسان "الجزيرة" وشهود «عيانها» الزور.
تكمن أهمية الكتاب الذي يحمل عنوان" قطر و «إسرائيل» ملف العلاقات السرية" الصادر بنسخته العريية عن دار نشر «جزيرة الورد» في القاهرة بأن مؤلفه سامي ريفيل هو أحد أبرز مهندسي التطبيع بين "إسرائيل" والعديد من الدول العربية، وقد عمل مديراً لمكتب مدير عام وزارة الخارجية "الإسرائيلية" وترأس الفريق الذي كانت مهمته دفع علاقات التطبيع الرسمية الأولى بين "إسرائيل" ودول الخليج العربي، وتنمية التعاون الاقتصادي الكيان الغاصب والعالم العربي بأسره. وفي السنوات الأخيرة ترأس سامي ريفيل قسم العلاقات «الإسرائيلية» مع حلف الناتو في وزارة الخارجية «الإسرائيلية». هذا "الناتو" الذي تقود قطر مسرح عملياته الليبي.
اختار الدبلوماسي – الأمني "الإسرائيلي" الولوج الى أسرار العلاقة "الإسرائيلية" _ القطرية من بوابة القواعد الأميركية الموجودة في قطر، والتي تعد عاصمة القواعد العسكرية الأميركية ليس على مستوى الشرق بل في العالم بأسره. ففهم العلاقة بين دول العالم، وخاصة العرب و "اسرائيل" غير ممكن بحسب ريفيل إلاّ من البوابة الاميركية.وهذا تحليل منطقي وسليم. 
يستشهد ريفيل في كتابه بالتصريح الأول الذي أدلى به الأمير القطري لقناة «إم بي سي»، بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه الحكم، ويقول فيه: «هناك خطة لمشروع غاز بين قطر و"إسرائيل" والأردن يجري تنفيذها»، وطالب الأمير بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض من جانب العرب على "إسرائيل".ومن مدخل القواعد العسكرية الأميركية والانفتاح الإقتصادي على "إسرائيل" بدأت العلاقة، وفتح ملف إحدى أقوى علاقات الصداقة "الإسرائيلية" مع دولة عربية.فرغم اتفاقية "كامب ديفيد" بقيت العلاقات "الاسرائيلية" – المصرية خجولة التطبيع.
اما دول الخليج، وبخاصة السعودية، فكانت تخشى تسريب أي خبر عن لقاء بمسؤولين "اسرائيليين" واي شكل تعاون وتنسيق مع الصهاينة. فيما انبرى "الحَمَدان" بإتجاه علاقة مفتوحة على كل المستويات، من الاقتصاد الى الأمن فالأدوار السرية النتنة.

يؤكد ريفيل صعوبة نسج العلاقات القطرية – «الإسرائيلية» التي شارك فيها هو بنفسه، لولا المساعدة التي حظي بها من مسؤولين كبار في قصر الأمير ووزارة الخارجية القطرية وشركات قطرية كبرى خاصة وزير الخارجية حمد بن جاسم الأكثر حماسة لتلك العلاقة وتطويرها.
ويكشف ريفيل أن التوترات التي شهدتها العلاقات المصرية – القطرية ترجع إلى الضغوط التى مارستها مصر على قطر لكبح جماح علاقاتها المتسارعة باتجاه "إسرائيل"، بسبب قلق القاهرة على مكانتها الإقليمية من الناحية السياسية، وخوفا من أن تفوز الدوحة بصفقة توريد الغاز لـ «إسرائيل» بدلا من مصر، وهي الصفقة التي كانت وما زالت تثير الكثير من الجدال فى الأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية أيضا. ويشيد الدبلوماسي "الإسرائيلي" بالشيخة موزة، قرينة أمير قطر، واصفا إياها بأنها باتت السيدة الأكثر تأثيراً في العالم العربي، متفوقة بذلك على كل زوجات الرؤساء والملوك العرب.

يكشف ريفيل على الدور الكبير الذي لعبته قطر في تشجيع دول المغرب العربي على الانفتاح حيال "إسرائيل" تحت عناوين إقتصادية علنية وأمنية سرياً.
ويعود ريفيل إلى أيلول 1994 حين أعلن مجلس دول التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في "إسرائيل" أو معها، وتلت ذلك إقامة علاقات بين "إسرائيل" وهيئات ومؤسسات وشركات طيران عربية، مثل الخطوط الجوية الأردنية «رويال جوردنيان»، و«غلف إير» ومقرها في البحرين، والخطوط الجوية القطرية، وغيرها من الشركات التى خففت من القيود المفروضة على المسافرين والبضائع القادمة من «إسرائيل» إلى الدول العربية. وكلها برعاية قطرية!.
يذهب ريفيل في كتابه إلى الحديث عن تحريض قطري على السعودية والإمارات لدى "إسرائيل"،مستشهداً بالاتفاق القطري – "الإسرائيلي" لإقامة مزرعة حديثة تضم مصنعا لإنتاج الألبان والأجبان اعتمادا على أبحاث علمية تم تطويرها فى مزارع "إسرائيلية" في وادي عربة، لأجل منافسة منتجات السعودية والإمارات.
لم يعد سراً انتفاخ الدور القطري في المنطقة، ولم يعد مستبعداً نيل رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم – المهندس للعلاقات "الإسرائيلية" – القطرية جائزة "نوبل" للسلام!. أما مونديال 2022 في الدوحة فجزء من الحكاية……ولنا تتمة.  

السابق
الأخَوان مبارك:تفاصيل حادثة الأشرفية
التالي
نتنياهو: حفظ أمننا هو الاساس… فبدأنا مع اميركا الحرب السرّية على إيران