حوار ومساءلة بين الجمعيات والوزارات المعنية بتنفيذ القانون 220/2000

 «كل عام وأنت بخير»، عبارة رددها مئات الأشخاص المعوقين في يومهم العالمي، أمس الأول. ضمتهم الباحة الخارجية وبهو قصر الأونيسكو في بيروت، وتوزع قسم منهم على معرض البلديات والهيئات والجمعيات والمنظمات الحقوقية المعنية بقضاياهم، قبل أن ينتقلوا إلى المسرح، الذي لم يتمكن عدد كبير منهم من التموضع على كراسيه، لكونهم من مستعملي الكراسي المتحركة، فتوزّعوا حيث استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. محطة سنوية للبحث في الحقوق، انطلقت شرارتها مع الرعيل الأول لحركة الإعاقة في لبنان قبل ثلاثة عقود، تزينت في الاحتفالية التي دعا إليها «تحالف جمعيات الأشخاص المعوقين»، بالمرسوم التطبيقي الثالث للقانون 220/2000، الذي حمله وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور إلى الاحتفالية، بعد رحلة 11 عاماً على صدور القانون. ذلك فيما يطوي الأشخاص المعوقون سنة أخرى بانتظار تصديق البرلمان اللبناني على الاتفاقية الدولية حول حقوقهم، وبروتوكولها المرفق، والتي استمرت رحلة انتظارها على أبوابه خمس سنوات. وتميزت الاحتفالية كذلك، بجلسة حوارية مع الوزراء المعنيين بتطبيق التشريعات، لم تخل من انتقادات لاذعة لوزاراتهم.
ورعى أبو فاعور «الاحتفالية الوطنية الكبيرة»، التي نظمها «التحالف» تحت عنوان «الدمج حقنا»، بحضور ومشاركة وزراء العمل والعدل والتربية شربل نحاس، وشكيب قرطباوي وحسان دياب، وممثل وزير الصحة ميشال كفوري، والسفير الإسباني خوان كارلوس غافو، والنائب غسان مخيبر، والمدير العام لـ «التنظيم المدني» الياس الطويل، وممثل نقيب المهندسين راشد سركيس، ورؤساء، وأعضاء جمعيات المجتمع المدني، وممثلين عن منظمات دولية.
في الاحتفال، تناوب ممثلو المنظمات والجمعيات على تناول حقوق الأشخاص المعوقين، متوقفين عند أهمية تصديق البرلمان اللبناني على الاتفاقية الدولية، فدعت المديرة العامة للبرامج في «اتحاد المقعدين اللبنانيين» سيلفانة اللقيس إلى جعل المناسبة «محطة لتقييم الواقع وإعلان الإنجازات وتجديد الإرادة، للتخطيط لمستقبل افضل»، مؤكدة أن «المعيار في التقييم هو مدى تطبيق حقوق الإنسان»، ولافتة إلى مرجعية الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين». وتحدّثت رئيسة «الجمعية اللبنانية للمناصرة الذاتية» فاديا فرح عن «مشكلة تاريخية مزمنة مرتبطة بحقوقنا الأساسية، ما أدّى الى وجود قضية دائمة يحملها ويتحمّلها الأشخاص المعوقون»، مؤكدة أن «من يمثلنا هم فقط جمعيات الأشخاص المعوقين وجمعيات أهالي الاشخاص المعوقين». وكانت كلمة باسم «جمعية أولياء الصم» ألقتها زينب فارس، التي قالت: «كي لا تبقى الحقوق شعارات ويبقى الاشخاص المعوقين يرزحون تحت الظلم والعزل والتهميش، لا بد من ضمانات وخدمات»، معتبرة أن «ترجمة الحقوق من شعارات إلى ضمانات يتطلب وجود تشريعات تحمي الحقوق وتكفل وصولها إلى أصحابها». ولفتت رئيسة «الجمعية اللبنانية لتثلث الصبغية 21» هناء سالم، أن «لكل منا قدرات محددة، كما لكل منا حدود ترسم إطار عملنا ومهنتنا، وما الاحتياجات الخاصة سوى رؤية أخرى للقدرات والحدود، تحتاج إلى من يدرك كنهها ويصنفها في إطار مهني خالص ولا يخلق منها عائقاً». واعتبر رئيس «جمعية الشبيبة للمكفوفين» عامر مكارم عن أن «قضايا مجتمعنا هي قضايانا، نعيشها، نفكر بها، نساهم فيها ونتأثر بها»، لافتاً إلى أن «حقوق الإنسان لا تتجزأ ولا تكون لفئة دون سواها». وأشار منسق «هيئة الإعاقة الفلسطينية» جمال الصالح إلى أن «الفلسطينيين في لبنان يطمحون في الحصول على حقوقهم المدنية في مختلف المجالات». وقال: «نحن في المخيمات البائسة والظروف الاجتماعية الصعبة والنقص الحاد في كل شيء، من الصعب أن نرضى النقص في الكرامة الإنسانية بسبب الإعاقة».
ولفت أبو فاعور إلى أن المطلوب «منظومة حقوق لأصحاب الإعاقة في لبنان، لا تخضع لأحد وتؤمن حقوق المعوقين وكرامتهم»، مشيراً إلى أن «الوزارة لا تتحدث باسم أصحاب الإعاقات، الدولة برمتها لا تستطيع ان تتحدث باسمهم إلا عندما تقوم بواجباتها تجاههم، ولا اعتقد أنهم حينها سيمانعون أن تنطق الدولة باسمهم». أضاف: «نظام الرعاية المعمول به حالياً هو نظام متخلف، وعفا عليه الزمن ويجب تحديثه، هناك الكثير من القضايا حتى اللحظة وهناك إعاقات كثيرة غير مصنفة. مطلوب مني أن أغير نظام الرعاية وأنا آمل في وقت قريب أن نستطيع ان نعلن بأننا أنجزنا نظام رعاية مختلفاً عن نظام الرعاية المعمول به حالياً». وحول الاتفاقية، لفت إلى أنها «عالقة نتيجة النزاعات السياسية، والقانون الذي يتعلق بها عالق من ضمن 69 مشروع قانون»، آملاً «أن نجد في وقت قريب جداً مخرجاً للأمر. في وقت قريب جداً أن نذهب بالاتفاقية إلى مجلس النواب لإقرارها».
وكما وعد قبل أيام، حمل أبو فاعور بين يديه إلى المحتفلين المرسوم التطبيقي الثالث للقانون 220/2000، وقال: «استطعنا أن ننجز المرسوم التطبيقي لمعايير ومواصفات البناء بعدما تم إقراره في المجلس الأعلى للتنظيم المدني. وحظي بموافقته، وبموافقة وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي، ثم بعد توقيعه مني كوزير للشؤون الاجتماعية، وتمت الموافقة عليه بالأمس في مجلس شورى الدولة، وحظي بموافقة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، لذلك في اليوم العالمي للإعاقة، بكل احترام لكل نضالاتكم والصبر الذي أبديتموه، أتشرف بان أقدم اليكم المرسوم التطبيقي بعدما أنجز». أبو فاعور، الذي قوبل بتصفيق المحتفلين، تعهد أن «بطاقة الإعاقة لن تكون بعد اليوم، خدعة إضافية لأصحاب الاعاقات، وستكون بطاقة حقوق يتم التزامها في كل إدارات الدولة».

