الحرب الأمنيّة والاستخباريّة تشهد فصولاً جديدة

يبدو أن الحرب الأمنية والاستخبارية بين حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة والاستخبارات الأميركية (C.I.A) والموساد الاسرائيلي من جهة أخرى ستشهد فصولاً جديدة في الأيام المقبلة، سواء من خلال كشف مجموعات جديدة من العملاء في لبنان وايران، أو من خلال تغيير وتطوير وسائل العمل الأمني والاستخباري بعد استيعاب الضربات التي تعرض لها «الموساد» و«السي. أي. إي» في السنوات الماضية والتي اعترف المسؤولون الأميركيون والاسرائيليون بخطورتها وانعكاساتها السلبية على أدائهما.
وتؤكد مصادر مطلعة «ان الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية والاسرائيلية تعمل كل فترة لتطوير وسائل عملها إن من أجل تجنيد عملاء جدد أو من خلال استخدام تقنيات جديدة في العمل الاستخباري بعد حصول بعض النكسات والمشكلات في تجنيد العملاء وتشغيلهم».
والمعروف ان الحرب الأمنية والاستخبارية بين كل من حزب الله وايران من جهة والموساد الاسرائيلي والسي. أي. إي (C.I.A) من جهة أخرى، ليست جديدة، بل هي امتدت على طول الثلاثين سنة الماضية، أي منذ انطلاقة الجمهورية الاسلامية في ايران وتأسيس حزب الله في لبنان، حيث نفذت الأجهزة الاستخبارية الغربية والاسرائيلية عشرات العمليات لاستهداف قيادات ومسؤولي حزب الله وايران. وبالمقابل نجحت الأجهزة الأمنية التابعة للمقاومة أو للمؤسسات الرسمية في لبنان، وفي الجمهورية الاسلامية بكشف عشرات الشبكات الأمنية وتعطيل دور العملاء.
فما هي أبرز المحطات في الصراع الأمني بين حزب الله وايران من جهة وبين الأميركيين والاسرائيليين من جهة أخرى؟ وكيف سيتطور هذا الصراع في المرحلة المقبلة بعد كشف آخر المجموعات من العملاء؟
أبرز المحطات في الصراع
مصادر مواكبة للصراع الأمني بين حزب الله وإيران من جهة والأميركيين والاسرائيليين من جهة أخرى تتحدث عن العديد من المحطات الهامة التي مرت بها هذه المعركة سواء في ايران أو لبنان ومنها على سبيل المثال:
1- احتلال الطلاب الايرانيين لمركز السفارة الأميركية في طهران وكشف العديد من شبكات التجسس الأميركية، وبالمقابل نجاح الأجهزة الأميركية بالتعاون مع عملائهم في الداخل الإيراني في استهداف عشرات القيادات الدينية والسياسية في الجمهورية الاسلامية الإيرانية.
2- استهداف مقارّ السفارات الأميركية والقوات المتعددة الجنسيات وخطف بعض المسؤولين الأميركيين في لبنان.
3- كشف المجموعة الأمنية والاستخبارية التي قامت بمحاولة اغتيال المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله في 8 آذار 1985 والتي أدّت الى استشهاد عشرات المواطنين اللبنانيين وجرح المئات. وقد تبين ان هذه المجموعة كانت مرتبطة بالاستخبارات الأميركية ومُمَوَّلة من دول عربية وتنسق مع أجهزة أمنية لبنانية في ذلك الوقت وقد اعترف مسؤول الاستخبارات الأميركية آنذاك وليم كايسي بالمسؤولية عن هذه الجريمة.
4- الحرب الأمنية والاستخبارية المتواصلة بين حزب الله والمقاومة الاسلامية من جهة وبين الموساد الاسرائيلي من جهة أخرى والتي شهدت نقاطاً ايجابية لمصلحة الحزب والمقاومة، وبالمقابل نجح الموساد الاسرائيلي باستهداف العديد من قيادات المقاومة وأبرزهم الحاج عماد مغنية.
خامساً وليس أخيراً، كشف المجموعات الأخيرة من شبكات العملاء التابعين للاستخبارات الأميركية في لبنان وايران والتي لم يتم حتى الآن إعلان كافة التفاصيل، حيث من المتوقع ان يُعلن المزيد من المعلومات عنها في بيروت وطهران.
مستقبل الصراع
لكن هل سينتهي الصراع الأمني بعد اكتشاف المجموعات الأخيرة التابعة للاستخبارات الأميركية؟ وبعد النكسات التي تعرض لها الموساد الاسرائيلي في لبنان؟
المصادر المواكبة لهذا الملف تؤكد «ان الصراع الأمني والاستخباري سيستمر ما دام هناك صراع سياسي وعسكري، والعمل الأمني يزداد ويقوى في أوقات الهدوء العسكري لأنه تصبح هناك حاجة أكبر لجمع المعلومات والمعطيات تمهيداً للحرب الجديدة التي قد تشن في اللحظة المناسبة كما حصل عام 2006 في لبنان و2009 في غزة».
وتتابع المصادر «ان الأميركيين والاسرائيليين يعمدون دوماً لتغيير وتطوير أساليبهم لتجنيد العملاء واقامة شبكات التجسس وهم يستفيدون كثيراً من أجواء الصراع السياسي في أي بلد، اضافة الى استغلال الظروف الاقتصادية والاجتماعية لاختراق أي مجتمع».
وتعدد المصادر عدّة وسائل وأساليب يمكن أن يلجأ اليها الأميركيون والاسرائيليون لإعادة ترتيب أوضاعهم الأمنية والاستخبارية ومنها:
1- التركيز على الوسائل الالكترونية، والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات وتجنيد العملاء والتواصل معهم، وهذه الوسيلة هي أقل كلفة وخطورة من التواصل المباشر.
2- الاستفادة من دور بعض المؤسسات الاعلامية والانسانية والخدماتية لجمع المعلومات وارسال ضباط الاستخبارات تحت غطائها وذلك لإبعاد الشبهات عنهم.
3- اللجوء الى دول أخرى يمكن ان تشكل وسائط اتصال غير مباشرة سواء للتواصل مع العملاء أو للاستفادة من خدماتها الدبلوماسية والعملية، وتؤدي الدول الأوروبية وبعض دول آسيا دوراً مهماً في هذا الاطار كمحطات تواصل أو لاعطاء التأشيرات للتنقل أو لاقامة علاقة مع بعض العملاء باسماء شركات اقتصادية وتجارية وانسانية.
4- إعادة تشكيل شبكات جديدة بعد تلافي الأخطاء السابقة واحتراق العملاء وان كان هذا العمل يتطلب بعض الوقت.
5- الاستفادة من الثُّغر في البيئات القريبة من المقاومة، وخصوصاً ظاهرة انتشار المخدرات أو الفساد الاجتماعي أو الظروف الاقتصادية الصعبة.
اذن، إنها حرب مفتوحة ولن تنتهي باكتشاف مجموعة عميلة أو شبكة تابعة للاستخبارات الاسرائيلية أو الأميركية ولعل المرحلة المقبلة والصراعات التي تشهدها دول المنطقة كلها ستشكل فرصة مناسبة لازدياد الصراع الاستخباري والأمني في كل المجالات والميادين.

السابق
الاتصالات بين ميقاتي وبري تفضي باعادة العمل في معمل الزهراني
التالي
توقيف شخصين اعترفا باحراق سيارات في صيدا