مِنْ حَمَد إلى سورية مع تحيات “نوبل”

 تتسارع الخطوات التصعيدية تجاه سورية من عربٍ طالما تثاقلت مواقفهم تجاه العدو "الإسرائيلي"… ساعات ومُهَل ومواقيت تصاحب الحرب الإعلامية المكشوفة، ويجري تصوير المسألة وفقاً للسيناريو المرسوم: فتوقيع "البروتوكول العربي" هو الحل السحري للأزمة، وما على سورية سوى الامتثال.
على أن السؤال المطروح: هل إرسال مئات المراقبين المجهولين، الملتبسة مهمتهم، يشكل نهاية الحرب الكونية المفتوحة على سورية؟ هل الازمة "انسانية" كما يجري تصويرها أم انها إرهاب منظم مدفوع الأجر؟ هل الأزمة في الحاجة الطبيعية الى الإصلاح أم إنها مخطط لقلب النظام وتغيير بوصلته السياسية ومنظومته المقاوِمة؟ أليس جلياً الاستهدافُ الممنهج لدور سورية القومي والاقليمي، والتوظيف الخبيث لما يجري في محاولة لِلَيّ ذراعها وكسر ظهرها؟ أليس مجلس اسطنبول خطوة هجينة يراد تأصيلها حتى تمس كينونة سورية وسيادتها وهيبتها التاريخية، كما جاء في بيان عائلة غليون الاستنكاري لعقوق "برهانها" التائه بين باريس وتركيا؟
لا ريب في أن سورية ستستمر في إيضاح موقفها سياسياً ودبلوماسياً باعتبار أن السياسة فنّ الممكن، ولأن ثمة معركة سياسية وإعلامية طاحنة تستدعي اليقظة والمتابعة والمبادرة وحماية الثوابت. ولا بدّ من تفعيل دور السفارات السورية في الخارج لوضع الأمور في نصابها أمام الرأي العام الخارجي وأمام وزارات الخارجية أيا تكن المواقف المسبقة لحكومات تلك الدول المنتشرة على مساحة الكرة الأرضية. وقد جاء قرار الحكومة السورية بمعاقبة النظام التركي عملا بمبدأ المعاملة بالمثل صفعة قوية للحلم الامبراطوري العثماني.
يبقى أمر خطير لا مناصَ من الاضاءة عليه في خِضمّ المواجهة الحاصلة على ضفاف الانتصار الذي حققه محور الممانعة والمقاومة في المنطقة، والذي يرتسم مشهده الأحدث في الاندحار الأميركي من أرض العراق، وفي كون الغالبية الساحقة من السوريين قد تحولت الى درع تحمي الوطن وتسيّجه بالموقف المتشبث بالسيادة الوطنية والإصلاح المنشود، وبرفض التدخل الخارجي وإحالة الجامعة العربية إلى حصان طروادة "أخويّ" يحاضر بالحرص ويمارس السلبية، يبشّ وجهه في الحضور لكنه في الغيبة يستلهم الغدر ويطعن في الظهر. هذا الأمر يفصح عنه لهاث الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وراء جائزة "نوبل" السويدية للسلام، وتجريده حملةً كثيفة من الاتصالات في أميركا وأوروبا لنيل الجائزة "المعنوية" التي نالها قبله أنور السادات بسبب خيانته، كما نالها مناحيم بيغن وشيمون بيريز وإسحق رابين لاجرامهم المتناهي وولوغهم في دماء شعبنا واغتصاب أرضنا ومصادرة حقوقنا وانتهاك كرامتنا: من فلسطين الى لبنان، ومن الجولان الى أرض الرافدين التي اعتبروا احتلالها وتدميرها ثأراً لهم من سرجون ونبوخذ نصّر والسبي البابلي الكبير.
هنيئاً للشيخ حمد بهذا الحلم القطريّ الغامر… هنيئاً له وللجامعة العربية التي يرأس بالدور الشريف الذي يلعبه تسديداً لثمن الجائزة التي تمنحها استوكهولم، وتوعز بها واشنطن، وتطبخها تل أبيب.
 

السابق
نهضة عاشوراء: بناء وطن وليس طائفة
التالي
رسالة عربية واضحة لدمشق