حوار ومساءلة

وبعد احتلال الوزراء طاولة من جهة، وممثلي الجمعيات والمنظمات طاولة أخرى من جهة ثانية، انهالت الأسئلة على منسق الجلسة مكارم، لتتحول إلى طريقة «برايل»، قبل أن يطرحها باسم الحضور. وعقدت طاولة الحوار، بمشاركة أبو فاعور، وقرطباوي، ونحاس، ودياب، الذين ردوا على أسئلة الحضور، فاعتبر نحاس أن «منظومة القوانين المتعلقة بأي بلد تتخذ الإجراءات التي تكرس مستحقات معينة، تبقى كلاماً دون جدوى، إذا لم يترجم برصد الإمكانيات الفعلية المتصلة بالمواطنين المعوقين»، لافتاً إلى أن ذلك «يعمّم على مختلف الحقوق التي تكرسها المعاهدات والقوانين المتعلقة بإلزامية التعليم ومجانيته». ولفت دياب من جهته، إلى توجه التربية نحو «توسيع قاعدة الاستقبال في المدارس الرسمية على مبدأ تكافؤ الفرص، تحسين جودة التعليم الأساسي ونوعيته للحدّ من الاعادة والتسرب، إرساء آليات للتعويض عن القصور المرتبط بالامكانات المتاحة لمختلف البيئات العائلية، لا سيما للشرائح الاجتماعية الأضعف والمهمشة»، معتبراً أن «الإشكاليات القائمة بالنسبة إلى المسائل الأكاديمية هي من هم ذوي الاحتياجات الخاصة؟ ما هو الدمج؟ كيف نعرفه وما هي حدوده؟ هل ندمج، ومن ندمج، ومتى ندمج واين ندمج؟». وأشار إلى إنجاز الوزارة لخطة عمل إنقاذية للنهوض بقطاع التربية والتعليم ادرجت موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة في صلب اهتماماتها.
وشدد قرطباوي على «مسألة الدمج التي ليست منة من أحد بل حق»، لافتاً إلى أن «القانون 220 لا يطبق كما يجب ونحن كمسؤولين لا نعمل كما يجب»، مشيراً إلى «وجود ثلاثة معوقين موظفين في وزارة العدل وفي المحاكم»، معرباً عن اعتقاده أن «وزارة العدل مثلها مثل أي وزارة لها دورها في مجال حقوق الأشخاص المعوقين». 

السابق
صيدا تتجاوز قطوع الفتنة.. بعد استنفار المرجعيات
التالي
إضـراب لمتعـاقـدي «الثـانـوي» الأربعـاء