إسرائيل لن ترد!

تجاوبت القيادة الفلسطينية مع ما طلبته اللجنة الرباعية، وقدمت موقفها في شأن ملفي الحدود والامن. والموقف الفلسطيني لا يحمل جديدا غير معروف، لان موقفها يرتكز على خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران / عام 67، والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. وضرورة تواصل الدولة الفلسطينية جغرافيا بين جناحي الوطن، وفي السياق، أكدت موافقتها على نسبة تبادل لا تزيد عن 1,9% من الاراضي متوافق عليها مع الجانب الاسرائيلي. وفي الجانب الامني لم تضف جديدا لما هو معروف، فهي ملتزمة بما يطلق عليه نزع الاسلحة، لاسيما وانه لا يوجد لديها اسلحة، ولا تريد ان تشكل جيشا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، وقوات الامن الوطني والشرطة والاجهزة الامنية تعتمد على الاسلحة الفردية الخفيفة لضمان الامن في اوساط المواطنين، كما وافقت على وجود قوات فصل دولية بغض النظر عن جنسيتها، ولكن مرفوض ان يكون بين صفوفها إسرائيلي يهودي واحد، تتمركز في الخط الفاصل بين الدولتين. وايضا هناك موافقة مبدئية على وجود نقاط إنذار أمنية تشرف عليها قوات اميركية ومن الناتو.
هذا التجاوب جاء في الوقت الذي تدرك فيه القيادة الفلسطينية إن اللجنة الدولية الرباعية، لم تعد مؤهلة لتحقيق اية خطوة جدية في اختراق الاستعصاء الاسرائيلي, فضلا عن أن الطلب من طرفي الصراع تحديد وجهتي نظرهما في الملفين المذكورين سابقا، ليس سوى استنزاف للوقت، وشكل من اشكال الالهاء للشارع الفلسطيني والعربي وللرأي العام العالمي، وإيهام الجميع، بأن عملية التسوية تتحرك ولو ببطء. واثبتت التطورات والموقف الاسرائيلي الذي اعلنه، مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي، إسحق مولخو، من ان إسرائيل لن تقدم ردا للرباعية حول ملفي الامن والحدود, وانها ستقدم ذلك في المفاوضات المباشرة,الامر الذي يدلل مرة جديدة، أن حكومة اليمين الصهيوني المتطرف ليست مستعدة للتجاوب مع التوجهات الدولية. لانها تريد إعادة الفلسطينيين الى المفاوضات المباشرة، من اجل المفاوضات دون تقديم اي استعداد او جاهزية بالالتزام باستحقاقات التسوية السياسية على اساس خيار حل الدولتين على حدود 67، كما انها ليست مستعدة لوقف البناء الكامل في المستوطنات الاستعمارية في الاراضي المحتلة عام 67 وخاصة في القدس الشرقية، وهو ما يعني ضرب ركائز التسوية السياسية.
هذا الموقف المعلن والمعروف من قبل اقطاب الرباعية الدولية لن يقابل باية خطوات جدية من زعماء اللجنة الدولية، وهو ما يعني شاءت اقطاب الرباعية ذلك او لم تشأ، شكلا من اشكال التواطؤ مع الحكومة الاسرائيلية، واستنزافاً لخيار حل الدولتين للشعبين، لان إسرائيل لم توقف البناء في المستوطنات الاستعمارية، فأول امس اعلنت عن عطاء لبناء (100) وحدة جديدة في القدس، بالاضافة لعطاءات أخرى.

مرة جديدة يقول المرء، إذا ارادت اللجنة الرباعية تحمل مسؤولياتها الدولية تجاه عملية السلام، وترغب فعلا لا قولا بالارتقاء الى مستوى المسؤولية السياسية والقانونية والاخلاقية تجاه إيجاد حل مشرف للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، عليها ان تعيد النظر في آليات عملها وتعاطيها مع دولة الاحتلال والعدوان، واستخدام سلاح العقوبات السياسية والاقتصادية والامنية ضد حكومة اسرائيل لالزامها بالتراجع عن مواقفها العبثية الاستعمارية. وإن كانت غير قادرة على ذلك، ولا تستطيع تجاوز الفيتو الاميركي في هذا الشأن، عليها ان تعترف بفشلها وعدم قدرتها على تحقيق التسوية، وليست مؤهلة، وفي الوقت ذاته تعلن ان الولايات المتحدة تقف حائلا امام رغباتها في إنجاز التسوية السياسية.
وان لم تفعل الرباعية ذلك، على القيادة الفلسطينية ان تمتلك الشجاعة السياسية والادبية، وتعلن عدم استعدادها للتعاون مع الرباعية لانها افلست، ولم تعد مؤهلة لتحقيق اي خطوة للامام في ملف الصراع، وتحمل اميركا المسؤولية المباشرة عن فشل التسوية لتساوقها مع اسرائيل على حساب المصالح الوطنية والقومية.  

السابق
فتـــرة تحـــول ســـريـع؟!
التالي
السيد نصرالله