اللحقّ عَ الطليان…

تساءلنا أمس، بعد طيّ صفحة تمويل المحكمة، البلد إلى أين، إلى أي مأزق؟
قبل أن يطلع الضوء على السؤال كان الجواب قد ملأ الشاشات والصفحات والأحاديث ومن أعلى المنابر في ضفة 8 آذار.
وإذا بنا أمام عودة مستجدّة إلى التِرِلَم تِرِلَم، مزوَّدة رزمة حرزانة من الملفات التي تنده على الاشتباكات السياسيّة لتلبّي نداء العودة إلى الساحة اللبنانيّة.
لا مهادنة. ولا استراحة محارب لهذا البلد المسكين. من قطوع إلى آخر. ومن مأزق إلى مشكلة معقّدة. ومن ملف مالي، مثلاً، إلى ملف "شهود الزور" بعد نفض الغبار عنه وتحضيره في حلّة جديدة ليكون "نجم" المرحلة، مرفقاً بدزينة من ملفات المطالب المطبوع عليها اسم رئيس "تكتّل التغيير والإصلاح".

ومن هناك إلى مسلسل القضايا التي لا تدع اللبنانيّين يعرفون الطمأنينة، ولا تسمح للبلد المشلول بفرصة خاطفة من الاستقرار. أو بهنيهة تخلو من رسائل التهويل، وأصوات التهديد، والرسائل التي لا تترك مجالاً لأي تفاؤل او توهّم بالتغيير والهدوء النسبي.
كان متوقّعاً أن يطلّ أركان 8 آذار بـ"هديّة" تشويش جديدة، تطيِّر كل أوهام الارتياح التي أشاعتها خطوة التمويل، التي كان "حزب الله" و"التيار العوني" على علم بكل تفاصيلها ودقائقها.
لكن ذلك كلّه لا يعني السماح للحكومة أن تتوكّل، وتشمِّر عن ساعديها، وتنزل إلى ميدان المشاريع والعمل والانتاج والانجاز، وخصوصاً بعد ملامح "الطَفَر" التي بدأت تنتشر على نطاق واسع، حتى على صعيد المؤسّسات الماليّة الكبرى.
إنما على مَنْ تقرأ مزاميرك؟

يُفلّس الناس، تُفلّس المؤسّسات، يُفلّس البلد؟ فخّار يكسّر بعضه…
الجماعة موّالهم مختلف، وبعيد. وفي مقدّم برنامجهم الأساسي عدم السماح للبنان بأي فترة أو فسحة من الرواق والاستقرار.
وما أن تلوح في أفقه بارقة أمل، وما أن يسمعوا أن مؤسّسات عربيّة وأجنبيّة، وأصحاب رؤوس أموال، ومستثمرين يتوجّهون زرافات ووحدانا نحو بيروت، حتى تبدأ الرسائل. وبمختلف وسائل التخويف وتثبيط العزائم.
ليست المرّة الأولى. ولن تكون الأخيرة.

فكلّما داويت جرحاً سال جرح. وكلما عالجت أزمة، ولو بحجم تمويل المحكمة، تطلّ على البلد أزمة الحصص والمناصب في التشكيلات والتعيينات، ووفق لائحة مسبقة غير قابلة للتفاوض او التعديل. لا بالنسبة إلى الأسماء، ولا من جهة المواقع والمراتب.
يوم اضطر الرئيس بشارة الخوري إلى الاستقالة زاره باكراً مارون عرب، مؤكّداً أن لا علاقة للانكليز بالأزمة، لا من بعيد ولا من قريب.
فأجابه الشيخ بشارة مبتسماً: بعرف. الحق عَ الطليان.  

السابق
“BSP”.. شوارع المدن ملك عدساتهم
التالي
تحليق للطيران الاسرائيلي فوق البقاع وبعلبك